مسميات (عبري - إسرائيلي - يهودي) في المصادر المسيحية والإسلامية

> ماجد عبدالرشيد:

> لقد تحدثنا في عدد سابق عن هذه المسميات في المصادر اليهودية ووجدنا أن كل تسمية منها تدل على معنى خاص، وتشير في الوقت نفسه إلى مرحلة تاريخية معينة، وهنا نتم ما بدأناه ونشير إلى هذه المسميات في المصادر المسيحية والإسلامية.

لقد استمرت تسمية يهودي في الاستخدام فنجدها مع بداية العصر المسيحي تدل على الدين والشعب الذي يدين باليهودية وقد استخدمت تسمية (عبرانيون) في بعض مواضع العهد الجديد، بل لقد حملت إحدى رسائل العهد الجديد عنوان (الرسالة إلى العبرانيين) أما بالنسبة لتسمية إسرائيل، فقد استخدمت في إحدى الرسائل المسيحية وفي مناسبات عديدة توحي بأن الإسرائيلي هو المسيحي تحقيقاً لفكرة حلول العهد الجديد مكان العهد القديم ومع كل هذه الاستخدامات للمسميات إلا أن تسمية يهودي هي التي سادت على التسميتين عبري وإسرائيلي على الرغم من عدم اختفاء التسميتين الأخريين.

وأما فيما يخص هذه المسميات في المصادر الإسلامية ولاسيما القرآن الكريم فنجد أن تسمية عبري لم يستخدمها القرآن الكريم ولم يشر إلى أية أحداث تاريخية أو عادات مرتبطة بهذه التسمية، هذا بالرغم من أن بعض الشخصيات القرآنية كإبراهيم وإسحاق عليهما السلام قد وصفا في المصادر اليهودية بالتسمية (عبراني)، حيث نجد أن القرآن لم يستخدم هذه التسمية مطلقاً معهما، حتى موسى عليه السلام لم يوصف بهذا الاسم لتمييزه عن المصريين. بعكس التوراة التي وصفت موسى بأنه رجل (عبراني) في حادثة نصره لأحد العبريين على واحد من المصريين وقتله إياه، حيث استخدم القرآن عبارة (هذا من شيعته وهذا من عدوه) للإشارة إلى العبري والمصري في الحادثة.

وعلى ما يبدو أن إحجام القرآن الكريم عن استخدام تسمية عبري على الرغم من إعطاء القرآن تاريخاً واضحاً لبني إسرائيل ولأوضاعهم الدينية هو أن هذه التسمية عند نسبتها إلى الشخصيات النبوية مثل إبراهيم وإسحاق وموسى عليهم السلام وإلى غيرهم من الأنبياء تجعل رسالاتهم تفقد عالميتها المنشودة وتجعل جوهر الدين الذي أتوا به يبتعد عن جوهر الإسلام الذي نسبه القرآن إلى كل الأنبياء عليهم السلام (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) فكلمة الإسلام نجدها تعبر عن خضوع واستسلام الإرادة الإنسانية للإرادة الإلهية من خلال الطاعة للإله الواحد الخالق.أما بالنسبة لتسمية إسرائيلي التي بدأت بتغيير اسم يعقوب عليه السلام إلى إسرائيل فنجد أن القرآن الكريم استخدم لفظ إسرائيل علماً على يعقوب مرتين، وقد استمر في استخدام اسم يعقوب في كل مناسبة يرد فيها ذكر يعقوب عليه السلام في القرآن الكريم. صحيح أن القرآن توسع في استخدام عبارة (بنو إسرائيل)، ولكن هذا الاستخدام لم يقصد به منح جماعة بني إسرائيل أية امتيازات في الجنس والعنصر.

ونستطيع أن نقارن هذا المسمى مع المسميات والمصطلحات التي استخدمها القرآن الكريم مع كثير من الأقوام، فعبارة (بنو إسرائيل) تكاد تشبه في هذا المقام عبارات قوم نوح- قوم هود- وغيره، بل إن القرآن استخدم عبارة (قوم موسى) في كثير من المواضع كبديل لتسمية بني إسرائيل، كما استخدم عبارة ذرية إسرائيل في موضع واحد وربما قد قصد ببني إسرائيل في البداية قوم إسرائيل أي قوم يعقوب، ثم اتسع هذا الاستخدام ليصبح عاماً على كل نسل يعقوب عليه السلام على الرغم من اختلاف الأنبياء فيهم وكثرتهم في نسل يعقوب وبدلاً من تكرار كلمة (قوم) مع كل نبي من أنبياء بني إسرائيل الكثيرين أوجز القرآن باستخدامه عبارة (بنو إسرائيل) وأنبياء بني إسرائيل، وذلك لأنهم لا ينتمون إلى نبي واحد حتى ينسبوا إليه بل ينتمون إلى عدد كبير من الأنبياء، ومن هنا جاءت هذه التسمية جامعة لهم ولأنبيائهم.

أما عن التسمية الأخيرة وهي (يهودي- يهود) فقد وردتا في القرآن الكريم بصيغة المفرد والجمع، حيث وردت بالمفرد مرة واحدة (ماكان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً) ويبدو من الواضح أن الآية الكريمة تنفي نسبة إبراهيم عليه السلام إلى اليهود والنصارى.

فإبراهيم وغيره من الشخصيات النبوية في نظر القرآن الكريم كما أشرنا هي شخصيات دعت إلى روح الإسلام ولم تدع إلى يهودية أو نصرانية، كما أن بعض الآيات القرآنية توضح رفض وصف أنبياء بني إسرائيل بأنهم يهود أو نصارى لقوله تعالى : (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله).

وقد وردت كلمة اليهود في الجمع في ثماني آيات قرآنية وكلها دلت على وجود هذه الجماعة التي تحمل هذا الاسم وورود اللفظ (يهود) في عدة آيات في القرآن الكريم لايعني قبوله لهذه التسمية، ولكن إنما هو تقرير لأمر واقع وإثبات للفظ تم استخدامه في التاريخ ليدل على هذه الجماعة.

باحث، عن/دراسات في تاريخ وحضارة الشعوب السامية القديمة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى