جول عطاء .. تضاريس الروعة والجمال وآيات المجد والأصالة

> «الأيام» محمد مرشد عقابي :

>
بقرة ترعى في احدى المزارع
بقرة ترعى في احدى المزارع
في أقصى الجنوب الغربي من مدينة المسيمير تمتد سلسلة جبلية عالية تتوسد الحضن الجنوبي لقلاع الدخيلة الشهيرة وتتكئ على الطرف الغربي لمنطقة قيف هناك تتناثر قرى عريقة بعراقة الجبال الحوشبية الشامخة، حيث تفترش بعضها ضفاف وادي تبن وتلوذ أخرى بأحضان السلاسل الجبلية، فبالرغم من قسوة الطبيعة وشحة المياه الصالحة للشرب وغياب أبسط الخدمات ووعورة تضاريس ومناخات المنطقة إلا أنها لا تخلو من لمسات جمال يروع الناظر “الأيام” زارت منطقة جول عطاء لترصد همومها ومآسيها وتنقلها في سطور إليكم أعزائي تفاصيلها.

ضائقة العطش أجبرت كثيراً من أسر المنطقة على النزوح والرحيل إلى قرى ومناطق أخرى يوجد فيها كما روى لنا أبناء المنطقة ومن بقي منهم أجبر على البحث عن شربة ماء، الكثير من أهالي المنطقة النازحين أفادوا بإنهم في فترة بقائهم في المنطقة طرقوا أبواباً عديدة، ولكنهم لم ينجحوا في كسب ود المسؤولين لاعتماد أي مشروع خدمي للمنطقة، وقالوا أن سبب نزوحهم هو حرمان المنطقة من أبسط المشاريع الحيوية.

جول عطاء مكمن السحر الطبيعي الأخاذ

رغم قسوة التضاريس وشظف عيش الساكنين فيها إلا أن منطقة جول عطاء لازالت تحتفظ بسجل الجمال الطبيعي، فالمنطقة مرصعة بمفاتن طبيعية ذات جمال أخاذ تتبدى وتتجلى مشاهد رسمية في تلك اللوحات المتصلة من المدرجات الزراعية فائقة الإبداع والمنقوشة بأنامل الأيادي الذهبية لقطاع الفلاحين، فالأراضي الزراعية التي تتزين بها فدانات جول عباد والمسحال والمشرخ وجول العوارش وجول فطيم ، تضفي آيات الجمال الطبيعي لمنطقة جول عطاء بالإضافة إلى الغطاء الأخضر الذي يغطي صدر وأحضان الجبال والمرتفعات المحيطة بها والذي تستر وتتزين به هذه الجبال من أخمص قدميها حتى هاماتها، فالأشجار والنباتات النادرة هي من تخضب جبين أراضي جول عطاء المعطاءة، أما بالنسبة لأراضي جول المسحال الزراعية، فهي تعتبر الشريط الأمامي الأول المزين للمنطقة وعلى محاذاة هذه الأراضي الممتدة لأكثر من 2 كيلو توجد بعض المباني التي لازالت تحتفظ ببعض بريقها رغم عوامل التخريب والتدمير الذي طال أغلبها من قبل أولئك الذين لايقدرون أهمية الحفاظ والعناية بمثل هذه المواقع التاريخية التي تتحدى وتنقل تاريخ الآباء والأجداد وما تبقى من هذه الآثار بحاجة إلى حفاظ وعناية من قبل أجهزة الدولة بمن فيها السلطة المحلية التي تقع في عاتقها مهمة الحفاظ على مثل هذه الآثار من خلال وضع الحراسات الدائمة والدفاعات من خطر السيول والفيضانات التي تتعرض لها مثل هذه المواقع التاريخية الأثرية بين الحين والآخر.

وحمار يرعى في احدى المزارع
وحمار يرعى في احدى المزارع
ضاحية جول عباد مرسى التاريخ وأساس الحضارة الحوشبية

من معلم منطقة جول عطاء ضاحية جول عطاء ضاحية جول عباد التي تقع على ربوة صغيرة تشتهر بأراضيها الخصبة المطرزة بالبساط الأخضر، فبجانب الزمهرير الأخضر هناك العديد من المواقع الأثرية والسياحية التي تزخر بها جبال وتلال ضاحية جول عباد والتي لا يتسع المجال لسردها وذكرها، فهناك آثار ومعالم السلطنة الحوشبية كونها كانت أحد معاقل سلاطين آل الحواشب، وهناك عدد من الكهوف والمغارات والمواقع الجمالية في تلك الجبال .

وكذا حصون وقلاع صخرية وغيرها تحكي حضارة الحواشب العريقة ومن أهم المشاكل التي تعانيها هذه المواقع هو الغياب التام للاهتمام الرسمي والشعبي معاً تجاه هذه المكتنزات والموروث الحضاري التاريخي الذي يهدد بالإندثار.

مشاهد حزينة من وحي منطقة محرومة

مناظر يدمى لها القلب وتحز في النفس الحسرة حين تجد قطعاناً من الحمير وعشرات النساء والفتيات في مشهد يومي متواصل ذهاباً وأياباً وهن يحملن فوق رؤوسهن حزم الحشائش بمشقة وجهد طويل بحثاً عن العلف والحشائش هذه هي الصور اليومي التي يزاولها سكان قرية مريب عند ذهابهم إلى منطقة جول عطاء للبحث عن الإعلاف والنباتات والحشائش فوق رؤوس نسائهم وقطعان حميرهم بشكل مستمر ويومي نظير ما تتحتزنه جول عطاء من مكتنز نباتي متنوع يغطي معظم أراضيها أنها مشاهد يومية مؤلمة خصوصاً حين يجد المرء نفسه أسيراً في أعماق الماضي التليد حين كانت جول عطاء مجمع لكبار المشايخ والشخصيات الحوشبية البارزة التي سطرت أسماءها في ميادين الكفاح ضد المستعمر البريطاني والحكم الأمامي المستبد بماء الذهب وعلى صفحات التاريخ المخلد حين تميز سكان جول عطاء منذ القدم بالكرم والجود والشهامة الحوشبية المعروفة عند قبائل الحواشب في البادية ذوي العراقة والجذور الأصيلة الذين خلفوا شواهد عديدة منتشرة على مداخل ومنافذ جول عطاء تحكي العراقة والحضارة التي تميزوا بها وامتلكوها بدون أي منافس منذ العصور القديمة، فجول عطاء تبقى شامخة رغم نزوح غالبية سكانها للمناطق الأخرى بحثاً عن الماء والخدمات والحياة الأفضل تبقى جول عطاء الفريدة بتميز الإنسان والتاريخ والحضارة والإرث والثقافة وهذا ما تجسده لوحات جول عباد والمسحال وجول فطيم الخضراء الممتدة على مرمى البصر .

بالإضافة إلى الجبال الثابتة والشامخة التي تحتضن بين جنباتها عمالقة الرجال الحواشب الذين عاشوا هامات تعانق السماء وماتوا وذكراهم تعطر أرجاء الأرض التي سكنوها.

بعض من الأراضي الزراعية في جول عطاء
بعض من الأراضي الزراعية في جول عطاء
آخر المطاف.. مخاطر السيول على جول عطاء وورابيها الخضراء

تعرضت منطقة جول عطاء في العامين 1988م و1992م لموجة سيول كارثية جارفة وفيضانات مائية أدت إلى تدمير عدد كبير من منازلهم وإتلاف والعبث بمئات الأمتار من الأراضي الزراعية محاصيلها وثمارها مما تسبب حيئذ بتشريد عشرات الأسر ونزوحها من أراضي المنطقة هرباً للنجاة ، مازالت المنطقة بجميع ضواحيها وأراضيها الزراعية تعاني خطر السيول حتى اللحظة.

حيث أن جميع الأراضي الزراعية فيها تفتقر لوجود دفاعات لحمايتها من خطر وعبث السيول كون المنطقة مشرفة على وادي تبن ولهذا تناشد “الأيام” جهات الاختصاص بضرورة اعتماد دفاعات وحواجز للحفاظ على ما تبقى من أراضي زراعية في جول عطاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى