«الأيام» تزور أهالي فرع العدين بمحافظة إب .. عزلة الأخماس..طريق تثير الرعب والبطالة والفقر نار تلفح الأهالي .. (2-1)

> «الأيام» مطيع عبدالعزيز ومحمد مرشد عقابي:

>
منظر جزئي لمنطقة الغول بالأخماس
منظر جزئي لمنطقة الغول بالأخماس
بين أحضان سلاسل جبلية تكسوها أشجار خضراء تتراقص على أوتار الهواء البارد وقرى متناثرة كحبات اللؤلؤ تلتف حولها مدرجات زراعية، تمتلك جمالا طبيعيا كآية من صنع يد الخالق كانت السماء الملبدة بالغيوم توشك أن تقذف بقطرات الماء.

والهواء البارد العليل ينعش النفس، وسحر المنظر المتجذر في أعماق الأزمنة الغابرة قد لاتضاهيه منطقة أخرى.. وبالمقابل كانت المعاناة ترتسم على محيا أهالي العزلة، وآهات تنطلق من أفواههم لتعبر عن آلام المعاناة وسياط الإهمال.. مأساة مقسمة على مناطق متعددة تظهر عليها آثار مخالب الظلم والإجحاف وجراحات لم تضمد، مفتقرة إلى من يعيد ابتسامة تشرق على ثغر أهاليها البسطاء.. منطقة بلا ملامح وبلا أدنى المشاريع الضرورية، فيما يتعمق لدى الأهالي الشعور بالغربة وأنهم مصلوبون على جدران القهر والنسيان.. آهات تبعث من أفواه ممن ذاقوا مرارة الحياة لتنكسر لها القلوب وتذرف لوقعهم العيون.. الفقر والظلم والإهمال يطلق صوت ناقوس الخطر المنذر بقادم أسوأ يداهم المكان والسكان.. فدعونا أعزائي القراء نجوب أعماق المعاناة ونسافر على أجنحة الآلام إلى حيث المآسي المتنوعة والمعانات المتأصلة.

طريق الحصن المنجرفة تثير الرعب

فكت «الأيام» أشرعتها وطافت تلك المناطق التي غزاها شبح المعاناة، فكانت منطقة الحصن أولى محطاتنا ومنها انطلقت مقتحمة وعورة المكان المزين بوهج الأحضرار وفتشت عن خفايا وأسرار أهاليها، فخرجت بحصيلة توحي بكارثة اجتماعية تعطل سير حركة الزمن الرديء، وعلى أعتاب منطقة الحصن التقينا بالمواطن فواز مطلق شريان وطلبنا منه أن يروي لنا فصول المعاناة فقال:«قد عشنا على براثن الجحيم وحجم الألم الجاثم على عاتقنا قد هز كل جزء منا، طريقنا التي تعتبر كل ما نملك لا تصلح لسير الحيوانات، فما بالك بصعود السيارات التي تتسلق هذه الجبال الوعرة، وهذا يقودنا حتما إلى العصر الطباشيري، ويعتبر جوهر المعاناة في هذا المكان».

وأضاف قائلاً: «طريقنا تحولها الأمطار إلى شلالات مياه توقف سير حركة الناس وتولد مئات الصعوبات والمشاكل لا نجد المبادرة من المسئولين بإصلاحها وتعبيدها رغم مناشدتنا واستغاثتنا بهم دائما، ولكننا لم نجد تجاوبا منهم، الأمر الذي جعلنا نعود إلى وسيلة نضالية تنقذنا من أزمة التواصل، وتعيننا على إيصال القطع الغذائية إنه (الحمار)، فالحمار يلعب دورا أساسيا كوسيلة نقل، خصوصا أنه يلبي لنا أغراض كثيرة، فموسم الحصاد ننقل بواسطته ماجادت به الأرض من خيراتها، أما في موسم الشتاء وعند شحة المياه فهو عون وسند على نقل المياه لإيصالها إلى القرى».

وتابع قائلا: «أين منجزات الثورة والوحدة؟.. أين المشاريع التي يتشدق بها أصحاب المناصب وهم يعلمون أننا نعيش في أعماق المأساة، بل هم من صاغوا لنا هذا الواقع المر حتى طغى علينا ظلام دامس، وأصبحنا منعزلين عن الآخرين، ونعيش في عالم آخر كصورة العذاب وقسوة المكان ووحشيته».

واختتم حديثه:«عبركم «الأيام» أناشد السلطة المحلية بإصلاح الطريق التي تثير الرعب وتصدر المخاوف لكي نعبر فيها بأمان وسهولة إن كانت هناك ضمائر حية وتنقذ واقعنا المر».

البطالة والفقر نار تلفح الأهالي بمنطقة طنوحة

في منطقة طنوحة التي طفناها التقينا المواطن بلال مسعد دماج الذي قال:«هذا ما آلت إليه الأمور، فضيق اليد والبطالة وعدم توفر العمل، بالإضافة إلى عدم وجود دخل، وتوفير متطلبات العيش الكريم قد قاد الجميع إلى الاحتضار وصاغ دروب موحشة اقتدنا إليها رغما عنا، فعظمت مصيبتنا وملأت قلوبنا باليأس، وفقدنا من يحيي لنا أملنا، ويحتضن أحلامنا في هذا الزمن المشبع بذكرى مرة تؤرق حياتنا، وتعكر صفو عيشنا».

وأضاف: «لقد غرقنا في بحر الفقر، وغابت عنا الأيادي المنقذة في الوقت الذي أعلنا فيه المناجاة، ولكن لا حياة لمن تنادي!، الأمر الذي جعل اليأس يسري في كل قطرة من دمنا، بعد أن تحملنا ألوانا من المعاناة، وبعد أن تنامت معاناتنا الممزوجة بالغضب بنوح صراختنا، فهذه صرخة عبر «الأيام» حتى يقرأها كل مسؤول فيه نخوة ليزيل عنا شيئا من هذا الواقع الأليم».

وتساءل: «كيف لا نبكي على حالنا ونحن من طبقة فقيرة معدومة الدخل مكتوفة الأيدي محرومة من المعونات المقدمة من الضمان الاجتماعي؟.. كيف لا نبكي وقد لفحتنا نار الفقر والتهمت أسرنا وأصبح لا حولنا ولا قوة».

واختتم قائلا: «بالدخل المحدود فإن اللهث وراء كيس القمح حتى نعز أسرنا أخذ منا كل تفكيرنا واهتمامنا ولا نطمح بشيء أكثر من ذلك».

الغول بين مقصلة الإهمال وغياب المسئولية

وعن معاناة أهالي منطقة الغول قال المواطن عبدالحميد مسعد شريان:«لقد عشنا في براثين العذاب، وخارت قوانا ولم يعد بمقدورنا عمل شيء بعدما سئمنا من كثرة مناشدة المسئولين الذين لا يهمهم سوى المصالح الشخصية، فهم قد جعلوا المصلحة الخاصة تطغى على المصلحة العامة، فيما جهودهم تجاه أبنائهم قد فقدناها مع أنهم يمطرونا بسيول من الوعود الكاذبة الممزوجة بهز الرؤوس، للأسف إن بعض المسئولين حين يتقلدون تلك المناصب ينسى ما وعد به المواطنين، ضاربا بعرض الحائط تلك الوعود، وعبر صحيفتكم أوجه رسالة إلى كل المسئولين بالمحافظة بالنظر إلى معاناتنا، وأن لا يعتبروا المشاريع الوهمية التي يفترون بها أصحاب الكراسي والمناصب أي اهتمام لأن الواقع يضاهي تلك الإنجازات الكاذبة».

الطبيعة الخلابة والاعتماد على الزراعة أبرز ما يميز عزلة الأخماس
الطبيعة الخلابة والاعتماد على الزراعة أبرز ما يميز عزلة الأخماس
كابوس التعليم في زمن اليأس

ظروف الحياة الصعبة في هذه المنطقة لم تدع فلذات الأكباد يواصلون التعليم الثانوي أو حتى الأساسي، وحول هذا الموضوع قال المواطن عبده مطلق طاهر: «في هذه المنطقة نسبة الأمية في تزايد لأن الأولاد يعزفون عن الدراسة، ويذهبون وراء لقمة العيش، وتوفير متطلبات الظرورية لأسرهم، والشاطر منهم يكمل تعليمه الأساسي، والقليل جدا من يواصل التعليم الثانوي، وهكذا أصبح الطلاب عالة على آبائهم، لأننا مكتوفي الأيدي وليس لدينا دخل، لهذا السبب لا نستطيع تلبية متطلبات الدراسة من أقلام ودفاتر وحقائب وزي المدرسي، وخاصة أن الكيس البر بسعره الجنوني قد حطم أسرنا، فلم يعد بوسعنا تحمل أعباء الدراسة، وتركناهم ليعملوا ويعينونا على توفير متطلبات الضرورية”.

وأضاف: «إنه خيار صعب سلكناه غصبا عنا، ونحن نعلم أن للتعليم مكانة مرموقة، ولكننا أخذنا هذا المضمار مدركين عواقبة الوخيمة ومشاكلة الجسيمة التي سيواجهونها في المستقبل القريب من أمية وجهل».

واختتم قائلا:«متى سيأتي الوقت الذي تصلح فيه أوضاعنا المتردية وأحلامنا المدفونة، وينعم أبناؤنا بحياة رغدة خالية من الأمية والكد والنكد؟».

شذرات ختامية

وختاما ومن على منبر «الأيام» نتمنى أن نكون قد نقلنا ولو جزء بسيط من الأمانة التي يجب أن نوصلها إلى كل مسئول يهمه الأمر وإلى كل قارئ غيور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى