حيب الاصابح بين الحاضر الأليم والمستقبل المظلم !!

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
حافلة النادي
حافلة النادي
استهلال :غداة زيادة «الأيام» منطقة حيب الأصابح بالشمايتين في تعز وجدنا ناسا طيبين بأخلاق رفيعة يعيشون حياة البساطة بأرض واسعة تحفها الجبال وتخترقها الأودية ويمر بها طريق إسفلتي يربط التربة بتعز منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي.

قطعت شوطا لا بأس به في التحضر ومسايرة العصر ولا تعير للجانب القبلي اهتماما، وأهلها مناضلون .. حرفيون ساهموا بفعالية في البناء والتجارة شمالا وجنوبا .. اعتمدوا على الذات في توفير الخدمات الأساسية واستفادوا من حركة الهجرة إلى الثغر الباسم عدن وتأثروا بحياة المدنية فيها وانتقلوا منها إلى دول الجوار .

ما تزال الأصابح تحمل إرثا اجتماعيا منفتحا بمدلول حداثي وطابع الريف الجبلي بمناظره الخلابة. تحتاج هذه المنطقة إلى سلة إصلاحات إدارية وخدمية فمدارسها تعاني نقصا في المعلمين والمعامل والكتب، والمستوصف الأثري من دون أجهزة وأدوية وأثاث، ونادي التعاون ليس له من اسمه نصيب فاقد النشاط والحيوية كغيره من أندية المديرية برغم الدعم الحكومي.. كل شيء يتلاشى إلا الفقر والغلاء يزدادان بوحشية مخيفة. وتعتبر الأصابح وردة ندية في جبين اليمن تستند إلى ماض عريق بفرادة الأرض والإنسان، فمتى يرد لها الاعتبار وفاء لإسهامات أهلها ؟ ومن ينتشلها من هذا الجب المظلم؟!

الجيولوجيا :

يبدو السطح متباينا بين الجبال العالية شرقا وجنوبا وسهل شبه منبسط تخترقه الأودية باتجاه الشمال ولابد من الإشارة إلى أن المنطقة تضم الصخور النارية والرسوبية والمتحولة وتعد موردا مهما لاستخراج الصخور والرمل من المحاجر واستخدامه في البناء لبعض عزل المديرية وتنتشر الصخور النارية سوداء اللون (البازلت) التي يبني بها المواطنون أساسات المنازل، كما تنتشر محاجر الصخور الرسوبية الرملية فاتحة اللون وتستخدم في بناء واجهات المنازل وتغطي القشرة الأرضية رواسب التربة الخصبة في الأودية والمدرجات الجبلية واستطاع (الأصبحي) استغلال التربة في الزراعة وبيع الصخور للبناء والتشييد .

القرية :

معناها.. حيب : واد في وهدة من الأرض واسع وكريم العطايا (لسان العرب ). الجُب: الأرض الغليظة وتعني البئر (الصحاح). الموجر : مكان في أي الفم كان (أساس البلاغة). القحفة : القدح المكسر وجمجة الرأس (لسان العرب) السُجِع :صوت الحمام وحنين الناقة (البلاغة). المدوم : نوع من الطعام (التهذيب). الصلاوي : موضع ونبات رقيق الورق من أطيب الكلأ (لسان العرب) . الجاية: وعاء مطلي بلون أحمر (الصحاح). المراتع: المراعي الواسعة(البلاغة). الأكمة : تل مرتفع من الأرض. العصافير: النجائب وجمل ذو سنامين (لسان العرب) ويقال للجائع : صاحت عصافير بطنه (أساس البلاغة). البقر: المكان القفر والطعن (الصحاح). المدائر: القرى الدائرية ومكان صناعة المدر الترابية (الصحاح). مدشه : خفة واسترخاء ودقة (المحيط). السبيل: الطريق وما وضح منه (لسان العرب). مبلق : فتح الباب ورده ويعني السواد والبياض (البلاغة). الشجح : طائر صوته العقعقة (تاج العروس) . قرى الصبي : من المعالم الأثرية القديمة. المقبرة، العظام، وقرى الكُسر.

حافلة النادي
حافلة النادي
الديموغرافيا :

قال الأستاذ عارف عبده مقبل: «يبلغ عدد سكان أصابح حيب قرابة 7500 نسمة وأكثر من 5000 مهاجر في الداخل والخارج وتشهد هذه المنطقة نموا سكانيا متسارعا كما يتأثر النمو السكاني بارتفاع عدد المواليد والوفيات والهجرة وترتفع خصوبة المرأة ما يؤدي إلى المشكلات الصحية على الأم والطفل ويفضل المزارعون كثرة الإنجاب والاعتماد على الغذاء المستورد ويزداد الفقر والبطالة ولا وجود للخطط التنموية ونسبة الأطفال والفئة المعالة من النساء وكبار السن عالية ويجب إيجاد ضمانات اجتماعية وصحية وتعليمية ويمتاز أبناء الأصابح بالحيوية والنشاط والإرادة الصلبة في الاعتماد على الذات في توفير لقمة العيش».

التربية والتعليم :

قال عبد الولي الأصبحي:«بدأ التعليم قبل الثورة في الكتاتيب وتأسست أول مدرسة عام 1974م تسمى مدرسة النجاح الثانوية- الأساسية وعدد الطلاب 500 والطالبات 350 والمعلمين 30 وتعاني المدرسة عجزا في المعلمين للمواد العلمية والتخصصية والكتب المدرسية والوسائل». وأضاف بقوله:«توجد في المنطقة مدرسة الزهراء (أساسية- ثانوية) بنات وعدد الطالبات 450 والمشكلة في نقص المعلمات وكذا مدرسة الصالح الأساسية (من 1 إلى 6) وبلغ العجز 8 معلمين ».

الصحة :

رداءة الخدمات الصحية أدت إلى انتشار الأمراض المختلفة بين السكان وترتفع مؤشرات الوفيات، والتغذية غير متوازية وانخفاض نصيب الفرد من السعرات الحرارية. وفي هذا السياق قال بكيل عبد الكريم فخري :« يوجد في المنطقة مستوصف صحي افتتح عام 1976م وهو اليوم متهالك وعديم الجدوى ومزود بطبيب عام وسرير وغرفة معاينة ويدفع المواطن 50 ريالا قيمة التذكرة، 250 ريالا أجور معاينة بالمخالفة للقانون دون سند». وأضاف بقوله:«لا يوجد انضباط وظيفي ويبدأ الدوام العاشرة وينتهي الحادية عشرة صباحا ويداوم فيه 3 موظفين ويتغيب (6) آخرون ويوجد به مختبر خاص يدفع المواطن أجور التحاليل الطبية مبالغ كبيرة». وأكد قائلا :«لا دواء ولا دوام ويضطر المريض الذهاب إلى مستشفى خليفة بالتربة».

مدرسة الزهراء
مدرسة الزهراء
الرياضة والشباب :

قال عزيز عبد الولي الأصبحي (لاعب): «دخلت الرياضة مبكرا منطقة الأصابح وأول ناد معتمد بوزارة الشباب والرياضة هو نادي التعاون الرياضي الذي أنشئ عام 1983م وهو من الأندية الريفية لم يتطور منذ النشأة حتى اليوم برغم وجود المواهب وكثرة الشباب ويخدم هذا النادي الشباب بالمنطقة والعزل المجاورة لكنه يعاني الإهمال والانفلات الإداري ووجوده في المواسم لتلقي الدعم، بعدها يعود للسبات ومُعتمد فيه كرة القدم والطائرة أما التنس فيتم الاعتماد على لاعبين (سلف) من نواد أخرى في النشمة ويشارك في الأنشطة الثقافية لكنه لم يحقق أي تقدم يذكر وينعدم الانضباط والمدربون والرعاية الصحية وعند إصابة اللاعب نلجأ إلى الاستطباب بالأعشاب وقد كسر أنفي ولم أعالج حتى اليوم وبشكل عام هذا النادي لا يحمل من اسمه شيئا ولا يقدم خدمات للشباب فالإدارة غائبة وموسمية والملعب ترابي ومبنى النادي القديم أصبح مأوى للبعوض ويمتلك مبنى آخر جديدا لم يفتتح حتى الآن وحافلة نقل اللاعبين ما تزال خارج نطاق التغطية (عاطلةعن الحركة) ونتمنى أن تتحول أنديتنا إلى مدارس كروية تهتم بالشباب وترفد أندية الممتاز بالمواهب لرفع شأن الرياضة اليمنية».

الماء والكهرباء :

يعتبر الماء أنفع السلع التي يمتلكها الإنسان وبالرغم من سهولة الحصول عليه إلا أن هناك نقصا متزايدا في المخزون الجوفي وسوء استخدامه بالسحب الجائر، وفي هذا السياق قال ماجد علي حسن (مدير المشروع): «يوجد في المنطقة عدة آبار ارتوازية ويملك مشروع المياه 5 آبار اثنتان منها عاملتان تغذيان المنازل وبئران جفتا وبئر واحدة ما تزال من دون تجهيزات». وقال عبد الواحد عبد الله عثمان:«الطريق الأسفلتي وماء الشرب والمدرسة والمستوصف الصحي ومولد الكهرباء خدمات دخلت إلى الأصابح مبكرا في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي» .

وأضاف قائلا :«تضاء المنازل بالكهرباء العمومية وتحتاج المنطقة إلى مصابيح إنارة بين القرى وشق الطرق وتعبيدها كما تتوفر خدمات الهاتف الثابت». وطالب الأهالي بإنشاء سدود وخزانات تجميعية لتغذية الخزانات الجوفية فالمنطقة أصبحت في مرمى خطر الجفاف لكثرة حفر الآبار الخاصة والعامة وتعتمد مدينة التربة على الأصابح في مياه الشرب منذ السبعينيات فالسحب الكبير ينذر بكارثة مائية ولا بد من حلول عاجلة وسريعة.

رموز اجتماعية :

ساهم أبناء الأصابح برفد الوطن شمالا وجنوبا بالكوادر والمناضلين وتعمير الأرض، ومن رموزهم على سبيل المثال لا الحصر: الحاج محمد عبد الله الأصبحي (مقاول) ورجل خير وابنه أحمد عضو مجلس النواب، عبد الله العزي كافل الأيتام والفقراء الذين فقدوه بعد وفاته (رحمه الله)، عبدالعزيز المقدم رجل أعمال من أرباب شركات البترول، الدكتور أحمد محمد صالح (طب العيون)، الدكتور ياسين مهجف (طب).عبد الله العصيمي دكتوراه في التاريخ ورجل تعاون، مطهر عبده عثمان دكتوراه زراعة من ماليزيا، الدكتور عدنان علي سعيد هندسة جامعة صنعاء، الدكتور محمد عبد الكريم والدكتور أمين قائد والدكتور علي عبد الله وعدد كبير من حملة الشهادات الجامعية في شتى التخصصات، ومحمد علي حسن زميل قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف ناضل في صفوف الثوار في عدن وتعرض للسجن وجراح المعتقلات في الشمال والجنوب ويعيش اليوم من دون مرتب، وشمسان سعيد عبد الله استشهد في حرب السبعين في صنعاء.

خاتمة:

لا يسعنا في هذه العجالة سوى أن ننهي هذا الاستطلاع عن الأصابح التي تحتاج إلى تنمية حقيقية واهتمام رسمي وشعبي بالأرض والإنسان ورد الجميل لأبنائها الطيبين وعلينا أن نهيئ الأرضية الصلبة لإسعاد الأجيال القادمة على هذه الأرض الطيبة بإيجاد خدمات تليق بهم وتوفير سبل العيش والاستقرار .

يهاجر شبابها إلى كل الدنيا من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم في ظل تنامي الفقر والبطالة فالناس في هذه الأرض يستيقظون على حالات البؤس والحرمان وينامون على وجع الجوع خاصة الفقراء وهم الغالبية ومن الضروري مساعدتهم بدلا من تعاطي منجزات الوهم فالحاضر مؤلم والمستقبل مظلم.. والحنين إلى بوارق الأمل تنتحب الأمنيات.

وعند سؤال شبابهم : لم تعودون بعد الرحيل إلى هذه الأرض؟

فتكون الإجابة:«وما حب الديار شغفن قلبي/ ولكن حب من سكن الديار».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى