القصائد الوصايا!

> «الأيام» د.نزار محمد عبده غانم:

> المرحلة الإماراتية والقصائد الوصايا:وشاءت الأقدار أن أقضي تلك السنوات العجاف في دراسة الطب و الجراحة سنة تلو أخرى بينما أخذ غانم الأب في العمل بجامعة صنعاء ثم في الملحقية الثقافية لصنعاء في أبوظبي.

وهناك يحتفل بعيد ميلاده السبعين فيكتب قصيدة (في السبعين) بتاريخ 15يناير 1982 في مدينة أبو ظبي ويأتي فيها على ذكر أحوالي العصيبة مع الدرس، وحيث كان السودان يعيش واحدة من أسوأ محنه الاقتصادية التي خلخلت نسيجه الاجتماعي.

غير أنه أيضاً يدافع عن اتجاهي للكتابة النثرية التي وجدت في إبداعها التعليلي ما عوضني عن الإبداع التدفقي الذي كان الشعر يمنحني إياه، كما يشير إلى سلسلة مقالات كانت تنشرها الصحف لي في السودان بعنوان (بين صنعاء والخرطوم) بدأتها بالكتابة عن قصائد لطفي أمان وعبدالله حمران في السودان.

وأذكر أن الأخ عبدالجليل الماوري والأخ أحمد الجرموزي اللذين كانا يعملان في ذلك الحين في صحيفة (26 سبتمبر) كانا يعيدان نشر بعضها في الصفحة التي كان وما يزال يحررها الشاعر الكبير دكتور عبدالعزيز المقالح وذلك شرف تسنى لي في أطروان الشباب، يقول فيها:

وأخير وافت السبعون من أيام عمري

.......................

واستقر الشوط في السودان في خفض ويسر

حيث ما زال (نزار) وهو في بحث وذكر

دائماً يسعى إلى الغاية في كد وصبر

يطلب الطب الذي يقضي على الداء ويبري

وإذا أنهكه البحث وأضناه التحري

كان في العود له خير ملاذ ومفر

يجمع اللحن كما يهوى إلى اللحن الأغر

ويغني بأغاني الحب في أجمل نبر

بالملاء الأبيض الناصع قد جال بخصر

يتهادي وهو و(الصندل) في طي ونشر

ويلف الساق بالساق على نقر ونفر

فيرن القاع بالإيقاع من شفع ووتر

لم يخب من مجد الحسناء في شعر ونثر

وإذا قيل بأن النثر بالشاعر يزري

(فلتقل) في النثر ما للشعر من فضل وقدر

إن يكن قد صاغه الفن بإبداع وأسر

وبصنعاء كما في النيل داع ليت شعري

أي عيب في الفتى أن يخلط البيض بسمر

أن يجد في (الثوب)ك(الشرشف) ما يسبي ويغري

كم لصوت اليمن الشاعر في السودان شعر

بين (حمران) و(لطفي) كم لنا في النهر بحر

.......................

وأخيراً يلتقي السبعين في حمد وشكر

يتمنى أن يجود الله في الباقي بنزر

فيري فيه (نزاراً) وهو في نجح ونصر

قبل أن تودعه الأقدار في أحضان قبر!

وكان رحمة الله عليه قد سمع مني أغنية من كلماتي وألحاني يتداخل فيها السلم الموسيقي الخماسي المعمول به في أكثر الموسيقى السودانية مع المقام العربي النهاوند، وفيها أبدو عالقاً بين افتتاني بجمال المرأة السودانية وتأكيدي لهويتي اليمنية، وإن كانت مشطرة ذلك الحين، أقول:

كوبليه أول

أسمر جميل (سوداني) في مهجتي ذكراه

ربي الذي سواني كتب علي أهواه

لمن تشوفو عيوني تغير عليه وتخاف

وقلبي والله يحبو وزي ده الجمال ماشاف

موال

ياليل وحدي أنا تبكي معي الأوتار

في الغربة ما فيش هنا والبعد أصلو نار

كوبليه ثان

أشتي أشوفك ثاني حتى ولو مره

الشوق أصلو (يماني) لو تدري يا سمره!

أشتي أقولك بحبك أشتي- ملا - تدري

وأهني عمري بحبك يا أغلى من عمري

وحينما أكملت سنوات الدراسة كان رحمه الله قد عاد من أبو ظبي للعمل بجامعة صنعاء، وفكرت في أن أبقى في السودان للعمل بعد أن ألِفت ذاك المجتمع وألفني وكأني أقول مع أبي الطيب:

خلقت الوفا لو رددت إلى الصبا

لفارقت شيبي موجع القلب باكيا

فكتب الوالد إلي يوصيني شعراً بضرورة العودة إلى الوطن واللحاق به و بوالدتي بينما ما زال في العمر متسع وكأنه يقول (ما أقصر العمر حتى نضيعه في الفراق؟) وتلك كانت قصيدة(ترنيمة للعودة) التي كتبها في أبو ظبي في 25 مارس 1984م والتي أبكتني بكاء مريراً وما كان مني إلا أن لحقت به بعد أن قضيت سنة الامتياز بمستشفى راشد في دبي، يقول فيها:

عد إلينا

قد كفانا ما لقينا

عد إلينا لا تهاجر

عد إلينا

لم يعد فينا على الصبر على الأشواق قادر

عد إلينا

يا - طبيبي - نحن بالأشواق مرضى بوركت كف المؤاسي والمؤازر

عد إلينا

تنقذ الباقي من الهيكل من داء مخامر

في صميم العظم ناخر

لم يعد في الشيخ ما يقوى على الصبر فبادر

عد إلينا

كي نرى الإكليل زهراً عبقري اللمح آسر

كي نراه حين يشدو في جبين النصر بالألحان عاطر

كي نرى فيها جزاء الصبر سافر

كي يعود الشوك ورداً كي نرى في فرحة العودة آلاف البشائر

كي يظل القلب شاكر

نعمة المولى على العبد وذاكر

مختتم:

وإن من الوصايا لقصائد!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى