مظاهر العيد في مديرية لودر .. عادات وتقاليد موروثة بعضها بقيت وبعضها اندثرت وأخرى دخيلة عكرت صفو العيد

> «الأيام» سالم لعور

>
رغم الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والملابس وأضاحي العيد الذي شهدته محافظات البلاد على حد سواء قبيل وخلال أيام عيد الأضحى المبارك، ورغم مشاعر الإحباط والاستياء لدى المواطنين جراء الصمت الحكومي تجاه المغالين في الأسعار، وفي ظل الأزمات الخانقة التي كتمت أنفاس المواطنين خلال وقبيل أيام العيد، المتمثلة في انعدام واختفاء واحتكار بعض المواد والسلع الضرورية والكمالية من الأسواق كأسطوانات غاز الطبخ، وارتفاع أسعار صهاريج المياه، وكذا الخضروات والفواكه وغيرها بفعل ازدياد حجم الإقبال على شراء هذه المواد وغيرها من متطلبات عيد الأضحى المبارك، إلا أن المواطنين قد احتفلوا بهذا العيد وتحملوا تبعات ومآسي وويلات هذا الارتفاع الجنوني المتصاعد في الأسعار في ظل عجز الدولة وغياب أجهزتها المختصة في مواجهة وكبح جماح الغلاء والمغالين بالأسعار.. احتفل الموطنون بهذه المناسبة العظيمة وسط مظاهر امتزج فيها الحزن العميق بمشاعر الغبن والحسرة والأسى لقدوم عيد الأضحى المبارك، وهم يعانون من شحة الموارد والغلاء الفاحش الذي لم يجد له ضابطا أو وازعا من ضمير لدى التجار أو الحكومة على حد سواء.

هكذا استقبل المواطنون عيد الأضحى المبارك، غير أن قساوة الظروف المعيشية الصعبة التي حالت في الغالب دون حصولهم على الحد الأدنى من متطلبات العيد مثل (كبش العيد) والملابس وغيرها لم يكن بمقدورها أن تفسد عليهم فرحتهم بأجواء العيد الفرائحية التي تتوارى خلفها جبال من الهموم والأحزان!.

معايدات (كل عام وأنتم بخير .. تقبل الله منا ومنكم)

في الساعات الأولى من صباح عيد الأضحى المبارك تهيأ المواطنون في مديرية لودر للذهاب إلى المصلى لتأدية صلاة العيد ثم تبدأ الجموع بالمصافحة (المعايدة) ابتهاجا بالعيد وللتعبير عن التسامح والمحبة وصفاء القلوب في مثل هذه المناسبة، ثم ينطلقون باتجاه البيوت المعروفة بكرم ضيافتها وتنظيمها لوليمة الإفطار منذ عشرات السنين، وغالبا ماتكون الوجبة المفضلة هي (العصيد) التي تقدم في أوان مصنوعة من الخشب وتسمى (الصفحة) التي تملأ بالعصيد والعسل الشهي المخلوط بالسليط البلدي (الدهن)، تم تبدأ مراسيم العيد بمعايدة الأهل والأقارب والمسنين (العجزة) والمرضى على مستوى القرى والمناطق المختلفة، وجرت العادة أن يتناول الأهالي وجبة الإفطار في عيدي الفطر والاضحى المباركين في البيوت الشهيرة المعروفة بكرمها ويتوارث الأبناء هذه العادة الطيبة من آبائهم وأجدادهم..

وقد التقطت عدسة «الأيام» صورا حية لكرم بيتين شهيرين في منطقة الحضن (ساكن هزم) بمديرية لودر وهما بيتا (آل هزم) و(آل السادة)، وتبدو في الصور وجبة العيد (العصيد) والعسل الشهي يصب من أوان أو (دباب) يتم إعدادها وحفظها خصيصا للمناسبة منذ فترات مبكرة قبيل قدوم العيد، وهذا المشهد يتكرر في أمكان كثيرة بطول وعرض مناطق وقرى مديرية لودر المترامية الأطراف.

عادات باقية وأخرى اندثرت

عادات مازالت باقية في مظاهر العيد منذ عشرات السنين وأخرى اختفت تماما، ومن هذه العادات والتقاليد التي اختفت هي الزوامل (الأهازيج الشعبية) في (المحف) وكذا (الشرح والبرع)، فالمتغيرات تسببت في اختفاء الأهازيج (المراجيز) الشعبية التي كان يرددها الناس في مناسبات الأعياد للتعبير عن فرحتهم بالمناسبة ولحل القضايا العالقة، حيث ينطلق جموع الناس بعد تناول وجبة إفطار العيد للتجمع في مكان محدد (للشرح والبرع)، وقد اختفت هذه العادة وكذلك اختفى (المحف) الذي يتبارى فيه الشعراء الشعبيون ليضعوا على الطاولة القضايا والمشاكل العالقة بالمنطقة ليتم الحديث عنها بالشعر وحل هذه القضايا حلا منصفا عن طريق الشعراء في قصائدهم التي يردد أبياتها جموع الحاضرين، فتوضع النقاط على الحروف إلى أن يتم التوصل بعد وضع اللمسات الأخيرة إلى الأحكام المفصلة وحل القضايا بالشعر، ومن العادات والسوالف أن تتقبل القبائل ما يقره الزامل من أحكام وحلول عادلة ومنصفة لكل الأطراف.

قلوب تفرح وأخرى تمزقها الأحزان اعتاد الناس في الماضي أن يمنحوا الأطفال (عيدية العيد) وهذه العادة (العيدية) التي كانت ترسم البسمة على شفاه الأطفال والفرحة في قلوبهم قد حزن الأطفال لغيابها في هذا العيد، وذلك نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون هذا العام، وقد عكست (العيدية) نفسها على نفوس غير القادرين على الحصول عليها، وتركت فراغا من الحسرة والألم عندالأطفال حين يرون غيرهم من الأطفال يحصلون عليها وبها تكتمل أفراحهم..

تلك هي المفارقات بين قلوب تفرح وأخرى تمزقها الأحزان، ولاتختلف اختفاء (العيدية) عن عدم قدرة بعض الأسر بتوفير ملابس العيد لأطفالهم، ومن المحزن هو عدم مراعاة الأغنياء لمشاعر الفقراء غير القادرين على شراء ملابس لأطفالهم، في حين أنه بمقدور الأغنياء مساعدة الفقراء لشراء ملابس الأطفال، ومع الأسف فإن التكافل الاجتماعي كاد أن ينعدم تماما هذه الأيام.

أضاحي العيد.. أرقام قياسية وصلت إلى أكثر من ألفي ريال سعودي

ارتفعت أسعار أضاحي عيد الأضحى المبارك إلى أرقام خيالية فاقت ماكان متوقعا.. لم يصدق الناس أن تصل الأسعار إلى هذا الحد الأعلى طيلة السنوات الماضية التي اعتادوا شراء كبش العيد بأسعار مناسبة بين 10 إلى 15 ألف ريال يمني، إلا أن هذا العيد حمل لهم رقما قياسيا لسعر (تيس العيد) بمبلغ ألفي ريال سعودي، هذا التيس الأشبه بالعجل تم بيعه في البيضاء.. وأفادت معلومات بنفوقه بعد إصابته (بالرعاف) وخروج الدم من أنفه، وعلل البعض أن نفوقه ربما لإصابته بعين صاحب فاقة محروم من لحمة العيد من العام الماضي، هذا التيس كان سببا في ارتفاع أسعار أضاحي العيد التي تراوحت أسعارها بين 80-75 ألف ريال في حدها الأعلى وبين 74-40 ألف ريال في حدها المتوسط وفي حدودها الدنيا بين 25 40- ألف ريال.. المواطنون عبروا عن استيائهم في هذا العيد بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي من دون وازع ضمير من قبل باعة الأضاحي ومن دون رقابة أو منافسة من قبل الدولة عبر مؤسسات لبيع اللحوم بإشراف السلطات المحلية.

سوق خاص ببيع جلود الأضاحي

اعتاد الناس خلال السنوات الماضية على التبرع بجلود أضاحيهم للمساجد والفقراء وذوي الحاجة ولمساعدة المرضى، وبعضهم كان يستخدمها في صناعة (قرب الماء) التي تعمل على تبريد المياه، وكانت توضع للشرب في (السبيل)، وعادة التبرع بجلود الأضاحي وقرب الماء (السبيل) اختفت في الآونة الأخيرة، حيث اضطر المواطنون في هذا العيد إلى بيع جلود أضاحيهم نظرا لظروفهم المعيشية وتزايد الضغوطات على ميزانيات الأسر التي لم تتحمل مصاريف البيت وكبش العيد وغيرها من متطلبات العيد الأخرى.

التكافل الاجتماعي بين الناس شهد انحدارا شديدا في مستواه هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية، حيث انعدم دور الجمعيات الخيرية ورجال الخير في تقديم أضاحي وملابس العيد للأسر المحتاجة والفقيرة ونسي الأغنياء واجبهم تجاه الفقراء والمحتاجين، ولم تستطع كثير من الأسر توفير متطلبات العيد..

واحتفى الفقراء بهذه المناسبة وتورات خلف فرحتهم بمباهج العيد كثير من الهموم التي دفنوها في قلوبهم وتبادلوا التهاني والتبريكات مع الأغنياء (كل عام وأنتم بخير ومن العايدين).

ازدحام السوق والإقبال على شراء الملابس

ازدحم الموطنون في الشارع الرئيس لمدينة لودر التي يتوافد الناس إليها من مختلف قرى ومناطق مديريات لودر ومودية والوضيع وجيشان ومكيراس لشراء الملابس بمختلف أنواعها.

وقد التقطت عدسة «الأيام» صورا لهذا الزحام على الملابس في الشارع الرئيس في مدينة لودر وصورا للملابس المعروضة لبيع الأنواع المختلفة الراقية من الملابس.

الألعاب النارية ظاهرة دخيلة تعكر صفو العيد

الألعاب النارية (الطماش) ومفرقعات صوتية خطيرة ومزعجة عكرت صفو مظاهر الفرح بعيد الأضحى المبارك.. والألعاب النارية غالبا ما تحدث إصابات للأطفال، وتعدى أثرها للإضرار بالسكينة العامة للمواطنين وإزعاج المرضى والعجزة، ناهيك عن إشعال الحرائق والأضرار المادية التي ينفقها الأطفال في ما لايفيد.

الظاهرة دخيلة على مظاهر العيد وبحاجة إلى وقفة مسؤولة من قبل جهات الاختصاص بمنع استخدام هذه الألعاب أو تداول بيعها أو بمنع دخولها إلى البلاد عبر المنافذ نهائيا ومعاقبة من يبيعها أو يروج لتجارتها في الأسواق.

كما ينبغي على وسائل الإعلام المختلفة والجمعيات والنوادي نشر الوعي الاجتماعي للتعريف بمخاطر الظاهرة وأثرها في إحداث الضرر للطفل والأسرة والمجتمع، وتنبيه المواطنين من مغبة التمادي في الإسهام والمشاركة من خلال بيع أو شراء مثل هذه المفرقعات والألعاب النارية وكشف أي تلاعب من قبل الأجهزة المختلفة للدولة في حال عدم قيامها بواجبها في منع مرور مثل هذه الألعاب الخطرة إلى البلاد أو تداول بيعها وشرائها في أسواقنا المحلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى