لماذا ترك الصومال وحيدا؟!

> محمد صادق دياب:

> أعرف أن هذا السؤال ينكأ الجراح، وأن الكثير من العرب لا يودون طرحه اليوم لكيلا يتقاسموا الملامة، فليس من السهل أن يعترف العرب بأن جهودهم لإنقاذ الصومال لم تكن على المستوى المطلوب لتجنيبه مصائر التشرذم والتفكك والفوضى.

وباستثناء بعض المحاولات يمكن القول بأن العرب قد تركوا الصومال وحيدا يواجه مأساته، لينفجر اليوم في وجه الجميع، وهو يحاول «صوملة» البحر الذي يطل عليه.. والحل لا يكمن في إنقاذ سفينة هنا وأخرى هناك، بل في إنقاذ الصومال بأكمله من قراصنة البر والبحر، والمساعدة في خلق سلطة مركزية قادرة على بسط هيمنتها على كل الصومال، فالصومال عضو في الجامعة العربية ويستحق اهتماما موازيا لما حظت به دول عربية أخرى من اهتمام، لو نال الصومال جزءا منه لما دخل هذا النفق المظلم، الذي تناسلت عتمته قراصنة، وأمراء حرب، وإرهابيين..

وخطورة مسألة القرصنة الصومالية اليوم تكمن في إمكانية استغلالها، إذ ليس ثمة عاقل يمكنه أن يصدق أن العالم بكل أساطيله وجبروته يقف عاجزا عن تطهير السواحل الصومالية من حفنة قراصنة لا يتجاوز عددهم الألف كثيرا، وفق مختلف التقديرات، وحتى القول بأن هؤلاء من جنود البحرية الصومالية السابقة لا يبرر ما يحدث، فلم تكن البحرية الصومالية في يوم من الأيام على هذه الدرجة من الاحترافية والتنظيم والتسلح، لكي تتحول بعد الفوضى الصومالية إلى قوة ابتزاز، وقلق، وهيمنة بهذا القدر من الخطورة، فحالة الاستسلام، والسلبية، والاكتفاء بدور المشاهد التي يبدو عليها العالم، وهو يرقب توالي عمليات دفع الفدية للخاطفين أمر يدعو إلى الارتياب في أن يكون للبعض مصلحة في استمرار هذه اللعبة القذرة إلى حين..

سأضع علامة تعجب رغم أنف الذين يعتبرون نظرية المؤامرة مجرد مظهر من مظاهر الـ«بارانويا»!.. فترك الأمور تسير نحو الأسوأ لا يمكن تبريره بعجز العالم عن مواجهة القراصنة، بل بإنضاج منظومة الذرائع التي تسمح بتحويل البحر الأحمر إلى مرتع دائم للأساطيل العسكرية بحجة توفير الحماية، وقد عبر وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي قبل أيام عن استشعاره لشيء من ذلك، وهو يكشف عن مخاوفه من الوجود البحري المتعدد الجنسية عند مدخل البحر الأحمر، ويعتبره خطرا على الأمن القومي العربي، ويمثل مقدمة لتمرير مشروع تدويل مياه البحر الأحمر، وهي بكل تأكيد مخاوف مشروعة واحتمالات حدوثها ممكنة.

فهل بقي لنا ما نفعله في الوقت الضائع لأمننا العربي وأمن الصومال؟!

«الشرق الأوسط» اللندنية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى