متحف الآثار التراثية في الأعبوس بين الاهتمام الشعبي وغياب العناية الرسمية

> «الأيام» أنيس منصور

>
عزلة الأعبوس بمديرية حيفان تزخر بتاريخ عظيم، يحمل في طياته مآثر وتراث وشواهد تاريخية لمواطنيها، معلنين رفضهم أن تتحول الآثار مجرد سلعة تباع لمن يدفع أكثر، وبذلوا جهدا طويلا للحفاظ على ما تبقى من حياة أثرية للأجداد وعادات وتقاليد وأدوات ومعالم في تفاصيل طويلة نستعرض بعضا منها في الاستطلاع الآتي:

الفكرة والبداية الأولى

مصطلح (الآثار) واسع التعدد والأشكال والأبعاد، يحتوي على كل ما يخلفه الإنسان من فنون وإبداعات وأدوات وطقوس وآثار معمارية وهندسية، وعليه فإن كل ما في الحياة وتأثر به الإنسان وأثر فيه هو من الآثار، هكذا تحدث الطالب سليم العبسي ليضع لنا مقدمة عن متحف مدرسة الحرية بني علي أعبوس.

وتحدث الأستاذ أنور خالد عبدالجبار قائلا «إن بداية إنشاء المتحف كانت عبارة عن فكرة بعد الحصول على بقايا آثار أثناء حفر ساسات المدرسة منها تمثال لحيوان الوعل وسيف وأصحاب الفكرة هم الأساتذة عبدالرشيد محمد أحمد وعبدالحكيم عبده محمد، وهناك جهود واهتمام من قبل الأستاذ أنور محمد عبد الجليل الذي رفد المتحف بأشياء كثيرة خصوصا وأنه تستهدف عزلة الأعبوس ومراكزها حالة استيطان واستقرار إنساني، وكان لها موقع مهم ولأبنائها أساليب وعادات في الأكل وإعداد الوجبات والبناء والفنون المعمارية والزراعة والتخطيط.

ومثلث الأعبوس- حسب وصف معملي مدرسة الحرية- مشاهد تاريخية على مر التاريخ، أهم ما يميزها في هذه المشاهد أنها لاتزال حتى اليوم محافظة على عادات وطقوس حياتها في ظل وجود أيادي العبث والعولمة». وعودة إلى البداية يقول الأستاذ جمال عبدالباري محمد «أجريت أعمال رصد وتجميع كل ما هو متعلق بتراث الأجداد، وبالفعل تحولت الأفكار إلى حقائق، وساهم الكثير بإحضار ما يحفظون من مقتنيات وملبوسات، وأوان قديمة، وأسلحة وعملات نقدية وعملات ورقية وتوثيق الطقوس والعادات في الزواج والعقيقة والأعياد وموسم الزراعة، وتم جمع الحلي والمجوهرات الفضية والصناعات النسيجية، إضافة إلى الوثائق والمخطوطات والكتابات والمراسلات القديمة، حتى الصخور وأنواعها والطيور التي انقرضت تم حشو هياكلها بالقطن».

مشاهد تسر الناظرين

في فصل دراسي من مدرسة الحرية أعبوس يقع المتحف التراثي الشعبي العبسي، ومجرد الدخول والاطلاع على محتوياته تعود بك الذكريات إلى الماضي ومافيه من متعة وراحة وما عليه من معاناة قاسية، حيث أشار أحد المعلمين بيده نحو المجوهرات والأساور وعناقد الإخراص والملبوسات للرجال والبناء والدروع والأواني الفخارية ومطاحن الرحى ومواقد النار والأسلحة النارية وأدوات حصد الزرع ودروع الحروب والخزف والنخيل وصور فوتغرافية قديمة وأسطوانات غنائية ووثائق وصور لرموز نضالية قدمت نفسها فداء للوطن، ومخطوطات ومصحف شريف مكتوب بخط اليد تناقله الأجيال منذ مئات السنين، وكل ما له ارتباط بالقديم والماضي العبسي، جميع الآثار مرتبة طوليا وعرضيا ومئات الزائرين من قيادات مركزية ومحلية وفنانين ومثقفين وشخصيات بكل أطيافها وضعت انطباعات فيها من الثناء والإطراء على الجهود والمشاهد.

هموم ومطالب

اكتشاف أية أدوات وعلامات تراثية في أي بلد يقيم الدنيا ولايقعدها، وفي مديرية حيفان عزلة الأعبوس متحف شعبي تراثي لم يلمس أية جهود وعناية رسمية من قبل الدولة. ولم يدخل في خطوط الشيكات المالية لم ولن يشعر القائمون على المتحف أن هناك تشجيعا ثقافيا لهذا الصرح الحضاري القائم على تبرعات شخصية ذاتية خيرية ضمن أنشطة المدرسة. هذه حقائق اعترف بها عدد من التربويين في فناء المدرسة، كما تعرض المتحف لأضرار بفعل السيول، وهو بحاجة إلى عناية حتى يكون معلما سياحيا يؤدي دوره، ناهيك عن ضيق مساحة الفصل، ويذكر المسؤول عن المتحف أنهم يقيمون ملتقى ومعرضا سنويا تحت شعار (من لا ماضي له لا حاضر له). ويبدي الطالب أيمن عبدالجبار استغرابه من عدم دعم الدولة لمتحف الأعبوس في ظل التوجيهات والاهتمام الدولي والإقليمي بتاريخ وتراث الشعوب.

وتساءل أيمن «ماذا لو كان هذا المتحف في دول الشرق والغرب؟ الحقيقة أننا نشعر بالأسف لأن معالم التراث والآثار تتعرض إلى اعتداءات تارة على يد الإنسان ذاته وتارة بفعل عوامل التعرية». وقال الأستاذ خالد العبسي «الجميع من زائرين وطلاب وشخصيات اجتماعية يقدمون انطباعات جميلة واقتراحات برفع قيمة ومستوى أداء المتحف لكن تنقصنا الإمكانيات».

خطوط عريضة

تحدث المعلم بشير محمد «إن السياحة الأثرية والتنقيب عن الآثار أصبحت من أهم الأسواق التي تجلب ملايين الدولارات سنويا.فهل يجد متحف الأعبوس اسمه في كشوفات وزارة السياحة والثقافة؟». عبدالجليل هزاع قال «إن فكرة المتحف عمل يستحق الثناء والاهتمام، جاء من باب الخوف على تاريخ وتراث الأعبوس حتى لايتعرض تاريخهم للطمس والعبث والإهمال والتخريب، فندعو إدارة المدرسة إلى وضع كل عنايتها لتطوير وتوسيع المتحف، وندعو مشايخ ووجهاء الأعبوس لتقديم العون المالي التشجيعي حفاظا على ما في المتحف، لأن هناك تجاهلا من قبل مكتب السياحة والهيئة العامة للآثار تضع علامات استفهام».وقال عبدالجليل «صحيفة «الأيام» هي أول صحيفة تضع مساحة وصور وعناوين وزيارة خاصة للمتحف».فيما رفض عبدالله هزاع رئيس لجنة الشوؤن الاجتماعية بالمجلس المحلي أي حديث عن المتحف بسبب انشغاله بالتحضيرات للانتخابات القادمة، حسب اتصاله مع «الأيام» طالبا استعراض كل المطالب والهموم في حياة عزلة الأعبوس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى