أراضي اللحوم والجدار القصير!

> جمال قاسم صالح:

> أعلم بأن مشاكل الأراضي هي دوامة كبيرة، ومحيطها واسع بشكل مخيف، وعند التعمق في تفاصيلها تجد أن أهم أسبابها وأكبرها والمنتج لها بامتياز هي الدولة، ممثلة بهيئة الأراضي، وما تقوم به من أفعال وتصرفات تزيد الطين بلة، وحين المحاولة لفهم آلية أو معايير ومقاييس عملها لايمكن فهم شيء لشدة التناقض الذي تحدثه في القضية الواحدة، فنجد لها عدة مواقف متناقضة في القضية نفسها، ولاتوجد مرجعية ولا أساس ولا معيار ثابت يمكن الركون إليه.

وعلى سبيل المثال قضية أراضي اللحوم بعد إلغاء عقد المؤسسة الاقتصادية بتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية، كان المفترض بهيئة الأراضي ترك المواطنين أصحاب الأراضي وأصحاب القطع السكنية في سلام، لكنها لم تقبل، وخرجت بادعاء جديد يقول إن هناك تدخلا وصرفا، وإن الأرض الحالية لاتساوي (%20) من الأرض التي ستكون كافية للمطالبات من المواطنين المتداخلين، والمصروفة لهم قطع، فيصاب الواحد بالحيرة.. فإذا كان هذا صحيحا، لماذا صرفت الهيئة عقدا بمساحة (505) فدانات للؤسسة الاقتصادية؟!. والوضع معقد هكذا، وهو ما يعني أن الهيئة ستصرفها، وهذا زاد الوضع سوءا، وبعلم وبإصرار منها.

طيب.. عقد المؤسسة ألغي، وتقول الهيئة إن هذا هو حقيقة الوضع، ولابد من الحل، وهذا يعني أن الاتجاه تغير من أخذ حق الناس إلى الحل بين الناس (وهذا ظاهره جميل و باطنه عذاب).

مرحبا.. ما هو الحل ياهيئة الأراضي؟. يأتي مقترح بحل عجيب غريب!. جاء على لسان مدير فرع الهيئة في العدد رقم (5531) بتاريخ 2008/10/15 من صحيفة «الأيام» تمثل فيما يلي:

-1 تحويل مزارع اللحوم إلى مخططات سكنية.

-2 من لديه عقود صحيحة وحيازة يتم منحه قطعتي أرض مقابل الفدان.

-3 من لديه عقود صحيحة ولاتوجد لديه حيازة يتم منحه قطعة أرض مقابل فدان.

-4 تثبيت من أقاموا منشآت قائمة على الأرض.. إلى آخره.

-5 تثبيت من تم الصرف لهم من قبل مؤسسة اللحوم.. إلى آخره.

-6 تثبيت من تم الصرف لهم من قبل إسكان لحج إلى آخره.

-7 سحب الوثائق التي في يد أطراف النزاع واستبدالها.. إلى آخره.

لماذا هو حل عجيب؟. لأنه عكس الحل السابق الذي كان نزعا وأصبح تثبيتا، هذا أولا، ويعترف بوجود عقود صحيحة ثانيا.

وأعتقد أننا لو كنا في دولة تحترم القانون لكان من قام بصرف العقد للمؤسسة الاقتصادية قد تمت محاسبته، ولكن من يحاسب من؟!، ما علينا، هذا الحل تم رفضه من المواطنين، ولكن إذا افترضنا أنه تم تنفيذه فإنه سيقع على مساحة أرض لاتتجاوز %15 إلى %20 من المساحة التي تدور حولها المشكلة.. فالسؤال الذي يفرض نفسه، باقي المساحة إلى أين ستذهب؟.

هنا وصلنا إلى سر الأسرار، وعرفنا لماذا الإصرار العجيب من هيئة الأراضي على الرأفة بالمواطنين البسطاء، وجاء تفسير التناقض في مواقفها، وهذا يعني أن ليس لديها أية مرجعية ولا معايير ولا مقاييس سوى كيف (باتلهف) أراضي الناس!. ومع ذلك أقول لهيئة الأراضي هل هذا القرار على الناس كلها أم على المساكين الذين هم كما قال المثل «الجدار القصير يقع عليه الحمل»؟!. وهل تستطيع الهيئة تطبيق هذا القرار على قائمة الخمسة عشر الذين ذكرهم تقرير (باصرة - هلال) وغيرهم من ناهبي الأرض الذين لاتراهم هيئة الأراضي لأنها لاترى إلا الجدار القصير؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى