حكام مصر المعمرون ثابتون وسط الشدائد

> القاهرة «الأيام» جوناثان رايت :

> وسط طوفان الازمة المالية العالمية والتغيير في البيت الأبيض والصراعات المتعددة بدون حل في الشرق الأوسط يقف الرجال الذين يحكمون مصر بأقدام ثابتة كأنما لم يحدث تغيير يذكر.

وفشلت أربع سنوات من النمو القوي والتحرير الاقتصادي في رفع مستويات معيشة المواطنين الأشد فقرا واستمر تراجع النفوذ الإقليمي للبلاد في حين تمضي الحكومة قدما بدون أي التزامات خارجية.

وجنبا إلى جنب سارت وعود الانفتاح السياسي مع الاعتقال بدون محاكمة لأعضاء المعارضة ومحاكمة محرري الصحف المستقلين والمدونين.

لكن الصفوة الحاكمة رابطة الجأش تجمعت في المؤتمر السنوي للحزب الوطني الديمقراطي الذي بدأ يوم السبت وأنهى أعماله أمس الإثنين تحت شعار "فكر جديد.. لمستقبل بلدنا".

ومع ذلك بدت الأفكار والسياسات الجديدة شحيحة. بل إن المؤتمر لم يلق ضوءا جديدا على التكهن الطويل بمن سيخلف الرئيس حسني مبارك الذي يبلغ من العمر 80 عاما ويتولى رئاسة الدولة منذ 28 عاما.

وقالت المحللة السياسية ورئيس تحرير مجلة الديمقراطية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام الصحفية هالة مصطفى "كل المؤتمر... يعكس الاستمرار أكثر من التغيير وأظن انه سيستمر على هذا النحو."

وفي مؤتمر العام الماضي أصلح الحزب هيكله على نحو يجعل من المستحيل تقريبا على أي أحد إقامة دعوى أمام القضاء ضد حق السياسي جمال مبارك ابن الرئيس في ترشيح نفسه لمنصب رئيس الدولة إذا قرر أن الوقت حان لذلك.

لكن بدلا من اعطاء جمال مبارك دفعة اكبر نحو الرئاسة شهد مؤتمر العام الحالي نداءات من القاعة تطالب مبارك الأب بأن يسعى لفترة رئاسة جديدة مدتها ست سنوات في عام 2011. وسيجعل ذلك مبارك رئيسا إلى سن التاسعة والثمانين.

وقال مبارك لمتحمس حزبي صاح طارحا هذا الاقتراح "إن شاء الله."

ويمكن تفسير الرد إما بالأمل في ذلك أو نفيه كفكرة لا يرحب بها.

ويوم أمس الأول رفض جمال مبارك (44 عاما) وهو قيادي في الحزب الانجرار إلى القول إن والده يعتزم ترشيح نفسه مرة أخرى عام 2011 حين تنتهي فترة رئاسته الخامسة.

وقال "لا أعرف إن كانت مصر فريدة في هذا الموضوع. هذا السؤال يتكرر من بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة. هل هناك بلد أو حزب يحدد قبل انتخاباته بست سنين أو أربع سنين ويقول هذا هو مرشحي."

وأضاف "لا أعتقد أننا مطالبون (في وجود) ثلاثة أعوام قبل انتخابات (الرئاسة) بأن نرد على هذا السؤال بالشكل الذي تريدون منا أن نرد به عليه."

وقالت هالة مصطفى وهي عضو ساخط في لجنة السياسات في الحزب التي يرأسها جمال مبارك "أعتقد أنه إذا بقي مبارك على قيد الحياة (إلى عام 2011) فسيرشح نفسه مرة أخرى."

وصار جمال مبارك شيئا ثابتا في الصفحات الأولى للصحف التي تملكها الدولة خلال الشهور القليلة الماضية لكنه في هذه المرة كان في ثياب المتخصص الاقتصادي الذي يطمئن المصريين إلى أن البلاد يمكنها أن تخرج سليمة من الأزمة المالية العالمية.

لكن مؤتمر هذا العام لم يعط جمال مبارك حتى أقل دعم لسعيه الواضح لرئاسة أكبر دولة عربية سكانا.

وبقي التسلسل القيادي الحزبي على ما هو عليه بمن في ذلك الحرس القديم الذي يعتقد محللون أنه يعمل مثل كابح لخطط الحكومة الخاصة بدفع التحرير الاقتصادي قدما.

وعلى أي حال فإن هذه الخطط متوقفة في الأساس لأن السوق الراكدة لا تحفز على عمليات خصخصة جريئة يمكن أن تضيف إلى البطالة أو تقوي حجة المعارضة التي تقول إن الحكومة تبيع شركات الدولة بثمن بخس لتابعيها من رجال الأعمال.

وبعد تفاقم الأزمة المالية العالمية قال وزير الاستثمار محمود محيي الدين وهو أحد الليبراليين الاقتصاديين حول جمال مبارك إن مصر لم تكن " رأسمالية" في أي وقت وإن دوره هو إدارة ممتلكات الدولة وليس تصفيتها.

وركز الحزب في مؤتمر هذا العام على مفهوم "العدالة الاجتماعية" إحياء لخططه القائمة منذ وقت طويل والخاصة بالتعامل مع دعم الغذاء والوقود بحيث يصل إلى الفقراء مباشرة بدرجة اكبر.

لكن صورة الحزب والحكومة لدى المواطنين تعاني من مشكلات خطيرة بعد سلسلة من الاحداث المؤسفة هذا العام ومنها النقص في الخبز خلال فصل الربيع واضطرابات عمال الغزل والنسيج وانهيار صخري تسبب في مقتل اكثر من 100 من سكان منطقة عشوائية بالقاهرة.

وفي الشهر الماضي فقد الحزب وهو أقرب لشبكة تقوم على التعاضد المتبادل من كونه أداة للتعبئة السياسية ماء الوجه مرة أخرى بمحاكمة عضو بارز فيه متهم بدفع مليوني دولار لضابط شرطة سابق لقتل مغنية لبنانية في دبي.

وينكر قطب العقارات هشام طلعت مصطفى وهو أيضا عضو في مجلس الشورى التهمة ويقول إنه استضاف المغنية سوزان تميم لشهور طويلة في القاهرة كعمل إنساني وإنه عرض عليها الزواج في وقت من الأوقات.

وفي الساحة الخارجية فقدت مصر التي كانت ذات وقت قوة إقليمية مهيمنة بلا منازع دورها لمصلحة لاعبين جدد خاصة السعودية ومن هؤلاء اللاعبين أيضا قطر الدولة الخليجية الصغيرة التي نشطت كوسيط بين العرب.

وتقل رحلات مبارك الخارجية بصورة متزايدة. ولم يسافر إلى الولايات المتحدة منذ عام 2002. وليس لوزارة خارجيته سوى أثر ضئيل على النزاعات الإقليمية في العراق ولبنان كمثال.

وتفيد استطلاعات الرأي أن الحكومة المصرية قريبة من الولايات المتحدة وأوروبا أكثر مما يريد الشعب المصري.

ودافع جمال مبارك أمس الأول عن سياسة مصر الخارجية. وقال في إشارة إلى الشعور القومي والإسلامي الموجود في مصر إن هناك من يعتقدون أن أولويات الإصلاح تتطلب "مواجهة مع العالم الخارجي" ويؤمنون باللعب على عواطف الشعب بالشعارات. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى