الأيام في زيارة خاصة لقسم الصم والبكم بمدرسة أوسان بمديرية المعلا.. إمكانيات شحيحة وظروف صعبة وأحلام لاتنتهي

> «الأيام» فتحي بن لزرق - تصوير عادل الحسني

>
الأستاذ عرفات أثناء شرحه الدرس للطلاب
الأستاذ عرفات أثناء شرحه الدرس للطلاب
في بلادنا تظل الكثير من الفئات وذوي الاحتياجات الخاصة بعيدين عن اهتماماتنا العامة والخاصة ولا نكاد نذكر هؤلاء إلا فيماندر من الأيام ،لا اعتقد أن الكثيرين منا قد توقف عند وضع الصم والبكم في مجتمعنا المحلي ولا اعتقد أن منا من تساءل كيف يعيش هؤلاء وكيف يدرسون وعلى أي أساس تنظم حياتهم.

شخصيا وجدت أنه لابد أن أتوقف يوما وأزور إحدي المدارس التي تعطي مجالا خاصا لتعليم فئة الصم والبكم بين صفوفها وهي نادرة في إطار محيطنا العام زرت المدرسة وكانت مدرسة أوسان للتعليم الأساسي بمديرية المعلا، وعشت فصل آخر تفضلوا إلى هذا التحقيق عن مدرسة لتعليم الصم والبكم تعالوا لنتعرف كيف يتعلم هؤلاء وما هي معاناتهم وأمالهم وربما أحلامهم

بناء على دعوة من أحد أصدقائي قررت التوجه إلى مدرسة أوسان للتعليم الأساسي في مديرية المعلا وهي إحدى المدارس القليلة في محافظة عدن التي تفرد شعب خاصة لتعليم فئة الصم والبكم وبكفاءة عالية يشكر القائمون عليها في المدرسة.. يوجد قسم خاص لتدريس الصم والبكم ويتكون من 3 فصول دراسية في الوقت الحالي ورغم أن كل شيء في القسم المخصص لتدريس الصم قديما إلا أنني لمست جهود شخصية حثيثة يراد منها تقديم يد العون لأطفال حرموا نعمة التخاطب السليم وكان حريا بالمجتمع أن يقدم يد العون إلى هذه الفئة

جهود شخصية

تأسس القسم الخاص بتدريس الصم والبكم في مدرسة أوسان للتعليم الأساسي في العام 1999 ومن ذلك العام وإلى هذه اللحظة لازال القسم يصارع لأجل البقاء وتعترض طريقه الكثير من المشاكل والتي من أبرزها افتقاره للدعم من قبل مكتب التربية والتعليم وعدم إيلائه اهتمام خاص بالإضافة إلى وجود ثقافة تقليدية ترى في تخصيص صفوف خاصة للصم عمل تمييزي يمارس ضدهم بل أن الثقافة التقليدية تذهب إلى أبعد من ذلك وترى في إرسال الطالب الأصم إلى المدرسة شيء معيب بحقه وبحق أسرته وبذلك تمنعه عن ارتياد المدرسة بأي شكل من أشكالها وهي لاتدري بذلك أنها تصنع جيل فاشل وتزيد سوء أزمة هؤلاء أكثر وأكثر

تطلعات وآمال

التقينا بالسيدة هناء صالح محمد، مدير المدرسة التي رحبت بقدومنا لتلمس أحوال الدراسة في القسم الخاص بتدريس الصم وتحدثت مطولاً عن القسم واحتياجاته وظروفه بالقول :« قسم الصم والبكم نعتبره في المدرسة الفصل رقم 14 ونحن نسعى عبر هذا القسم إلى تأهيل فئة الصم والبكم تأهيلا كاملا بما يمكنهم مشاركة المجتمع مشاركة فاعلة وكما تعلمون أننا نعيش في مجتمع تقليدي جداً ونجد صعوبات كثيرة في مجال محاولة دمج الطلاب مع الإطار العام لهم في المحيط الذي يعيشون فيه ونحاول عبر ربط التلميذ الأصم بالمدرسة وأصدقائه في المدرسة والمجتمع ككل»

وعن طبيعة التدريس في هذا القسم أجابت:«جميع المناهج الدراسية يتم شرحها للطلاب عن طريق قيام معلمات متخصصات في المدرسة بشرح هذه المواد عن طريق لغة الإشارة شرحاً وافياً كاملاً كما أن هنالك لجنة خاصة تقوم بإعداد الأسئلة الخاصة للصم في الامتحانات وأنا هنا أرى ضرورة وجود مدارس تعليم أساسي وثانوي تكون متخصصة للصم كي يتسنى لهم مواصلة تعليمهم إلى مراحله النهائية فكلنا نعلم أن الأصم يواجه صعوبات كثيرة عند وصوله إلى مراحل الثانوية العامة لذلك فلابد من وجود مدارس وثانويات خاصة وجامعات خاصة أو على الأقل إيجاد مدرسي لغة الاشارة في هذه الأماكن» .

سألتها عن حجم التنسيق بين وزارة التربية والتعليم وبين المدرسة فأكدت أنه لايوجد أي تنسيق يذكر إلا بعض الزيارات الإشرافية التي يقوم بها بعض الموجهين من وزارة التربية والتعليم.

مؤهلات سابقة

التقينا بالأستاذة أفراح محمود عبد الكريم، مدرسة في القسم الخاص بالصم والبكم في مدرسة أوسان وتحدثت بالقول:« نقوم في هذا القسم بتدريس نفس المواد الدراسية الموجودة في المنهج الدراسي مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الطلاب الصم ولذلك فإننا نقوم بتلخيص هذه المواد ونحاول بقدر الإمكان أن نركز على استخلاص المعلومة المهمة الواردة في الدرس والمنهج»

وأضافت : «كما تعلمون لغة الإشارة أحد أصعب اللغات في العالم،ولكن وبتعاون المعلمات في القسم نحاول التغلب على هذه المشكلة ،حيث أن الطالب في المدرسة يأتي إلى المدرسة لكي يتلقى العلوم مباشرة بينما نحن هنا نعمل بداية على تعليمه لغة الإشارة والتواصل عبرها ومن ثم نقدم على تدريس المواد الدراسية وفي نهاية العام تقوم وزارة التربية والتعليم بإصدار أسئلة فصلية ونهائية خاصة بالطلاب الصم وتراعي في هذه الأسئلة الحالة النفسية للطلاب»

ترى الأستاذة أفراح ضرورة دمج الطالب الأصم في العملية التعليمية والدراسية بشكل عام وتعارض فكرة وجود مدارس خاص منفصلة للصم لأنها ترى في ذلك عمل تمييزي يمكن له أن يكرس مفهوم التمييز والفصل بين الطالب الأصم والمجتمع المحيط الذي يعيش فيه وترى أنه لابد من تفعيل وسائل الاتصال والتواصل بين الطالب والمدرسة والمجتمع الذي يعيش فيه وهي في هذا الإطار ترى أن المجتمع لايشارك بفعالية ولا بروح جادة في كسر العزلة التي يعيشها الأصم في المجتمع وتستدل في ذلك بقولها أن الكثير من الصم لا يلتحقون بالمدارس وبالتالي يكونون جزء من الفئة غير المتعلمة في البلد.

نظرة أمل كبيرة

ابتسام عبدالله علي إحدى المعلمات في المدرسة تحدثت إلينا بالقول: «برأيي الشخصي اعتقد أنه لابد من توسعة الشعب الدراسية الخاصة بالصم والبكم في المدرسة والاهتمام بشكل عام بهذه الفئة في المجتمع بشكل عام من خلال عدم تجاهل هذه الفئة والاهتمام بها كأي فئة أخرى من فئات المجتمع»

وتحدثت عن ضرورة التأهيل بالقول: « لابد من وجود تأهيل متخصص للمعلمين الذين يقومون بأداء الرسالة التعليمية للصم، حيث أن التعامل مع الطالب الأصم تختلف اختلافا مجملا عن الطالب الصحيح لذا لابد من وجود معلمين متخصصين في هذا المجال يخضعون لإشراف مباشر من قبل وزارة التربية والتعليم التي يقع على عاتقها تأهيل هؤلاء والدفع بهم قدما عبر إقامة دورات متخصصة يمكن لها أن تؤهلهم تأهيلاً جيداً.

وقفة احترام وإجلال

التقيت عند زيارتي لهذه المدرسة بأحد المعلمين المتطوعين وهو الأستاذ عرفات عمر هاشم وهو المدرس الأصم الوحيد، وعرفات كشخص وكمدرس وكإنسان يلزمنا أن نوجه إليه تحية وقبلة حارة على جبينه اعترافا بالجميل الذي يقدمه بداية من خلال عمله كمتطوع لتدريس اللغة الإنجليزية وانتهاء بتفانيه في أداء مهام عمله بالمجان .

يشغل عرفات إلى جانب كونه معلما في هذه المدرسة منصب الأمين العام لجمعية الصم والبكم في عدن .

أصر عرفات على أن يكسر الحواجز وتعلم وتفوق في دراسته ولكن طموحاته في التعلم توقفت عند أبواب الجامعة، حيث وقفت الكثير من الإشكاليات المحلية التي يصنعها المجتمع في طريقه، ولكنه أصر وأبى إلا أن يساعد الآخرين في التعلم وهاهو يقدم ما يستطيع أن يقدمه في مجال عمله فله منا الشكر والحب والتقدير

قبل الوداع

الكل يجمع على ضرورة الاهتمام بالصم والبكم

توقفت عند الوسائل التعليمية في المدرسة وللأسف الشديد وجدت أن أغلب هذه الوسائل وسائل محلية الصنع تقوم المعلمات في الغالب بصنعها وتفتقد المدرسة إلى وسائل تعليمية حديثة خاصة بالصم.

كلمة شكر وجهتها إدارة المدرسة والطاقم التدريسي للدكتور صالح علي باصرة وزير التعليم العالي الذي يألوا جهدا في دعم القسم بعدد من الأجهزة والأثاث .

حاولنا عبر هذا التحقيق الموجز أن نلفت الأنظار إلى فئة الصم والبكم في مجتمعنا وكل ما نتمناه مستقبلا أن نرى المزيد من الجهود في هذا المجال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى