> «الأيام» جمال شنيتر :

صف مختلط
صف مختلط
تتجه «الأيام» هذه المرة ضمن رحلاتها الاستطلاعية إلى منطقة لماطر بمديرية الروضة شبوة والواقعة على غيل وادي حبان لماطر .. المنطقة المنسية، حيث الكلمات الدامعة والعيون الذابلة التي أطفأ شعلتها حصاد المر والنسيان، هي رائعة كروعة الغروب ومشرقة كإشراقة الشمس، ولكن ودون سابق إنذار وما أن يدلف المرء إليها حتى يحس بقسوة الزمان.

إلى لماطر تمضي «الأيام» لتكشف آلام أبنائها أمام خيبات الأمل لتسجل في كلمات مشاعر الكآبة والحسرة والأسى..

«الأيام» رصدت جريان الحياة في لماطر وسجلت هموم أبنائها وفي مقدمتها مشكلة التعليم ولاسيما تعليم الفتاة ثم هموم الجانب الزراعي .. و إليكم التفاصيل:

(أحلام هند وكاميليا)

كان الهم الرئيس الذي وجدناه عند الناس هنا تسرب الطالبات من المدارس، ولذا ارتأينا في البدء أن نتوجه إلى مدارس المنطقة.

يقول الأستاذ نبيل مهدي لقزع بارحمة، مدير مدرسة لماطر البلاد: مدرسة لماطر البلاد يبلغ عدد طلابها 332 طالباً وطالبة منهم 225 ذكور و105 إناث من الصف الأول إلى الصف الثامن أساسي وتسير الدراسة فيها بشكل جيد.

مناطق زراعية
مناطق زراعية
وجميع المواد الدراسية تدرس بشكل جيد، إلا أن هناك مشكلة تواجهنا في تعليم الفتاة، حيث تجد الطالبات ينقطعن ويتسربن عن الدراسة بعد الصف السادس، ويعود ذلك إلى وجود الاختلاط بين الذكور والإناث، وهذا نتيجة عدم توفر المعلمات في المدرسة، حيث إن الطاقم من الذكور ولاتوجد حتى معلمة واحدة، كما أن هناك مشكلة المبنى المدرسي، حيث لاتوجد قاعات دراسية كافية، والمنطقة بحاجة إلى مدرسة مستقلة بالبنات، وقد رفعنا إلى الجهات المتخصصة بهذا الطرح، والطالبات لديهن استعداد كافٍ لمواصلة تعليمهن بشرط توفير المبنى والمعلمات.

الشيخ علي صبر باحرمة، أحد الشخصيات الاجتماعية في المنطقة يقول عن هذه المشكلة : «هناك أكثر من ثلاث مائة فتاة في منطقة لماطر انقطعن عن التعليم في مدارس المنطقة خلال العشر السنوات الماضية نتيجة عدم وجود مدرسة مستقلة للبنات، وهذه مشكلة كبيرة ينبغي على الدولة ممثلة بالمجلس المحلي ومكاتب التربية بالمديرية والمحافظة إيلاءها اهتماماً كبيراً، فتعلم البنت أمر مهم وكفانا جهل وأمية وتخلف، مع العلم أن أهالي منطقة لماطر لديهم الاستعداد الكافي لحث بناتهم على الدراسة ومواصلتهن حتى أعلى المستويات الثانوية والجامعية مستقبلاً، لكن لابد أولاً من بناء مدرسة مستقلة خاصة بالبنات في المنطقة مع إيجاد طاقم معلمات متكامل، ولذا نناشد عبر «الأيام» هذه الصحيفة التي نعتبرها صوت المظلومين والمقهورين نناشد الجهات المختصة إنشاء مدرسة مستقلة للبنات في منطقتنا بأسرع وقت ممكن، فالعلم نور، والأم مدرسة ولابد من تعليمها وتربيتها التربية المطلوبة».

قمنا برفقة مدير المدرسة بزيارة بعض الصفوف الدراسية ومنها الصف السادس في المدرسة ووجدنا ست طالبات يدرسن في حجرة دراسية واحدة مع زملائهم الطلاب البالغ عددهم 24 طالباً .. وسألنا إحدى الطالبات عن الدراسة، فقالت : «نحن الطالبات لدينا استعداد لمواصلة الدراسة في الأعوام القادمة إذا توفر لنا صف دراسي لوحدنا وإذا أتوا بمعلمات». بينما قالت زميلتها الأخرى : «العام الماضي في صف خامس كان عددنا 13 طالبة وهذه السنة ست طالبات والبقية (بطلوا) ونحن سنترك الدراسة السنة القادمة».

وإلى مدرسة المسن في لماطر أيضاً بلغ عدد الطالبات 244 طالبة من أصل 645 إجمالي الطلاب في المدرسة، حيث يدرسن الطالبات حتى الصف السادس ثم ينقطعن عن الدراسة.

بعض التلاميذ
بعض التلاميذ
أحلام زراعية

منطقة لماطر تعد واحدة من بين المناطق الزراعية العامة في محافظة شبوة، إلا أنها تعاني من بعض الهموم والمنغصات في هذا الجانب .. وعن ذلك يتحدث لـ«الأيام» الأخ عبدالله بارحمة قائلاً : «لماطر منطقة زراعية تقع على وادي غيل حبان، وبها محاصيل زراعية عدة أهمها وأولها شجرة النخيل، حيث توجد نحو عشرة آلاف نخلة، إلا أن هناك مشاكل تواجه الزراعة، ومنها الأضرار التي تعرضت لها السواقي والقنوات الموجودة خلال الفترة الماضية، وخاصة قناة الريدة التي بحاجة إلى إصلاح والتي ستؤدي في حالة إصلاحها إلى زيادة المساحة المزروعة والإنتاج الزراعي، مما يوفر الغذاء ويزيد دخل المستفيدين ويخلق وظائف جديدة وخاصة للنساء، حيث تمارس المرأة معظم العمليات الزراعية وستؤدي إلى تنوع الإنتاج الزراعي مثل التمور والخضار والفواكه والأعلاف، كما سيؤدي إلى تحسين إنتاج الثروة الحيوانية».

ويضيف : « المنطقة بحاجة إلى إصلاح لهذه الساقية ورغم الدراسات الموجودة لها والوعود المتكررة باعتمادها وتنفيذها إلا أن ذلك لايزال مجرد كلام ووعود تبخرت، ولكن أملنا كبير في أن يولي أهل الشأن اهتماماً بهذا الهم الذي يؤرق مئات الأسر في هذه المنطقة التي تأمل في إصلاح القناة، كما أن زراعة النخيل بدأت تتراجع وتتدهور، وهناك أمراض وموت في هذه الأشجار».

انقطاعات التيار الكهربائي

يشكو كثير من مواطني لماطر من الانقطاعات المتزايدة للتيار الكهربائي وخاصة في فصل الصيف، والذي تصل إلى عدة ساعات يومياً، بل وحتى هذه الأيام تتواصل الانقطاعات للتيار، هذا بالإضافة إلى سوء وقدم الشبكة الداخلية في المنطقة وضعف التيار الآتي من محطة عتق عاصمة المحافظة، ويطالب المواطنون بتقوية الخط العام والاهتمام بالمحولات الفرعية وصيانتها بشكل مستمر.

بعض من أشجار النخيل
بعض من أشجار النخيل
جدول لتوزيع المياه

يوجد في المنطقة مشروع للمياه يغذي أبناء المنطقة ونتيجة لاتساع المنطقة وتزايد السكان فيها بدأ المشروع يعاني من الاختناقات التموينية بالمياه، وخاصة في فصل الصيف، وهناك جدول لتوزيع الماء بين الأحياء السكنية رغم الجهد المبذول من قبل إدارة المشروع ، إلا أن المشروع بحاجة إلى بئر جديدة لزيادة كميات المياه، بالإضافة إلى إصلاح الشبكة الداخلية للمشروع وتوفير مضخة إضافية.

أمراض وأوبئة

تفتقر منطقة لماطر إلى وجود مشروع للصرف الصحي مما أدى إلى انتشار المستنقعات الآسنة ويتكاثر البعوض، ولذلك تنتشر بين الحين والآخر بعض الأمراض والأوبئة مثل الملاريا وحمى الضنك، في وقت ينعدم فيه وجود مركز طبي في المنطقة، بل إن الوحدة الصحية الوحيدة في المنطقة مغلقة حتى إشعار آخر ..

بقايا شجون

هذه لماطر.. حيث ذبلت النخيل ويبست بعد أن عصفت بها ريح الإهمال والنسيان واللامبالاة .. هنا حيث تحلم الزهرات الصغيرات بمدرسة يرسمن فيها لحظات الزمن العنيدة وبقايا شجون.. حيث كل الزوايا تصرخ، وفلذات الأكباد يحلمون بالغد، رغم الآمال الضائعة والتائهة التي تبحث عن ملاذ والسير على الأرض دون انحناء.. وهاهي أجراس الأمل تقرع لتعلن رحيلنا عنها .. نعم عن لماطر .