رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> بني حمَّاد:ورد في الكتاب المرجعي (من أنساب عشائر محافظة تعز) لمؤلفه أ.د. قائد محمد طربوش (صـ 137 - 151) أن «المواسط هي جزء من مديرية المواسط التي كانت تشمل سابقا سامع والمواسط الحالية تشمل كل من: الأخمور، بني حماد، الأعلوم، قدس، الأيفوع، بني يوسف».

يقيد المرجع السالف الذكر أن «بني حماد عزلة في مديرية المواسط مجاورة لقدس وبني يوسف والأعلوم والأيفوع والأخمور وغيرها من العزل». تعيش في بني حماد عشائر مختلفة منها التي وفدت إلى هذا المخلاف في أوقات متباينة ومنها التي نشأت فيه منذ زمن سحيق ومن العشائر التي تعيش في بني حماد:

بني الصليحي: يعيشون في قرية( بهمة) منهم الأستاذ محمد أنعم غالب وزير وشاعر وسفير وكاتب اقتصادي معروف، وطاهر أنعم غالب تاجر وعضو مجلس الشورى.

الميلاد والنشأة:

الراحل الكبير محمد أنعم غالب من مواليد قرية (بهمة) عزلة بني حماد مديرية المواسط، لواء تعز عام 1932، وتلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية بعدن حتى العام 1951-1950، وفي العام نفسه التحق بالبعثة التعليمية في القاهرة وحصل على الثانوية العامة (قسم أدبي - فلسفة)، حيث كان من طلاب مدرسة حلوان الثانية 1952.

في العام 1952 التحق محمد أنعم غالب بكلية الحقوق جامعة القاهرة وحصل على درجة الليسانس عام 1957، وشد بعد ذلك الرحال إلى العالم الجديد (الولايات المتحدة الأمريكية)، حيث حصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة تكساس عام 1960.

أنعم غالب والارتباط المبكر بالصحافة:

ارتبط محمد أنعم غالب بالصحافة منذ وقت مبكر، ويجسد ذلك هاجس الثقافة وروح الالتزام بقضية ماكان يحملها، أو لنقل إنه كان من الكتاب الملتزمين وليس المأجورين أو الكتابة للكتابة فقط، ففي عام 1955 كان الأستاذ محمد أنعم غالب في الثالثة والعشرين من عمره عمل محررا في صحيفة «صوت اليمن» بالقاهرة، وكانت أسبوعية سياسية ولسان حال الاتحاد اليمني بالقاهرة، وكان مؤسسها الشهيد محمد محمود الزبيري وكان الزبيري قد أصدرها عام 1946 في عدن، وكانت - آنذاك - لسان حال الجمعية اليمنية الكبرى، وتوقفت عام 1948 عقب قيام الثورة الدستورية، أما صحيفة «صوت اليمن» بالقاهرة فقد توقفت عن الصدور عام 1958.

أما المحطة الثانية في الصحافة للأستاذ محمد أنعم غالب فقد كانت جريدة «اليمامة» بالرياض خلال الفترة 1962-1961 عندما عمل فيها محررا.

أنعم غالب في عدن:

ورد في كتاب (كلية بلقيس تجربة تربوية رائدة.. 1961 - 1975) لمؤلفه الدكتور علوي عبدالله طاهر أن «هيئة شعبية يمنية تأسست في عدن لإقامة مشروع تربوي رائد لسد ثغرة الحاجة لتعليم أبناء اليمن في حلقات متكاملة (روضة + ابتدائية + متوسطة + ثانوية + معهد تجاري ..إلخ)»، وبرزت ثمرة تلك الهيئة التي تمثلت بكلية بلقيس التي افتتحت رسميا يوم 16 أكتوبر 1961 واشتهرت بعميدها الأستاذ الكبير الفاضل حسين علي حبيشي.. أطال الله عمره ومتعه بالصحة.

ارتبطت الكلية بعدد من الرموز المعروفة أمثال الأساتذة الأجلاء محمد أنعم غالب نائب العميد وعبدالعزيز عبدالغني وأحمد حسين المروني وسعيد قائد مقطري وعبدالرحيم الأهدل وعبدالله عيدروس السقاف، حيث عمل الأستاذ أنعم غالب نائبا لعميد كلية بلقيس خلال الفترة 62م/63م، وغادر إلى صنعاء، حيث عين وزيرا للتربية والتعليم خلال الفترة 63م64-م، وحدث تعديل وزاري آخر استبعد منه الأستاذ أنعم غالب، فغادر صنعاء إلى عدن. عاد الأستاذ محمد أنعم غالب إلى عدن والعود أحمد التي قضى فيها سنوات طفولته ويفاعته تلك السنوات التي ولدت عنده القناعة أن عدن هي المدينة الدولة مدينة النظام ودولة القانون والمؤسسات بمجلس تشريعي ومجلس بلدي وأحزاب ونقابات وصحافة..إلخ.

أنعم غالب في مؤتمر الخريجين:

نشط الأستاذ محمد أنعم غالب في (مؤتمر الخريجين) بعدن خلال الفترة 1968/1962، وهو الإطار الذي جمع كل الخريجين في عدن، وشغل مركز (أمين المال) كما رفد الأستاذ أنعم مجلة «دراسات» الناطقة باسم مؤتمر الخريجين بمواضيع اقتصادي قيمة ظهرت بعضها في القسم الإنجليزي من المجلة.

من خلال عدد المجلة الصادرة في أبريل 1966 ظهر اسم الأستاذ محمد أنعم غالب ضمن هيئة التحرير المكونة منه ومن الأساتذة الأجلاء حسين علي حبيشي وعلي عوض بامطرف وعبدالرحمن يوسف وسلطان عبده ناجي، وظهر اسم الأستاذ شكيب خليفة مديرا للإعلانات، أما الهيئة التأسيسية لـ(مؤتمر الخريجين) فتكونت من: أبوبكر باقر، حسين علي حبيشي، سلطان عبده ناجي، شكيب خليفة، صالح زوقري، عبدالله فاضل فارع، عبدالله محيرز، عبدالله علي قرشي، عبدالله بيضاني، عبدالرحمن يوسف، علي عوض بامطرف، علي جعفر محمد ناصر، فضل عنبول، فؤاد عبدالله بارحيم، محمد عبدالقادر محيرز.. نشط الأستاذ محمد أنعم غالب في مجلة «دراسات» مؤتمر الخريجين حتى عام 1968 خلال فترة شغله مركز نائب عميد كلية بلقيس وفي العام نفسه غادر إلى صنعاء.

أنعم غالب ومتعة الاستقرار الأحادية:

الراصد لمشوار الحياة العملية للأستاذ الكبير محمد أنعم غالب سيلاحظ أن الأوضاع المتقلبة التي عانى منها نظام الحكم في الشمال ألقت بظلاله القاتمة عليه خلال الفترة 1968 - 2008، وتميزت محطة واحدة باستقرار أطول وهي فترة عمله عميدا للمعهد القومي للإدارة العامة الممتدة منذ عام 1975 حتى عام 1991.

أما محطات عمله الأخرى فقد كانت قصيرة وبالإمكان حصرها على النحو الآتي:

- عمل الأستاذ أنعم غالب رئيسا للمكتب الفني والمجلس الأعلى للتخطيط بصنعاء خلال الفترة 1968 - 1969.

- وزيرا للاقتصاد خلال الفترة 1969 - 1970.

- وزيرا للدولة ورئيسا للمكتب الفني خلال الفترة 1971 - 1973.

- مستشارا للجهاز المركزي للتخطيط خلال الفترة 1973 - 1974.

- وزيرا للإعلام والتعليم العالي 1974.

- سفيرا للجمهورية اليمنية في كوريا الجنوبية 1991 - 1993.

- عميدا للمعهد القومي للإدارة 1993 - 1994.

- عضوا للمجلس الاستشاري 1994 - 2001.

- مستشارا لوزير التعليم العالي منذ العام 2001 حتى وفاته في 5 ديسمبر 2008.

أنعم غالب ومحطات نوعية:

برزت محطات نوعية عديدة في حياة الأستاذ محمد أنعم غالب وأشارت في مجملها إلى تميز الرجل في عطائه وسلوكه واحترامه لنفسه ولواجباته ومن تلك المحطات محطتان في عدن هما:1- نشاطه في (مؤتمر الخريجين) بعدن ومجلته «دراسات» وشغله مركز أمين المال خلال الفترة 1962 - 1968.

2- نشاطه في (اتحاد الحقوقيين) بعدن خلال الفترة 1964 - 1968 وقد كان - رحمه الله - من الأعضاء المؤسسين للاتحاد وعضو مجلسه التنفيذي.

أما المحطات النوعية الأخرى في حياة الرحل الكبير محمد أنعم غالب فيمكن اختزالها في الآتي: 1- كان عضوا للجنة التأسيسية لجامعة صنعاء 1970 - 1984

2- كان عضو مجلس جامعة صنعاء 1974-1990م

3- كان مقرر لجنة دستور الوحدة.

4- كان نائب رئيس اللجنة الدستورية المشتركة المكلفة بإعداد دستور الوحدة 1972-1979م

5- كان أحد الأعضاء المؤسسين وعضو مجلس الأمناء لمركز الدراسات اليمنية 1971-1990

6- كان أستاذا محاضرا في الاقتصاد بجامعة صنعاء 1970-1980

7- كان أحد الأعضاء المؤسسين ورئيس المجلس التنفيذي لجمعية الاقتصاديين اليمنيين 1984-1992

8- كان عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

9- كان عضو اتحاد الاقتصاديين العرب.

10- كان أحد المؤسسين وعضو الأمانة العامة لمدارس صنعاء الأهلية.

أنعم غالب.. مشاركات وشهادات

كان الراحل الكبير محمد أنعم غالب صاحب مشاركات في العديد من المؤتمرات والندوات داخل اليمن وخارجها منها:

- برنامج القادة الاداريين تنظيم المعهد العربي للعلوم الادارية في مايو 1972م

- قيامه رحمه الله بالتعقيب على محور الاصلاحات الاقتصادية والعالم الخارجي في المؤتمر الاقتصادي الثاني حول الاصلاحات الاقتصادية في الجمهورية اليمنية المنعقد في أبريل 1998م.

أما على مستوى التكريم المتواضع الذي حظى به الراحل الكبير فقد انحصر في ثلاث جبهات هي:1- جامعة أروى للعلوم الاكاديمية خلال الاسبوع الثقافي الثاني في أبريل 1998م ومنح خلاله شهادات تقدير.

2- مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة التي كرمته في 29 ابريل 2004م.

3- الهيئة العامة للكتاب التي كرمته في 2 سبتمبر 2006م.

إن قامة كبيرة بحجم الأستاذ محمد أنعم غالب تحظى بتكريم لايكاد يذكر يؤكد على بؤس أوضاعنا سياسيا وثقافيا وعلميا، ويكشف في ذات الوقت بؤس أوضاع منظمات المجتمع المدني ومنها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ونقابة الصحفيين وجمعية الاقتصاديين وتضاف إليهم المؤسسات الاكاديمية.

أنعم غالب.. الأعمال المنشورة (مؤلفات وترجمات)

قام الراحل الكبير محمد أنعم غالب بتأليف عدد من الكتابات والإبداعات وقدم عددا من الأعمال المترجمة يمكن حصرها في التالي:

- ترجمة (رحلة الى بلاد نجد) للكاتبة النبيلة البريطانية (ليدي آن بلينت) دار اليمامة الرياض 1964م.

- ترجمة مسرحيتين (في انتظار اليسار) و(استيقظوا وترنموا) للكاتب الامريكي (كليفورد اوديتس) القاهرة 1965م.

- عوائق التنمية في اليمن (دراسة لحالة ما قبل الثورة) 3 طبعات Barriers to Economic Development in Yemen

- (غريب على الطريق) مجموعة قصائد في العام 1974م.

- (الساعة السابعة) مجموعة قصائد شعرية في جريدة البريد الاولي في 1998م قيد الإعداد: نشر الأعمال الشعرية الكاملة.

- دراسة قصيرة عن (الهايكو) وترجمة نماذج من هذا النوع من الشعر الياباني عن الانجليزية، ووضع نماذج باللغة العربية على سبيل المحاكاة (مجلة «اليمامة»1961م).

- سلسلة مقالات عن سياسة التأميم ومشكلات الصناعات الحكومية (صحيفة «اليمامة» الرياض 1961م).

- عقبات في سبيل التقدم في اليمن (مجلة «دراسات» عدن 1965م).

- العمالة والسياسات المتعقلة بها في دول اليمن وعمان بتكليف من منظمة العمل الدولية واللجنة الاقتصادية لغربي آسيا 1975م.

محمد أنعم غالب في موكب الخالدين

انتقل الراحل الكبير محمد أنعم غالب إلى رحمة الله تعالى في صنعاء يوم الجمعة 6 ديسمبر 2008م عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاما مخلفا وراءه ولدين ابن وابنة وسجلا طويلا ناصعا حافلا بالأعمال المتنوعة والترجمات ومعدنا نادرا في السلوك، حيث حرص رحمه الله على استقامة وموضوعية وحصافة مواقفه وسلوكه، الأمر الذي جعله ينأى بنفسه عن الابتذال أو المساومة.

ستقام أربعينية الفقيد محمد أنعم غالب في صنعاء في الرابع عشر من هذا الشهر يناير ،وأكبر المتحدثين ولاشك سيكون الأستاذ حسين علي حبيشي الذي ربطته علاقة حميمة وعلاقة عمل مشترك لمدة تزيد عن 55عاما قضياها معا بين عدن القاهرة وصنعاء.

كلمة أخيرة أسجل فيها عرفاني للأخ فضل ردمان (زميل قديم للأستاذ محمد أنعم غالب) الذي وفر لي مادة كافية لإعداد هذه الحلقة إضافة لما هو في إرشيفي الخاص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى