> عبدالمجيد سعيد وحدين:
جاءت كارثة الفيضانات الأخيرة في حضرموت والمهرة لتضع حدا للجدل الدائر حول مسألة غياب الدولة في اليمن، فما حدث يؤكد في أحسن الأحوال، أن الدولة قد شطبت من قاموسها كل وظائف الدولة المتعارف عليها، وأبقت على وظيفتي القمع والجباية وأضافت إليها الفيد والسرقة، فعند الكوارث تتحرك الدولة (الطبيعية) عادة في اتجاهات رئيسية ثلاثة:
-1 الإنقاذ (أثناء الكارثة).
-2 الإيواء والإغاثة.
-3 التعويضات وإعادة الإعمار.
وإذا كان صحيحا أن إعادة الإعمار سيتطلب بعض الوقت للمسح والدراسات قبل الانتقال إلى التنفيذ، فإن المؤشرات كافة تشير إلى أن هذه المهمة لاتشبه هذه السلطة، وعلى المتشكك سؤال أهل ذمار، وإنا لمنتظرون.
أما في مجال الإنقاذ فيهمنا أن نشير بدءا إلى أنه ليس صحيحا أنه لم يكن بالإمكان التحرك أثناء الفيضانات، فالذاكرة الشعبية تحتفظ بسجل حافل يؤكد أن التدخل السريع في مثل هذه الحالات يشكل جزءا من ثقافة المنطقة، كما يثبت دوره الحاسم في إنقاذ الكثير من الأرواح والممتلكات.
فماذا فعلت دولتنا الموقرة؟.
في الجو: لم يتم رصد أية محاولة للإنقاذ، والمروحيات الوحيدة التي تحركت كانت مشغولة بركابها أكثر من انشغالها بوجع المواطن الذي ينتظر من يمد له يد المساعدة لا من يتفرج عليه في محنته.
في البر: شوهدت بضع معدات رسمية كانت تقوم بعمليات إنقاذ مدفوعة الأجر، وهذا كل شيء.
لقد كان لافتا، بقدر ما كان مستفزا، أن الأجهزة التي ظلت في حالة استنفار كامل على امتداد العام الماضي والأعوام التي سبقته لقمع أي تحرك سلمي قبل حدوثه، كانت وكأنها أصيبت بالشلل التام وقت الكارثة.
والمواطن الذي كانت تعد عليه أنفاسه، عبثا كان يحاول الوصول إليها، ولكن (لم يكن أحد هناك) والمشهد الوحيد الذي تكرر في كل المديريات كان مشهد (مواطنين ينقذون مواطنين).
أما حال الإغاثة فتختزله طرفة يتداولها الحضارم هذه الأيام تقول إن مسئولا كبيرا في المحافظة اتصل بمسئول كبير في صنعاء يقول له: بدأت (تنفنف) عندنا، قال له تصرف. بعد بعض الوقت عاود الاتصال: هناك أمطار غزيرة. أجابه: تصرف. في المرة الثالثة قال له: هناك سيول هائلة ومدمرة في كل المديريات. أجاب: تصرف. في الاتصال الرابع أبلغه: بدأت تصلنا بعض المساعدات ومواد الإغاثة.. قال له: وقف كل شيء، أنا قادم إليكم!.
فمع وصول المساعدات وجدت السلطة نفسها في ملعبها، فدب النشاط في كل الأجهزة، مصحوبا- حسب العادة- بإصرار شديد على أن تمر كل المساعدات عبر المركز، ورفض قاطع وصل حد الخروج عن حدود اللياقة والدبلوماسية لأي اتصال مباشر بين المانحين والمنكوبين.
كل ذلك تحت ذريعة حماية السيادة، وهو عذر أقبح من ذنب، وغيرة انتقائية ليتها تمتد لتشمل الأرض اليمنية في البر وفي البحر، والمخصصات الشهرية الخارجية التي يستلمها كبار القوم منذ عقود.
في وضع كهذا، لايوجد أساس للتفاؤل بأن مصير المساعدات سيكون أفضل من مصير الأراضي والثروة وفرص العمل، في حضرموت وفي الجنوب.
نحن أمام كارثة مزدوجة بكل ما للكلمة من معنى، يمكن تلمس أبرز ملامحها في الآتي:
- هناك عدد من المشاريع الخطأ في المواقع الخطأ، انفقت عليها المليارات (بأضعاف كلفتها الحقيقية)، وبعد أن قدمت هذه المشاريع مساهمتها في رفع حجم الأضرار انهارت. (في المكلا وضواحيها فقط هناك على الأقل أربعة جسور ومعابر جديدة متضررة بينما مثيلاتها القديمة مازالت صامدة)، والحال أن علينا الآن إنفاق مليارات إضافية لإعادة البناء وتعويض الأضرار .
- لاتكتفي الدولة بأنها لاترحم، ولكنها تعترض على رحمة ربنا، ولاترى في الكارثة أكثر من موسم جديد للفيد.
- نتيجة عدم وجود السدود وضعف الاهتمام بقنوات الري التقليدية، لم تقتصر المأساة على ضياع كل هذه الكميات الهائلة من المياه في البحر، ولكنها تسببت في جرف مساحات زراعية واسعة، وتآكل شديد للتربة في الأودية، ما يعني أن الكارثة ستكون لها مضاعفات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة، وما لم تتم معالجتها سريعا ستشهد في وقت قريب ارتفاعا حادا في معدلات الفقر والبطالة وحراكا ديمغراغرافيا غير مسبوق.
فهل يمكن لهذه السلطة أن تتقي الله، على الأقل عند الكوارث؟!.
-1 الإنقاذ (أثناء الكارثة).
-2 الإيواء والإغاثة.
-3 التعويضات وإعادة الإعمار.
وإذا كان صحيحا أن إعادة الإعمار سيتطلب بعض الوقت للمسح والدراسات قبل الانتقال إلى التنفيذ، فإن المؤشرات كافة تشير إلى أن هذه المهمة لاتشبه هذه السلطة، وعلى المتشكك سؤال أهل ذمار، وإنا لمنتظرون.
أما في مجال الإنقاذ فيهمنا أن نشير بدءا إلى أنه ليس صحيحا أنه لم يكن بالإمكان التحرك أثناء الفيضانات، فالذاكرة الشعبية تحتفظ بسجل حافل يؤكد أن التدخل السريع في مثل هذه الحالات يشكل جزءا من ثقافة المنطقة، كما يثبت دوره الحاسم في إنقاذ الكثير من الأرواح والممتلكات.
فماذا فعلت دولتنا الموقرة؟.
في الجو: لم يتم رصد أية محاولة للإنقاذ، والمروحيات الوحيدة التي تحركت كانت مشغولة بركابها أكثر من انشغالها بوجع المواطن الذي ينتظر من يمد له يد المساعدة لا من يتفرج عليه في محنته.
في البر: شوهدت بضع معدات رسمية كانت تقوم بعمليات إنقاذ مدفوعة الأجر، وهذا كل شيء.
لقد كان لافتا، بقدر ما كان مستفزا، أن الأجهزة التي ظلت في حالة استنفار كامل على امتداد العام الماضي والأعوام التي سبقته لقمع أي تحرك سلمي قبل حدوثه، كانت وكأنها أصيبت بالشلل التام وقت الكارثة.
والمواطن الذي كانت تعد عليه أنفاسه، عبثا كان يحاول الوصول إليها، ولكن (لم يكن أحد هناك) والمشهد الوحيد الذي تكرر في كل المديريات كان مشهد (مواطنين ينقذون مواطنين).
أما حال الإغاثة فتختزله طرفة يتداولها الحضارم هذه الأيام تقول إن مسئولا كبيرا في المحافظة اتصل بمسئول كبير في صنعاء يقول له: بدأت (تنفنف) عندنا، قال له تصرف. بعد بعض الوقت عاود الاتصال: هناك أمطار غزيرة. أجابه: تصرف. في المرة الثالثة قال له: هناك سيول هائلة ومدمرة في كل المديريات. أجاب: تصرف. في الاتصال الرابع أبلغه: بدأت تصلنا بعض المساعدات ومواد الإغاثة.. قال له: وقف كل شيء، أنا قادم إليكم!.
فمع وصول المساعدات وجدت السلطة نفسها في ملعبها، فدب النشاط في كل الأجهزة، مصحوبا- حسب العادة- بإصرار شديد على أن تمر كل المساعدات عبر المركز، ورفض قاطع وصل حد الخروج عن حدود اللياقة والدبلوماسية لأي اتصال مباشر بين المانحين والمنكوبين.
كل ذلك تحت ذريعة حماية السيادة، وهو عذر أقبح من ذنب، وغيرة انتقائية ليتها تمتد لتشمل الأرض اليمنية في البر وفي البحر، والمخصصات الشهرية الخارجية التي يستلمها كبار القوم منذ عقود.
في وضع كهذا، لايوجد أساس للتفاؤل بأن مصير المساعدات سيكون أفضل من مصير الأراضي والثروة وفرص العمل، في حضرموت وفي الجنوب.
نحن أمام كارثة مزدوجة بكل ما للكلمة من معنى، يمكن تلمس أبرز ملامحها في الآتي:
- هناك عدد من المشاريع الخطأ في المواقع الخطأ، انفقت عليها المليارات (بأضعاف كلفتها الحقيقية)، وبعد أن قدمت هذه المشاريع مساهمتها في رفع حجم الأضرار انهارت. (في المكلا وضواحيها فقط هناك على الأقل أربعة جسور ومعابر جديدة متضررة بينما مثيلاتها القديمة مازالت صامدة)، والحال أن علينا الآن إنفاق مليارات إضافية لإعادة البناء وتعويض الأضرار .
- لاتكتفي الدولة بأنها لاترحم، ولكنها تعترض على رحمة ربنا، ولاترى في الكارثة أكثر من موسم جديد للفيد.
- نتيجة عدم وجود السدود وضعف الاهتمام بقنوات الري التقليدية، لم تقتصر المأساة على ضياع كل هذه الكميات الهائلة من المياه في البحر، ولكنها تسببت في جرف مساحات زراعية واسعة، وتآكل شديد للتربة في الأودية، ما يعني أن الكارثة ستكون لها مضاعفات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة، وما لم تتم معالجتها سريعا ستشهد في وقت قريب ارتفاعا حادا في معدلات الفقر والبطالة وحراكا ديمغراغرافيا غير مسبوق.
فهل يمكن لهذه السلطة أن تتقي الله، على الأقل عند الكوارث؟!.