العيد في أعين الفقراء غير

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
أماكن يصعب على الفقراء الدخول إليها
أماكن يصعب على الفقراء الدخول إليها
العيد أيام تغمرها الفرحة والسعادة، وتعمها أجواء المودة.. إنها أيام الجائزة التي يقدمها رب العالمين لعباده المكرمين، ويتحقق معها الرضا في نفوس المسلمين، إنها مباهج الفرحة والتفاؤل، ومناسبة لإصلاح الذات، وهذه الفرحة لا تقتصر على ما نلبسه من ملابس جديدة واللعب الجميلة والحلوى والهدايا والنزهات والزيارات.. العيد في حقيقته معان سامية تشعرنا ببهجة وتواصل وترابط حميمي دافئ يخاطب وجداننا مع من حولنا.

انتهى العيد وترك بصمة في قلوبنا أناس لم نحس بهم.. ذهب العيد بعد أن خلف وراءه غيمة من الحزن والحسرة حزت في نفوس الفقراء حين وجدوا كل من حولهم لا يهتمون ولا يشعرون بهم، وانتابهم إحساس بأنهم منسيون.. من منا فكر بحالهم في العيد ونظر إلى الدموع في أعينهم والشحوب ظاهر على وجوه أطفالهم.

ثمة أناس يحاولون أن ينسوا أويتناسوا المواقف الأليمة عندما تصادفهم أعين أطفال الفقراء التي تحاول الاستمتاع بمناسبة العيد أسوة بغيرهم، لكن لا يملكونه، وتظل فرحتهم في وجوههم منزوعة، لأن آباءهم لا يجدون المال لشراء كسوة العيد، ويبقى سؤال طفله لكسوة العيد كالسهم الملتهب يخترق قلبه ليمزقه تمزيقا، وهو عاجز عن إدخال الفرحة إلى قلب طفله، بينما يرون سواهم يلبسون الملابس الجديدة، ويتمتعون بذبائح العيد ويقضون أوقاتهم في أماكن النزهات وملاهي الألعاب.. هؤلاء الأطفال الفقراء يحدقون في عيون آبائهم وأمهاتهم وحلمهم المرسوم بملابس جديدة، ويسألون من حولهم: «هل جاء العيد؟! .. وفي أي شارع مر؟! .. وهل نحن لم نشاهده ..؟؟».

ملاهٍ للفقراء من دون رسوم
ملاهٍ للفقراء من دون رسوم
هؤلاء الأطفال تصعبت عليهم مشاعر الفرح والصحو باكرين مرتدين ملابس مزركشة بلون العيد لملاقاة أصحابهم ليتبادلوا التحية والتباهي بملابسهم الجديدة، حاملين حلاوة بأيديهم فرحين راكبين أرجوحة العيد، وهم الآن يتمنون من العيد ألا يكون موجودا حتى لا يفضحهم ويسيء لهم ولأبنائهم.

كيف لهم أن يفرحوا وظروف الحياة تكالبهم من كل جانب عكس غيرهم الذين يملكون كل مقومات الفرح والسعادة، حتى أن محدودية الدخل صعبت عليهم مجاراة الحياة المعيشية في إيقاع الغلاء الرهيب، ولم تعد المعارض وأسواق المحلات التجارية ترحب بهم كزوار نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم تمكنهم من شراء متطلبات العيد بأثمان باهضة لاتتكيف مع دخولهم بسبب الزيادات المتوالية التي مست حاجيات معاشهم التي يحتاجونها في حياتهم اليومية.

لايحتاج الفقراء إلى أكثر من حمار لزرع الابتسامة
لايحتاج الفقراء إلى أكثر من حمار لزرع الابتسامة
تدرك غالبية الأسر أن تدني مداخيلهم يحول دون شراء ما يرغبونه لأبنائهم، وفرض عليهم واقعهم بعد أن أتى عيدهم تزامنا مع شهر رمضان وعيد الفطر وتلبية احتياجات أولادهم مع افتتاح العام الدراسي، غير أنهم يشعرون بالحزن والأسى للفرق الشاسع الذي يجدونه في عدد من الأماكن بينهم وبين أبناء الأغنياء الذين توفر لهم ظروفهم المادية كل ما يحلمون به، فالغلاء أفلس بميزانيتهم التي بالكاد خصصوها لمصاريف العيش اليومية، ولجأ غالبيتهم إلى الاقتراض لمجاراة متطلبات تلك المناسبات، ومنهم بالحرمان، وأصبحت لغة التجاوز والاستغناء عن بعض الأشياء في حياتهم أمرا عاديا، فارتفاع الأسعار في كل احتياجاتهم ضاعف من معاناتهم ليس في العيد فحسب، وإنما في حياتهم اليومية مما أرغم بعض الأسر لشراء أضاحي العيد بالتقسيط على مدى أشهر والبعض الآخر اكتفى بشراء الدجاج المثلج!!..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى