أنواع البعوض أكثر من 3500 نوع وأنثى (الانوفلس) أعظم ناقل للأمراض إلى الإنسان

> «الأيام» د . صالح الدوبحي:

> حشرة البعوض تتواجد في كل بقاع الأرض عدا شبه قارة (انتركتيكا) في المحيط المتجمد الجنوبي، وقد تمكن العلماء والباحثون من التعرف على 3500 نوع من البعوض مقسمة في 41 مجموعة، فمثلا مجموعة الانوفلس تضم أكثر من 270 نوعا من البعوض، ومع أن اسم الانوفلس ارتبط بنقل الملاريا إلا أن الذي ينقل منها الملاريا لا يزيد عن 70 نوعا فقط ، وما من شك أن البعوض من أكثر الحشرات تهديدا لحياة الإنسان بسبب مقدرة أنواع عديدة منها على نقل الكثير من الأمراض والأوبئة الفتاكة سواء من إنسان الى إنسان أو من الحيوان إلى الإنسان. ومن أشهر الأوبئة التي ينقلها البعوض نذكر مثلا الحمى الصفراء، حمى الضنك، حمى الوادي المتصدع، متلازمة حمى الكلى النزفية اللشمانيا وغيرها.

البعوض و الملاريا

الملاريا كما هو معروف مرض يصيب أكثر من 500 مليون شخص كل عام على مستوى العالم بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية يموت منهم قرابة المليونين، معظمهم من الأطفال صغار السن والنساء الحوامل. واليمن من البلدان التي لازالت الملاريا تمثل فيها إحدى أبرز المشاكل الصحية التي لا تهدد حياة السكان فحسب، بل وتؤثر في حياتهم المعيشية بسبب المراضة المستمرة وتكاليف العلاج وعدم القدرة على العمل وقلة الإنتاج، وكلها عوامل محبطة للتقدم الاقتصادي والتنموي في البلد، ولابد من النظر إليها بإمعان و الاطلاع على أسرار وخفايا حياتها، فذلك يساعد كثيرا في تقديرنا على إدراك حجم وخطورة الأضرار التي تقوم بها هذه الحشرة الصغيرة على حياتنا.

دورة حياة أنثى بعوض الانوفلس

مع أن عمرها قصير (متوسط العمر 3 أسابيع) إلا أنها تعيش حياة نشطة ولها دورة حياة تتكون من أربع مراحل: الأولى وهي وضع البيض، والثانية تفقيس البيض إلى يرقات، والثالثة عندما تتكون الخادرات. وهذه المراحل الثلاث تتم في الماء وتستغرق مابين 7 أيام إلى 10 أيام، وكلما كان الطقس مناسبا (معتدل الحرارة ورطب) كانت الفترة أقصر وقد تطول إلى أسبوعين.

وفي المرحلة الرابعة تسمى بالبعوضة البالغة التي تبدأ حال خروجها من الماء حتى وفاتها وفيها تتكاثر منذ الساعات الأولى لطيرانها في الهواء، ثم سرعان ما تقوم بالبحث عن وجبة الغذاء المفضلة (دم الإنسان) وبعدها تذهب لتستريح لفترة تتراوح من 3-2 أيام، وهي المدة اللازمة لنضوج البيض ثم تبدأ بالبحث عن مكان تضع بيضها فيه، حيث دائما ما تفضل المياه الراكدة النقية ولا يهم مكان الماء وكميته فبينما كانت أماكن توالد البعوض في الماضي تنحصر على المستوعبات المائية الراكدة في الطبيعية كالغيول في الوديان والسواقي في المزارع والآبار السطحية المفتوحة وتجمعات المياه في الجبال (الكرفان)، وجدت اليوم في أماكن التوالد المصنوعة من قبل الإنسان فرصة ملائمة للتوالد والتكاثر والانتشار السريع، حيث نجدها في قناني مياه الشرب البلاستيكية وفي الإطارات (التيارات) القديمة، وحتى في أكياس البلاستيك وفي العلب الفارغة التي إما تُرمى وبها الماء أو تملؤها مياه الأمطار، وفي الخزانات المنزلية المكشوفة، وأيضا في صهاريج الماء المستخدمة في أعمال البناء وفي بقايا الحفريات في الوديان التي يقوم بها عمال وجرافات الحصى (الكري)، وتبيض البعوضة مابين 100 إلى 200 بيضة في كل مرة و تتكرر العملية 7-6 مرات تقريبا لكل بعوضة. ويعمل تكرار البحث عن الدم على إيجاد أشخاص آخرين، إما أن يكونوا مصابين بالملاريا أو حاملين لها أو أشخاصا أصحاء يحدث أن ينتقل إليهم المرض.وفي أحيان كثيرة تموت البعوضة قبل أن تكتمل فيها هذه الدورة وينتهي معها خطرها.

كيف نميز بعوضة الانوفلس عن غيرها؟

تمييز بعوضة الانوفلس أمر ليس سهلاُ ويتطلب معرفة جيدة ودراية بأساسيات علم الحشرات، وما يمكن للمواطن العادي أن يلم به هو ما يتعلق بطريقة معيشتها وبحثها عن الغذاء، وهو ما يعرف بسلوكيات بعوض الانوفلس، ومع أن بعوضة الانوفلس في الغالب تنشط ليلاً من أجل الحصول على غذائها إلا أن هذه العملية وكذا قضاء فترة الراحة وأماكن وضع البيض يختلف من نوع الى آخر، فمثلا هناك أنواع تفضل العيش خارج المنازل طوال النهار بين الشجيرات والأعشاب وزرائب الحيوانات وحتى هياكل السيارات الخردة أمام المنازل، ثم وقت الغروب يتسلل الى الداخل، ويقوم بالمهاجمة طوال الليل، ويزداد نشاطه بعد منتصف الليل ثم يغادرها عند الفجر وقبل شروق الشمس، وهناك نوع آخر يعيش داخل المنازل نهارا، حيث يتخفى في الأماكن المظلمة بين الملابس المعلقة، وفي الدواليب وبين الشقوق الصغيرة والفراغات ما بين الأثاث، ولكنه يهاجم ليلا وعادة في منتصف الليل وآخر يعيش في الداخل ويخرج مساء إلى الخارج إذا كان السكان ينامون خارج البيوت، كما هو حاصل في معظم مساكن الريف وخاصة في المناطق الساحلية وأخيرا هناك بعوض يعيش ويهاجم خارج المنازل ولا يدخلها إلا نادراً .. وعلى أساس ذلك يتم اتخاذ إجراءات الوقاية المحددة والفعالة بمنع دخول البعوض خاصة في الأوقات المذكورة، وذلك بإغلاق غرف النوم جيدا ووضع الشباك على الأبواب والنوافذ، والنوم تحت الناموسيات المشبعة بالمبيد التي تعتبر ذات فعالية كبيرة في مثل هذه الحالات، وهو ما يسمى بالحماية الشخصية .

أما بالنسبة للنوع الذي يتغذى ويرتاح في داخل المنزل، فإن رش جدران المنزل بالمبيد ذي الأثر الباقي والذي تستمر فعاليته لأكثر من 6 أشهر إلى سنة يعتبر من أساليب الوقاية الفعالة وذات التأثير الكبير في القضاء على أعداد البعوض البالغ وخفض كثافتها، ومن ثم تقليل فرص انتقال الوباء.

النوع الثالث الذي يتغذى ويستريح خارج المنزل، فيجب العمل على ردم تجمعات المياه الراكدة مهما صغرت أو رشها بالمبيدات أو المواد العازلة التي تمنع تنفس اليرقات ومن ثم موتها، مع استخدام الناموسيات المشبعة بالمبيد الذي يعد من إجراءات الوقاية المفضلة في مثل هذه المناطق.

وفي ذروة تكاثرها قد تصل أعداد بعوض الانوفلس المهاجمة في الغرفة الواحدة الى 100وحتى 300 بعوضة وحتى أكثر من ذلك بكثير. ولأن البعوضة قادرة على الطيران لعدة كيلومترات، وبمساعدة الرياح أحيانا قد تسافر إلى أكثر من 12 كم. وبفضل المواصلات الحديثة والسريعة فقد يتخفى البعوض بين ملابس وحاجات المسافرين وقطع مئات الكيلومترات، كما يمكنها أن تتسلل الى الطائرات من المطارات الريفية أو المدارية لتصل إلى مدن وبلدان بعيدة جدا لاتعرف الملاريا، وقد تحدث فيها حالات إصابة بالملاريا للساكنين قرب المطارات، غالبا ما يتفاجأ بها الأطباء والمسؤولون الصحيون.

تقنيات عالية في سحب الدم

عملية التطفل على الإنسان والتغذية على دمه تتطلب من البعوضة مهارة وإتقانا شديدين. تبدأ باستكشاف سكن الفريسة مبكرا وقبل غروب الشمس، ثم تحدد الوعاء الدموي الذي ستسحب الدم منه بدقة وبخفة متناهية تقوم باستخدام خطوات تكتيكية سريعة ومدروسة كالهبوط الهادئ وتخدير طبقة الجلد العليا ثم فتح ثقب بواسطة مشرطين مثبتين في رأسها ملتفين على إبرة حادة تغرزه في مجرى الدم وتقوم بسحب الكمية اللازمة من الدم في وقت قياسي وبهدوء تام، يساعدها في ذلك عدة مميزات منها القدرة على تحديد تركيز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن التنفس لشخص نائم وأيضا درجة حرارة جسم الإنسان.

كما أن لها قدرة خاصة للرؤية الليلية، وهي تفرز بعض المواد على سطح الجلد تقلل الإحساس باللدغات.

وبالإضافة إلى الملاريا تنقل بعوضة الانوفلس مجموعة من طفيليات ما تسمى بالفيلاريا وهي طفيليات تصيب الجهاز اللمفاوي وتتسبب في تورم الأطراف وخاصة الرجلين (داء الفيل) ومجموعة فيروسات (الاربو) التي تسبب للإنسان أمراضا عديدة من أهمها التهابات الدماغ الفينزويليلية والخيلية الشرقية والغربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى