القرصنة البحرية في المنطقة

> عقيد ركن/عبدالحافظ الوالي:

> تعريف القرصنة الحديثة:هي الجرائم والأعمال العدائية أو أعمال العنف المرتكبة في البحر ضد سفينة ما أو طاقمها أو حمولتها، ويعرف القرصان بأنه المغامر الذي يجوب البحار لنهب السفن التجارية.

تاريخ القرصنة:

ظهرت القرصنة في البحر الأبيض المتوسط (في الألف الثالث قبل الميلاد) أثناء نمو التجارة البحرية المكثفة بين مصر وجزيرة كريت وفينيقيا.

وفي الوقت الحاضر تبدو القرصنة هي التهديد الرئيس في البحر، وقد تزايدت منذ عشرات السنوات، وتفاقمت هذه الظاهرة ولاسيما في بحار جنوب شرق آسيا حيث بلغت نحو (335) عملية في عام 2001.

واليوم عادت أعمال القرصنة البحرية لتطفو على السطح من جديد، خاصة قرب السواحل الأفريقية، والمناطق الخطرة لأعمال القرصنة هي (غرب أفريقيا - مدخل البحر الأحمر- أمريكا اللاتينية - جنوب شرق آسيا)، وأخيرا برزت القرصنة بشكل لافت للنظر في مواقع معينة مثل (نيجيريا - ساحل العاج - الصومال - جيبوتي - خليج عدن)، وأصبح خليج عدن يتردد بشكل دوري، حيث تزايدت مع هذا الخط أعداد السفن المختطفة في المنطقة، وبلغ عدد السفن المختطفة نحو (45) سفينة من جنسيات مختلفة، وقد كرست الجهود الإقليمية والدولية لعقد مؤتمر دولي حول ظاهرة القرصنة البحرية في المنطقة بحكم أن خليج عدن يعتبر ممرا ملاحيا دوليا تمر فيه أكثر السفن العالمية، ويقدر العدد الإجمالي بـ (60.000) سفينة تمر عبر خليج عدن في العام، وقد تضاءلت هذه السفن حاليا لتصبح (20.000) سفينة في العام.

ورغم وجود سفن التحالف في المنطقة بأعداد متفاوتة منذ عام 2001 إلا أنها لم تتدخل فعليا تحت أعذار مختلفة، خاصة أن مهمة محاربة الإرهاب خلال تلك الفترة كانت المهمة الرئيسة، واتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا يعطي بموجبه السلطة القانونية لقوات التحالف بالتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة، حيث توجد حاليا سفن عسكرية لعدة دول أجنبية تحاول القيام بالتصدي لأعمال القرصنة البحرية، ولم تستخدم القوة العسكرية بعد إمكاناتها حتى يومنا هذا ضد القراصنة سوى في حالتين من قبل السفن العسكرية الفرنسية في شهر أبريل من هذا العام وكذلك العملية البرية الفرنسية في شهر 9/ 2008 لتحرير رهائن مختطفين.

الأسباب الرئيسة للقرصنة في القرن الأفريقي:

إن أحد الأسباب الرئيسة لظهور القرصنة في القرن الأفريقي خلال السنوات العشر الأخيرة سقوط الدولة المركزية في جمهورية الصومال، واختلال ميزان القوة في أرض الصومال زاد الطين بلة، حيث اختلط الحابل بالنابل، وازدادت المنطقة فقرا الأمر الذي دفع بعض المليشيات والأمراء الصوماليين إلى فرض سيطرتهم على أقاليم معينة، والتحصن بها، وأصبحت مع الأيام مأوى للقراصنة، خاصة مع ازدياد الأرباح التي تجنيها من شركات السفن المختطفة حتى وصلت إلى المساومة بمبالغ خيالية تقدر بـ(35.000.000) دولار للسفينة الأوكرانية التي تعتبر القشة التي قصمت ظهر البعير في التعامل مع القراصنة. كما يعتبر خطف الناقلة النفطية السعودية دليلا آخر على تنامي قدرة القراصنة على حرية الحركة والمناورة واستلام المعلومات المؤكدة عن حركة الملاحة البحرية لكل المنطقة، الأمر الذي يفرض علينا جميعا التصدي لتلك القرصنة سريعا وبجهود دولية وإقليمية.

أساليب وطرق القرصنة:

في الوقت الحاضر تغيرت الطرق والأساليب لأعمال القرصنة خاصة في البحر، حيث يتم تسليح بعض الأفراد الصوماليين بسلاح مختلف مثل (قاذفات الآر.بي.جي - الرشاشات المتوسطة - القنابل اليدوية) إلخ.

ويتم نقلهم على ظهر زوارق صغيرة ذات سرعات عالية يقومون بها بالانقضاض على السفن التجارية المارة في خليج عدن ليلا أو نهارا نظرا لاتساع الرقعة المائية المسطحة في خليج عدن، كما تغيرت فكرة الهجوم لتشمل استخدام سفن تجارية مختلفة كبيرة الحجم تقوم بالإبحار في مياه خليج عدن، وعلى ظهر هذه السفن زوارق منقولة سريعة يتم إنزالها في الوقت والمكان المناسبين للقيام بالاختطاف المسلح.

الطرق الكفيلة بمحاربة القرصنة:

هناك طرق عدة يمكن استخدامها، لعل آخرها تشكيل قوة مسلحة دولية من عدة سفن (مدمرة أمريكية - مدمرة إنجليزية - سفينة دعم يونانية - فرقاطة إيطالية - سفينة حربية هندية - فرقاطة روسية - فرقاطة ماليزية) هذه القوة المسلحة اتفقت بالتعاون مع الجمهورية اليمنية على توحيد مناطق عبور آمنة تبعد نحو 25 ميلا بحريا عن السواحل اليمنية، تستطيع السفن التجارية العبور فيها بشكل آمن، كما تم مؤخرا استصدار قرار بإطلاق النار مباشرة ضد أعمال القرصنة دون مراعاة عوامل كثيرة، حيث تم التصدي للقراصنة الذين قاموا بخطف السفينة الدنمركية من قبل فرقاطة روسية وأخرى بريطانية، كما تعتبر مرافقة سفن حربية لقوافل السفن التجارية والنفطية في المنطقة إحدى أنجح هذه الوسائل.

ولانعلم يقينا لماذا لايتم مهاجمة معقل القراصنة في شمال الصومال وفرض حصار على تحركاتهم مباشرة قبل إقدامهم على اصطياد السفن التجارية في عرض البحر، حيث يكون تحرير الرهائن من البحارة مرهونا بالمساومة مع القراصنة وبطرق سلمية خاضع للفدية المطلوبة.

دور خفر السواحل اليمنية في المنطقة:

تلعب قوات خفر السواحل اليمنية دورا مهما في سلامة الإبحار الملاحي للسفن التجارية والنفطية التي عادة ما تطلب حماية معينة أو مرافقة معينة لسفنها، كما تلعب الدوريات البحرية البعيدة لزوارق خفر السواحل دورا مهما في فرض السيادة البحرية من خلال تواجدها الدائم في المنطقة، وتلعب التمارين والمناورات المشتركة مع قوات التحالف دورا رئيسا في رفع قدرات خفر السواحل اليمنيين ناهيك عن التدريبات والإبحارات الطويلة بين زوارق خفر السواحل بمرافقة السفن العسكرية الأجنبية.

إن ظاهرة القرصنة البحرية في المنطقة ستنتهي إلى الأبد إذا تضافرت الجهود الدولية والإقليمية بالتعاون مع الجمهورية اليمنية، وتفعيل تبادل المعلومات الاستخبارية، وإجراء المراقبة الجوية للمسطح المائي مع فتح مراكز عملياتية في أكثر من مكان.

ولاننسى القرار السياسي الدولي في إصلاح الدولة الصومالية المركزية وخروج القوات الإثيوبية من الصومال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى