العيد في الشمايتين بين معاناة الآباء وأفراح الأبناء

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
العيد بسمة على شفاه الأطفال ولوحة حنان دائمة في وجدان وضمائر الرحماء ولمسة حنان على رأس يتيم ومحروم ومظلوم وشذى أريج وردة بيضاء يفوح من ذات عاشقة للإنسانية جمعاء.

صلاة العيد والأضحى

قبل شروق الشمس يتوجه الناس إلى مصلى العيد فيصلون ركعتين ثم يسمعون خطبتي العيد، ثم يبدأ ذبح الأضاحي بعد صلاة العيد.

وقد بلغ أجر ذبح الثور الواحد بين 10 - 15 ألف ريال، وتميز عيد هذا العام بارتفاع أسعار الأضاحي بشكل غير مسبوق ما أدى إلى عدم شراء الحيوان وعزوف الفقراء وبلغ سعر التيس المستورد بين 18 - 22 ألف ريال وزادت أسعار الحيوانات البلدي، إذ بلغت قيمة الخروف بين 30 - 40 ألف ريال ويشترط الشاري أن يكون خروف العيد سليما من العاهات ومعافى من الأمراض وشهيته مفتوحة وغير مقرن ومنظره جميل.

كما يفضل البعض لحوم الأبقار ويشترك السبعة في شراء ثور ويقسم إلى سبعة أسباع، وبلغ سعر العجل الكبير بين 180 - 300 ألف وقيمة السُبع الواحد بين 30 - 40 ألف ريال..

وفي هذه الأيام يلتئم شمل الأسرة فتجتمع وتقدم صباحا فطور الكبدة والفطير وفي وجبة الغذاء تعمل الفتة وخبز الملوح ويستمتعون بأكل اللحم وشرب المرق ويفضل البعض لحم الحنيذ والمشوي فيأكلون بشراهة بعد حرمان طول العام ولا يجدون فرصة إلا بهذه المناسبة.

وعلى الرغم من أن أضحية العيد سنة ومن الطقوس الدينية والاجتماعية اعتاد اليمنيون على ممارستها إلا أن الكثيرين من الناس لم يتمكنوا من الشراء هذا العام لارتفاع أسعار الأضاحي ولعدم قدرتهم من الظفر بها فاستبدلوها بالدجاج المثلج واللحم الهندي المجمد وشراء الرؤوس من الجزارين وقد بلغ سعر رأس العجل بين 2000 3000- ريال، معزين أنفسهم في أن إبراهيم عليه السلام ضحى بالإنابة عنهم بكبش سمين.

مظاهر رغم الفقر

يحرص الأهالي على شراء الملابس الجديدة ويحتفظ آخرون بملابس عيد الفطر وإخراجها في عيد الأضحى، باعتبار أن هذا العيد عيد (اللحمة) ويتبادل الناس التهاني والتبريكات والزيارات الأسرية وتسليم ما يسمى بالعيادة إلى الأطفال والأرحام وتقدم المشروبات والمكسرات والكعك المعد في المنازل المخصص لهذه المناسبة، وتعتبر أيام العيد مناسبة لاجتماع الأسر بعد تناول الغذاء ويتلافى الناس المشاكل وتأجيلها وترحيلها إلى ما بعده، وتزار القبور والدعاء للموتى بالرحمة والغفران، ويذهب البعض للسلام على الفقراء وتستمر الطقوس العيدية إلى رابع أيام العيد.

وتكثر الأعراس في هذه المناسبة وتكاد لا تخلو قرية من عرس، كما ترتفع أبواق مكبرات الصوت وتتداخل وتتشابك في منظومة متكاملة من الأصوات المزعجة في ظاهرة غريبة على المديرية التي كانت تكتفي بسماع المسجل في إطار البيت الواحد كما استحدث ذهاب العروس إلى الكوافيرة لتجميلها والعناية بها مقابل 30 ألف ريال واستئجار فستان بـ20 ألف ريالا.

خُدع عيدية

تبدت ظاهرة جديدة من ظواهر حيل الآباء على الأبناء، إذ يتم استئجار خروف سمين من أحد الجزارين نهارا إرضاء للأطفال مقابل 500 ريال على أن يتم إعادته ليلا إلى الجزار في غفلة نوم الصغار واستبداله يوم العيد بالدجاج عوضا عن الكبش المستأجر.

الجدير بالذكر أن هذه الظاهرة غير المسبوقة تأتي نتيجة الحرمان وفقر ذات اليد لدن أولياء الأمور، مما حدا بهم إلى ابتكار هذه الخدعة والحيلة التي ربما انطلت على الأطفال والجيران، لكنها لا تنطلي على البطون.

تجود بعض الجمعيات الخيرية بالمنطقة بتوزيع لحوم الأضاحي على عموم الفقراء والمساكين والمعدمين حتى تستكمل فرحة العيد على بعض من الناس لكي لا يحرموا من أكل اللحوم المجانية، كما غابت الجمعيات الموسمية الأخرى ولسان حالها يقول: «مهلنيش».

عيد يامن بلاده بعيد

ما أن تبدأ أوائل عشر ذي الحجة حتى تبدأ مواكب المهاجرين بالتوافد على القرى من كل حدب وصوب فتصبح المناطق عامرة بالوفود من أبنائها الذين يعملون طيلة العام في المدن، ويرقبون هذه المناسبة بفارغ الصبر ويجودون بأموال عام كامل ثمناً لتغطية حاجيات هذه المناسبة.

أما العاطلون فيصبحون عالة على أسرهم بعد غياب طويل ويختفي( الروتي ) أيام العيد واستبداله بالخبز المنزلي المرغوب لدى العامة، كما ترتفع أسعار الفواكه والخضار والمواصلات بشكل مخيف، إذ يصل سعر كيلو الطماطم إلى 500 ريال والتفاح 1000 ريال، أما القات فيتربع عرش الغلاء ويستاء الفقراء من موسم العيد ويصل سعره إلى أعلى مستوى، فيشعرون بالضيق وتختفي النشوة لدى عموم الفقراء من الرجال والنساء والشباب.

نكبة العودة ومرارة الإفلاس

ما أن يستكمل العيد فرحته حتى تبدأ الوفود بلملمة أفراحها وأتراحها عازمة على الرحيل المر من حيث أتت، ولكن بخفي حنين، فالمصاريف تلاشت وتبخرت ودفعت بهؤلاء للاقتراض مصروف العودة والحصول على إيجار السيارة التي تقلهم من حيث أتوا ويظل الانسان المعيد في عصر الغلاء يدفع فاتورة كرمه أيام العيد من مرتبه طيلة العام وبادئ ذي بدء ثمن ( الجدي ) المأخوذ بالتقسيط مرورا بشراء الملابس وصولا إلى العيدية التي أكلت الأخضر واليابس، وتجد المعيدون في الأسواق لا يساومون فيدفعون ولا يبايعون.

باعتبار أن دراهم العيد صدقة ولهذا فإنهم يجنون ثمن هذا الإسراف مرارة الإفلاس أثناء العودة.

جباية تحت عين القانون

في هذه المناسبة تزدحم شوارع التربة بالناس والسيارات، وينتشر الباعة المتجولون، وتحصل المزيد من الاختناقات المرورية جراء الزحام المتعمد، ولم تكلف إدارة المرور بتعز رجالاتها بتنظيم حركة السير والمخيف تأجير الشوارع بشكل مقزز ينم عن استخفاف بالمسؤولية والناس على حد سواء..

وعلى الأخ مدير المديرية والمجلس المحلي وصندوق النظافة والتحسين تقع مسؤولية إيجاد المقلب الغائب للتخلص من النفايات وحماية الشوارع من النافذين المؤجرة جهارا نهارا، فيما أن ما يؤخذ من البسطاء لا يذهب إلى الخزينة العامة كونه جباية دون ( سند ) قانوني مشروع.

خاتمة

يأتي عيد الأضحى هذا العام مع تصاعد الأزمة الخانقة وتردي الوضع المعيشي للمواطن إلى جانب ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش لكافة السلع الغذائية والتموينية والملابس والأضاحي.

واكتفى البعض بواحدة من الهموم الملازمة للإنسان الذي وصل إلى عنق الزجاجة فمن اشترى أضحية العيد لم يستطع الحصول على ملابس الأطفال والعكس، وانقسم المجتمع بين ساخط وراض وغائب عن شراء حاجيات العيد ومستلزماته.

واعتبر العديد من المواطنين أيام العيد نكبة عامة لموازنة البسطاء، فما عليه إلا أن يبتسم رغم كل العناء وقديما قيل «العيد عيد العافية».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى