باراك أوباما ومبارك الخليفة

> نجيب محمد يابلي:

> باراك حسين أوباما الشخصية المثيرة للجدل التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، أولا: لأنه أسود، وثانيا: لأنه من أصول كينية، وثالثا: لأنه جاء من الصفوف الخلفية، وخاض جولات عجافا حتى كسب صوت الحزب الديمقراطي لدخول المنافسة مع مرشح الحزب الجمهوري الأمريكي العتيد ماكين .

أما مبارك الخليفة أو السوماني مبارك الخليفة، فهو ألمعي سوداني ضمن كوكبة ألمعية سودانية سكنت وجدان عدن، وللسودانيين تاريخ مجيد في عدن. تحمل الدكتور مبارك الخليفة شرف الرسالة التعليمية والعلمية الأكاديمية في جامعة عدن منذ العام 1977، وشارك في تقديم المحاضرات في كل كليات التربية في عموم المحافظات التي تخضع كلياتها لجامعة عدن، وفي عشرات الندوات والفعاليات في عموم المنتديات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية، ونشر أبحاثه ومواضيعه في دوريات ومجلات وصحف الجمهورية، أي أنه حقق الاندماج الاجتماعي والثقافي بالطول والعرض.

الخليفة بين مطرقة سلمان وسندان حزبه:

أقام د. الخليفة مع أسرته في حي الرشيد بخور مكسر منذ العام 1977، وبعد قيام دولة الوحدة عام 1990 عرض المغفور له بإذن الله محمد أحمد سلمان، وزير الإسكان والتخطيط الحضري على الدكتور مبارك الخليفة تمليكه المنزل الذي كان يسكنه مدة (13) عاما، ولأنه كان جزءا من نسيج هذا المجتمع، ولأنه تفانى في خدمة التعليم العالي وتخرج على يديه المئات والمئات من الشباب، وأسهم في خدمة الثقافة والأدب بالمقالة والبحث والجدل، واعتبر قرار تمليكه مكافأة رمزية، وكان الإجراء السلماني حكيما، إلا أن د. الخليفة (ابن المدينة الفاضلة) امتثل لتوجيهات حزبه (الحزب الشيوعي السوداني) بعدم استغلال الموقع لتحقيق أي مكاسب ذاتية، واعتذر للوزير (الجنتلمان) سلمان، ولذلك وقعت الوزارة معه على عقد جديد.

استعادت الوزارة المسكن وانتقل الدكتور الخليفة إلى مسكن مؤجر وأقام فيه حتى هذا العام (2008) وانتقل إلى مسكن آخر أقل مساحة من السابق واضطر إلى ترك بعض الأثاث والكتب والمجلات في المسكن السابق لأنه لا مكان لها في المسكن الجديد .

الخليفة وحكايات ظريفة ومخيفة:

أقام الدكتور الخليفة في منزله بحي الرشيد خلال الفترة (1994-1977) وله فيه ذكريات لاتنسى، ففيه تربى أولاده ومعهم ابن الفنان محمد الوردي، الذي كان يدرس بجامعة عدن وفيه كتب عشرات المقالات والأبحاث والأوراق العلمية وأطروحة الدكتوراه وعددا من الكتب وديوان (الرحيل النبيل)، وفيه استقبل عشرات الأصدقاء من كبار المفكرين والمثقفين والأكاديميين والمبدعين، وهو فنان تتقن أنامله الإبداع في القلم والعزف على العود.

وكان الدكتور الخليفة- أطال الله في عمره ومتعه بالصحة- في مهمة أكاديمية أو علمية في جامعة الخرطوم أثناء أحداث 13 يناير 1986، وكانت المسئولية مضاعفة على كتفي أم أولاده التي ألزمت جميع الشباب في البيت بالمرابطة تحت السلم، وبينما هي تدقق في مرابطتهم بين الحين والآخر اكتشفت أن أحد الأولاد عزم على النوم على طاولة الطعام في المطبخ، فأعادته بالقوة إلى الملجأ المحدد سلفا (تحت السلم)، وبعد خمس دقائق بالوفاء والتمام اجتاحت دبابة المطبخ، وكانت الكارثة ستكون مضاعفة لو أن ابنها كان نائما على طاولة الطعام.

جاءت إحدى فرق الإسكان لترميم وإصلاح ما خربته الدبابة واقتضت الخطة تصفية الموقع من الركام، وعرضت السيدة (حرمه) مكافأة لكل من يجمع أوراقا مهمة تخص الأسرة، وامتثل أعضاء الفريق بالمهمة المرتبطة بحافز، وكانت أولى الأوراق قسيمة زواج الدكتور، وكان عمر القسيمة آنذاك يزيد عن ربع قرن، ولايزال الدكتور محتفظاً بقسيمة زواجه، وللذكرى لم ينفض الغبار عنها.

الخضر أو عبدالله سالم الخضر:

من الأشياء الظريفة والجميلة في آن، أن الأخ عبدالله سالم الخضر مدير عام غرفة عدن السابق ربطته بالدكتور مبارك الخليفة وجمعية الجالية السودانية بعدن علاقات حميمة ماتزال مسكونة في ذاكرة ووجدان السوادنيين، حتى أنهم عينوه آنذاك رئيسا فخريا للجمعية.

قال لي الدكتور الخليفة: «كنا نجتمع كلما استجدت قضايا مطلوب مناقشتها ومعالجتها، وكلما وقفنا أمام مشكل أو صعوبة تنتظر تدخل القدر يظهر علينا الأخ عبدالله سالم الخضر، فنرفع صوتنا : أهوه جاءنا النبي الخضر».

ويضيف الدكتور :«معظم مشاكلنا حلها لنا عزيزنا عبدالله سالم الخضر»، الذي مايزال من الأصدقاء المقربين للدكتور الخليفة.

في جعبتي المزيد من ذكريات د.مبارك الخليفة التي رواها لي بنفسه، وسأتطرق لها في مناسبات قادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى