متى ستتوقف حملات القمع..؟

> د. عيدروس نصر ناصر:

> ماتزال السلطات الأمنية والعسكرية اليمنية تتعامل مع الفعاليات الاحتجاجية السلمية ببالغ القسوة والشدة، من خلال إطلاق الرصاص الحي على المعتصمين والمشتركين في الفعاليات الاحتجاجية.

وتعريض حياتهم للخطر، وهذا ما تكرر منذ اعتداء المكلا في العام 1997، ثم اعتداءات 2007/8/2م وحتى 13 و16 يناير 2009م، في كل من عدن والضالع، وهي الاعتداءات التي نجم عنها ما يتجاوز الخمسة عشر قتيلا وأكثر من خمسين جريحا، وتترافق هذه الاعتداءات الجسدية - التي راح فيها ضحايا وجرحى مايزالون يعانون الإعاقة حتى اليوم- مع حملات اعتقالات طالت العشرات والمئات البعض أمضى قرابة نصف السنة في معتقلات السلطة ليخرج من دون أن يحصل على اعتذار أو تفسير لماذا اعتقل، في محاولة لكسر إرادة الرافضين لسياسات السلطة غير الرشيدة التي انتهجتها منذ السابع من يوليو 1994، وهي محاولة لإجبار المواطنين الذين لم يستطع ذهب المعز إخضاعهم لتلك السياسات لإجبارهم على قبولها بسيف المعز.

لن تستطيع السلطات العسكرية والأمنية - بالقوة - إجبار الناس على حبها أو حتى التعايش معها، خاصة بعد أن أسيلت الدماء، وأزهقت الأرواح، ولست أدري إن كانت تدرك أم لا تدرك أنها بكل هذه الممارسات إنما توسع من دائرة الرافضين لسياساتها، خاصة بعد أن امتدت حملة الاعتقالات لتشمل ناشطين مؤتمريين، فضلا عن نشطاء من أحزاب المعارضة وبعض المستقلين، فإن كانت تدرك، ومع هذا تصر عليه فهي بذلك إنما تتصرف على طريق (شمشون) الذي اشتهر بمقولته المشهورة:«علي وعلى أعائي» باعتبار الشعب كل الشعب قد صاروا أعداءً لهذه السلطة، وإن كانت لا تدرك فهي إنما تؤكد أنها غير مؤهلة لتحمل مسؤولية البلد والتحكم بمصيره وثرواته ومستقبله ومستقبل أبنائه.

الاعتقالات التي تمت في الثالث عشر من يناير 2009، وإطلاق الرصاص على المعتصمين وإصابة البعض بإصابات بالغة في محافظة عدن، وما تلتها في الضالع يوم السادس عشر من يناير أكدت أن السلطات عاجزة عن التعلم من دروس الأيام القريبة الخالية، وهي بذلك تراهن على نسيان الناس جرائم ترقى إلى مستوى جرائم ضد البشرية، ولست أدري كيف ستتصرف السلطات اليمنية فيما لو فكر أهالي الضحايا والمتضررين باللجوء إلى القضاء الدولي بعد أن يأسوا من أهلية القضاء المحلي لتحمل مسؤوليته القانونية في حماية الضحايا وإنصافهم من المعتدين.

أما أن تأتي هذه الحملات قبيل موعد الانتخابات التي تصر السلطة على إجرائها من دون توفر أدنى شروطها، فهذا يعني أن السلطات الرسمية قد بدأت الحملة الانتخابية بهذه الوسيلة (الحضارية)، لتؤكد أنها ستحصد كل الأصوات بهذه الوسائل، وهي بذلك لا تعتمد على سمعتها بين الناخبين، بل على وسيلة أخرى، وهي تتقنها في كل انتخابات، وتنسى المثل الذي يقول:«ما كل مرة تسلم الجرة».

ليس بوسع كل ذي موقف حر وشعور بالكرامة أن يسكت عما تفعله السلطات اليمنية من انتهاكات لحقوق الإنسان، وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء، بل أن الواجب الأخلاقي والوطني يقتضي على الجميع رفع صوت الشجب والاستنكار لتلك السياسات الرعناء التي ما انفكت السلطات تمارسها على مدى ما يقارب خمسة عشر عاما، ويبدو أنها مصممة على مواصلتها حتى تهد المعبد عليها وعلى كل من يختلف معها، ومع هذا ليس بوسعنا إلا التوجه لحكامنا بالنصيحة: يا هؤلاء! القمع لا يزيد النار إلا اشتعالا، والغضب إلا تأججا، والكراهية المتبادلة إلا اتساعا، والرفض والمقاومة لسياساتكم تصاعدا، وإذا ما أردتم أن يحترمكم الناس فبرهنوا على أنكم دولة، وقدموا القتلة والمعتدين على الفعاليات السلمية للقضاء، فإن أدينوا فعاقبوهم، وإن برأهم القضاء فسنقبل بحكمه، أما أن تتستروا على القتلة واللصوص والمجرمين وناهبي الأراضي والعابثين بالمال العام، وتفتحوا السجون والمعتقلات للشرفاء والرافضين لسياساتكم بالوسائل السلمية فذلك لا يضعف إرادتهم بقدر ما يعززها، ويوسع دائرة الرافضين لسياساتكم، وستتحملون وحدكم المسؤولية التاريخية عن كل العواقب التي ستنجم عن تلك السياسات.

لقطات:

- ماتزال السلطة ومطابخها الأمنية والاستخباراتية تراهن على تفكك الفعاليات الاحتجاجية السلمية واستغلال التباين بين خطاب أطرافها، ومن ناحية أخرى تحويل خطاب بعض هذه الفعاليات باتجاه أحزاب المعارضة في محاولة لصرف الفعاليات السلمية عن أهدافها وتتويهها عن الخصم الحقيقي.

- لم أكن أتمنى أن يلجأ أصحاب الحق إلى قطع الطريق حتى تطلق السلطة سراح المعتقلين ظلما وعدوانا، ولكن يبدو أن هذه هي اللغة الوحيدة التي تتقنها السلطة.. ترى هل سيضطر كل من له حق عند هذه السلطة إلى اللجوء إلى هذا الأسلوب؟

- المصالحة العربية العربية التي جرت على هامش مؤتمر قمة الكويت، أكدت اللحظات اللاحقة أنها مصالحة هشة لا تبحث في المشكلة ولا تقوم على أهداف استراتيجية بقدر ما تقوم على لحظة عاطفية تبخرت بمجرد الذهاب لصياغة البيان الختامي الذي جاء مخيبا لكل التطلعات.

- انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ محمد صالح علي الشبنكي الشخصية الاجتماعية والناشط السياسي في مديرية سرار عن عمر ناهز (54 عاما) عاشها ناشطا اجتماعيا محبوبا بين أقرانه وكل من عرفه.. الرحمة والغفران لروحه.

aidrooos55.maktoobblog.com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى