«الأيام» إذا مدحتها السلطة عليها أن تقلق

> د.محمد علي السقاف:

> منذ تأسيسها في عام 1958 من قبل عميد «الأيام» المغفور له محمد علي باشراحيل والصحيفة تنمو وتصمد بشموخ أمام جميع العواصف التي حاولت المساس بأسس القاعدة التي بنيت عليها «الأيام».

فقد غادر الاستعمار البريطاني الجنوب وهي واقفة على قدميها، وتوالت الحكومات والأنظمة في الجنوب والشمال منذ سبتمبر 1962م ونوفمبر 1967م و«الأيام» تزداد نموا وتوسعا وثباتا على قاعدتها الأساس التي قامت عليها.

وقامت الوحدة وأحد أطراف من حققها حُجب عن السلطة وهو الطرف الجنوبي، وبقى الطرف الآخر وحده محتكرا للسلطة، ولكن «الأيام» بقيت برغم ذلك تمثل صوتا قويا لمطالب وحقوق منشأ تأسيسها، فاعتقد البعض من (السذج) أنه كما استطاع إزاحة الشريك الأساس من الدولة، وهو كان يمثل دولة بمعنى الكلمة، فما بال الحال في التعاطي مع (صحيفة)، وهي مجرد صحيفة مكونة من عدة صفحات من الورق، وهو استطاع إزاحة وحدات عدة من الجيش والطيران.. أفلا يستطيع التعامل مع الورق؟

الإجابة عن ذلك تكمن في وصف مادلين أولبرايت قوة نفوذ محطة (سي إن إن C.N.N) الأمريكية بأنها تعتبر حسب وجهة نظرها العضو السادس من الأعضاء الدائمين (الخمسة) في مجلس الأمن الذين يتمتعون بحق الفيتو (حق الاعتراض)، فوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في حكومة كلينتون لم تصف محطة (C.N.N) بأنها واحدة من أعضاء مجلس الأمن الأحد عشر، بل جعلتها من بين الأعضاء الدائمين، وليس من بين الأعضاء المؤقتين.

فإذا كانت السلطة قد استطاعت بعد حرب 1994 تسريح جيش وأمن الجنوب، وأحالت نخبة المدينة إلى المعاش أو ضمن ما يسمى بحزب (خليك في البيت) فإنها لم تستطع أن تحقق النجاح نفسه في التهميش لصحيفة «الأيام» وبعض القوى النخبوية الجنوبية الأخرى، فالمهنية والاستقلال المالي عن السلطة، ودعم القراء وشعب دولة الوحدة لصحيفتهم المستقلة هي أمور مزعجة للسلطة التي تريد تطويع الجميع لإرادتها وهوى مزاجها المتقلب دون مراعاة أن أصل وجودها وشرعيتها يتمثل في طبيعة النظام الديمقراطي، وهذا النظام ليس هو فقط تنظيم انتخابات رئاسية أو برلمانية، وإنما هو في أساسه وجوهره الحرية؛ حرية التعبير وحرية الرأي، وهي ليست حرية استغلال الموقع لتشتم الآخرين، والحصانة التي خولوا بها من الدستور تجعلهم يشتمون كما يريدون ويبثون ثقافة الكراهية ضد الآخرين دون عقاب، في حين لو عبر الآخرون عن رأيهم في ذلك وكرد فعل يوضعون في السجون!. إنها خصوصية يمنية بالمفهوم الضيق للتعبير عن دولة القانون والحريات.

على «الأيام» أن تتذكر أنه لو تمت الإشادة بها من قبل السلطة عليها أن تقلق وتسأل عن الخطأ أو الأخطاء التي ربما ارتكبتها؟.. أما إذا انتُقِدت (وبالأصح شُتِمت) فمعنى ذلك أنها في الطريق الصحيح.

ولعل أفضل اختتام لهذه العجالة ما جاء في القرآن الكريم في إطار هذا السياق لموضوعنا من فقرات هذه الآية:(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم..).

هنا بمعنى لن تترك «الأيام» على حالها تتمسك بالحرية والدفاع عن الحق والمظلومين إلا إذا تبنت وجهة نظر من يدعون أنهم وحدويون، وهم في الأصل انفصلوا عن تطلعات الشعب إلى الوحدة والحرية والمساواة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى