منارة «الأيام» ومنابعها الأصيلة

> «الأيام» خالد حمدان مساوى :

> يكتسب ويكتسي الحديث عن الثقافة والمثقفين أهمية بالغة، فالفن والإبداع وجهان لعملة واحدة، فالفن يقوم بوظيفة إثارة الأحاسيس، وانتزاع الرغبة عند المبدع لتقديم فن راق بفهم متطور لجوهر الأشياء وأبعادها، ويبقى الفن شيئا خاصا بسبب كيفية تأثيره على الأحاسيس، وكذلك معارف الأفراد الذين يتأثرون به.

وقد وصف البريطاني (كرستوفر كولدول) الذي له اهتمامات وكتابات في علم الجمال وظيفة الفن بأنها إثارة الغرائز الإنسانية وتربية العواطف الإنسانية بكل تلوناتها الزاهية، فاستشراف رؤى المستقبل متعلق ومعتمد بدرجة أساسية على المبدعين والمثقفين والأدباء، لأن منطقهم يتعامل مع كل القضايا والمهام من منطلقات الإخلاص العميق، ومن ثم فالمسألة تزداد أهمية في دور الكاتب والناقد و المؤلف والشاعر والمخرج والمبدع بشكل عام تجاه مجتمعه المليء بالأحداث والأخبار الصاخبة.

ومن هنا أقف في عجالة مركزة وقفة استعراض لشخصيات ثقافية أدبية وإبداعية هي في حد ذاتها عالم مترامي الأطراف، شخصيات تأثرت بها كثيرا، وكانوا مثلا أعلى بالنسبة لي، أبدعت من خلال كتاباتهم على منارة صحيفتنا الأم صحيفة «الأيام» الغراء، وهم كثيرون، ويعتبرون ينابيع أصيلة أثروا نافذة (الفن والفنانون)، وكانت مقالاتهم وكتاباتهم بمثابة بحر كيفما غصت فيه تجد اللآلئ والجواهر والدرر، وأضافوا إلى ثقافتهم ما فاضت به مناهل الثقافة.

أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، مبتدئا بأكبرهم عمرا، المخرج التلفزيوني القدير محمد محمود السلامي الذي عرفته مخرجا من الطراز الرفيع، لما يمتلكه من خبرة وحنكة في فن الإخراج، فقد وجدته أستاذا في تعليماته وطريقة تعامله مع الممثل، عنده قدرة عجيبة ورهيبة في تحويل قلق الممثل ورهبته أمام الكاميرا إلى ثقة في النفس وثبات في الأداء، ومن حسن حظي- منذ أن فتحت عينيّ على الدراما التلفزيونية في المسلسل الكوميدي (حنتوش) من إخراج محمد محمود السلامي عام -1995 أنني عملت معه، وجسد شخصية (حنتوش) حينها الفنان القدير سالم العباب، وعملت مع المخرج السلامي عملين آخرين، الأول في عام 1999 في المسابقة العامة (ماهو الموضوع)، والآخر هذا العام 2008 (نوافذ من الشعر).. وأنا سعيد جدا أنني تتلمذت على يدي هذا المخرج المخضرم (أبو بسام).

ومن الشخصيات التي تأثرت بها أيضا الروائي والقاصي والكاتب والمؤلف المسرحي مختار مقطري، حيث قرأت له الكثير من القصص القصيرة واللقاءات الفنية والمقالات الفنية الرنانة التي لها وقعها عند القارئ الكريم، ولي معه محاولات وشرف التعاون في إخراج مسرحية من تأليفه، ولكن الأقدار دائما تقف حائلا بيني وبين أعمال هذه القامة الأدبية والمؤلف المسرحي الرائع، ومازلت أطمح في إخراج أحد أعماله المسرحية (إعدام عند الفجر) التي قرأتها مرارا وتكرارا، واستمتعت بهذا العمل المسرحي كثيرا، وتمنيت أن يكون لي شرف إخراجه على خشبة المسرح.

وشخصية أخرى تأثرت بها هو الناقد والكاتب المتجدد في مقالاته الفنية، من عاصمة الأحقاف، صالح حسين الفردي الذي ما إن تقرأ إحدى مقالاته الفنية إلا ويفرض عليك الانجرار معه حتى آخر كلمة من المقالة، تتمتع كتاباته بالإيجاز البلاغي وبالعفوية، وأسلوبه سهل تلقائي غير متكلف ومفتعل، تميزت كتاباته بالتجديد ما بين فن مسرحي وغنائي، ومقالاته ذات طابع اجتماعي وسياسي، عنده إلمام غير عادي بالفن وأسراره.

ومنهم كذلك الكاتب والناقد السعودي أحمد المهندس، حيث يمتاز بسلاسة الكلمات وبساطة المعاني كوحدة نغمية مترابطة، وأكثر ما شدني إلى مقالاته الفنية قلمه الجريء والصريح، والأكثر من ذلك اهتمامه وشغفه بالكتابة دوما عن الفن والتراث اليمني الأصيل، وكأنه رضع لبنا طبيعيا من ثدي التراث اليمني منذ نعومه أظفاره، إضافة إلى علاقاته المتميزة والمتينة بأدباء وشعراء وفنانين ومثقفين من أبناء اليمن الواحد.. فتحياتي وسلامي لك يا ابن المهندس أصالة عن نفسي وعن الفنانين والكتاب والأدباء جميعا من أرض اليمن السعيد.

* كاتب وممثل مسرحي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى