«الأيام» تزور مناطق وادي عدم بمديرية ساه المتضررة من كارثة الأمطار والسيول.. غابات من أشجار السدر اقتلعتها السيول وجرفت آلاف من خلايا النحل ورؤوس الماشية

> «الأيام» قيس سالم الدوعني

>
مدرسة طاران وقد دمرت بفعل السيول
مدرسة طاران وقد دمرت بفعل السيول
على امتداد أكثر من خمسين كليومتر تتناثر قرى ومناطق وادي عدم، والتي يبلغ عددها زهاء الـ35 قرية ومنطقة ومن أكبرها مناطق طاران وضمر نهر والكتنة.

«الأيام» وفي إطار تقصيها لأحوال المواطنين في المناطق المنكوبة في وادي حضرموت تجشمت عناء الوصول إلى مناطق وادي عدم لنقل معاناة المواطنين وهمومهم للجهات المعنية، رغم وعورة الطريق المؤدية إلى هناك، صورة الوادي بدت مؤثرة، فالسيول قد اقتلعت غابات أشجار السدر وجرفت آلاف من خلايا النحل ورؤوس الماشية التي تعد مصدر الدخل الوحيد لسكان الوادي، فيما لازالت روائح الحيوانات النافقة تنبعث من تحت الأنقاض مشكلة خطرا بينا، ينذر بأسوأ مما حل بالمنطقة.

أطلال مسجد سوخة بوادي عدم
أطلال مسجد سوخة بوادي عدم
ومن خلال مرورنا في بطن وادي عدم لاحظنا أسلاك الضغط العالي لمشروع كهرباء عدم (قيد التنفيذ)، وقد التوت على الأشجار، ولعل من أهمها أشجار السدر مرعى نحل العسل في الوادي، وساهمت بصورة جلية في قلع العديد منها على امتداد الوادي وكان حريا بالمؤسسة أن تضع أعمدة الكهرباء بمحاذاة الجبل وليس في بطن الوادي، مشكلة مياه الشرب لازالت عالقة حتى اللحظة، حيث جرفت السيول العديد من المولدات الخاصة بهذه المشاريع ويجمع كبار السن في مختلف مناطق مديرية ساه أنهم لم يشهدوا سيولا بحجم سيول هذا العام.

بينما تشير المصادر التاريخية إلى أنه قبل 350 عاما شهد الوادي سيلا عظيما سمي بسيل الحيمر، وذلك لغلبة اللون الأحمر عليه، اقتلع الشجر والحجر وجرف نخيل الوادي التي قيل أنها تمتد من أقصى الوادي إلى أقصاه، حيث تروى الحكايات أن نقل الأخبار تتم عبر المزارعين عبر هذه النخيل، وبعد ذلك السيل عندما يسأل أي أحد من سكان الوادي عن حال الوادي فيكون الجواب (الوادي عدم أي هلك) فغلب اسم عدم بينما كان الاسم السابق وادي الريان.

سيارة مدمرة بفعل السيول إلى جانبها خيمة مقدمة من الهلال الأحمر
سيارة مدمرة بفعل السيول إلى جانبها خيمة مقدمة من الهلال الأحمر
رؤية في المنام تنقذ منطقة طاران :

أول المتحدثين الأستاذ مستور مبارك بن جمعان، مدرس من أبناء منطقة غيل عمر يعمل في مدرسة طاران للتعليم الأساسي يقول :«رأيت في المنام تلك اللية أن سيلا عظيما يحاصر المدرسة، فصحوت مذعورا في حوالي الساعة الثانية، وفتحت باب الغرفة فشاهدت ذلك المنظر المفزع، والحلم حقيقة مياه السيول تحاصر المدرسة فأيقظت زملائي المعلمين، وخرجنا من المدرسة والمياه تغمرنا إلى منتصفنا وعملنا على تنبيه أهل المنطقة، وأنقذنا ثلاث أسر حاصرتها السيول ولأن الوقت كان متأخرا والناس في سبات عميق استخدمنا الأعيرة النارية لتنبيه من لم يسمع».

مولدات الكهرباء لمشروع مياه ضمر نهر وقد طمرتها السيول
مولدات الكهرباء لمشروع مياه ضمر نهر وقد طمرتها السيول
مواد الإغاثة وزعت كدعاية انتخابية

ناصر سعيد بن عبودان قال:«تهدم بيتي بالكامل وفقدت أكثر من مائة رأس من الأغنام و450 خلية نحل وكذا المحل التجاري الواقع ضمن بيتي وكلها مصدر الدخل الوحيد لي ولإخواني، الحمد لله هذا قضاء الله وقدره، ونحن مؤمنون بالله وثقتنا كبيرة به وأنه سيعوضنا خيرا إن شاء الله، المعونات لم تصلنا من الحكومة أي شيء ماعدا ما وزعته الجمعيات الخيرية، استخدموا المعونات كدعاية انتخابية ووزعت على غير المتضررين ولم نعط حقنا، حسبنا الله ونعم الوكيل».

الغار الذي مكث فيه أبناء أم العضب يومين
الغار الذي مكث فيه أبناء أم العضب يومين
عاد من الغربة فلم يجد حتى أثر بيته

في صيقة سود لازال شبح الكارثة يجثم على صدور أهل المنطقة، سعيد جنيد باوزير، عاد من المملكة العربية السعودية موطن غربته بعد أن سمع بأنباء الكارثة فلم يجد حتى الأثر الذي يدله على مكان بيته، يقول سعيد والعبرة تكاد تخنقه: «فقدت سبعة من أفراد عائلتي أبي وزوجتي الحامل في شهرها السابع وأربع بناتي وأختي، ونجت أمي وأخي، الحمد لله ربنا يغفر لهم ويرحمهم ويدخلهم فسيح جناته، ماوصلتنا من معونات وإعانات بسيطة جدا لاتساوي شيئا من فجيعتنا، ونطالب الحكومة بالتعويض العادل إضافة إلى أهلي فقدت مئات من رؤوس الماشية والإبل وخلايا النحل».

أم العضب يومان في الغار لا ماء ولا أكل

أم العضب كان لها مع كارثة السيول قصة لاتقل مأساوية عن ماحصل في مناطق متفرقة في مديرية ساه، يحكي لنا المواطن سالم مبارك طرابز، من أبناء هذه المنطقة شيئاً من المعاناة التي عاشها مع أكثر من 15 أسرة إجمالي سكان أم العضب:

محل تجاري وقد أفسدت السيول محتوياته التي تقدر بنحو 18 مليون
محل تجاري وقد أفسدت السيول محتوياته التي تقدر بنحو 18 مليون
«داهـمتـنا الـسيـول على حين غرة، فهربنا إلى الجبال وأخذنا النساء والأطفال إلى الغار وجلسنا لمدة يومين بدون ماء ولا أكل ولايوجد معنا أي شي ننام على الأحجار بدون لحاف، تخيل الأطفال والنساء في هذه الـحـالـة بعد ذلك انتقلنا إلى الهضبة فوصلت إلينا جمعية خيرية ووزعت علينا مواد الإغاثة، ويعود الفضل لها بعد الله سبحانه وتعالى إننا لانزال على قيد الحياة بعد أربعة أيام جاءت طيارة فيها أربع خيام وشيء قليل من الطعام من الجانب الحكومي».

إحصائية الأضرار في وادي عدم

عدد المتوفين (7) وعدد المفقودين (8) عدد البيوت المهدمة كليا (95) منزلا عدد البيوت المهمدة جزئيا وغير الصالحة للسكن (77) منزلا، عدد الأسر المنكوبة (273) أسرة المدارس المتضررة: مدرسة العريقوب جزئي غير صالحة للدراسة، المرافق الصحية: انهيار سور المركز الصحي بالكتنة وتلف المعدات والأجهزة والأثاث فيه، بينما تضررت الوحدة الصحية بمنطقة صيقة سود جزئيا، وجرفت مياه السيول مشاريع مياه مناطق (يدن برعود، الكتنة، الحزم، رضه، ضمرنهر) وقرابة 9000 خلية نحل وأكثر من 7 مساجد وآلاف الماشية ومئات من الإبل وأعلاف المواشي والنخيل ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى