رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> الميلاد والمنشأ:محمد أحمد علي الوالي (سلمان) من مواليد قرية الهجر مكتب لبعوس بيافع العليا إلا أنه نشأ وتربى وتشبع بكل مفردات المجتمع المدني في عدن.

شدتني بعض جزئيات من موضوع الأخ صالح حليس التميمي اليافعي عن (سلمان) في كتاب تأبينه صـ67 وكانت على النحو التالي:«من أين أبدأ الحديث؟ عن الهرم الأكبر والجبل الأعظم الوالد أحمد علي الوالي والوالدة الحنون صاحبة القلب الكبير عمتي حمامة بنت سالم رحمهما الله اللذين خصهما الله من النجوم المتلالئة في سماء اليمن والعالم.

ومن أين أجد الحيد الأحمر ومن جبال وودويان يافع التي أحبها وغضب رثاء لحالها وأصر على أن تخرج مما كانت عليه من عزلة وتخلف عن الحياة العصرية وسارع لطلب العلم والثقافة من أجل ذلك».

حليس وجغرافية التواهي:

يمضي حليس (مرجع سابق) في فلسفة تساؤلاته «من أين أبدأ الحديث عن البنجسار التواهي steamer point تلك المدينة الحالمة المظلومة التي احتوت مسجد الهتاري وكنيسة العذراء ورمز ساعة بيج بن و سجن مربط ودار الرئاسة وسجن الفتح ومقر الحكومة (يقصد حليس السكرتارية)the secretariat وشواطئ جولدمور. من أين أبدأ الحديث عن الرمز البارز في تأريخ الاتحاد اليافعي والمنظمات الاجتماعية والشعبية...» إلى آخر حديث حليس الذي شغل الصفحات من 65 حتى 70.

(البنجسار) قاسم مشترك بين عبدالعزيز عبدالغني وسلمان

في شهادته للتأريخ كتب الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى في كتاب التأبين صـ20 موضوعا استهله بمعرفة الفقيد (سلمان): «لقد عرفت الفقيد محمد أحمد (سلمان) في فترة مبكرة من حياتنا حينما كنانعيش في حي البنجسار بمدينة التواهي، حيث جمعتني صداقة وزمالة حميمة مع شقيقه الأكبر سالم أحمد الوالي من خلال موقع السكن وفي الحياة الدراسية». ثم تطرق الأستاذ عبدالغني إلى روح المودة والحب التي سادت المجتمع آنذاك والمناخ الثقافي الذي عاشته المدينة والذي ساعد على إحياء وتأسيس (جمعية إخوان الصفا).

سلمان ومراحل عمل يقيمها الرئيس علي ناصر محمد

أما الرئيس علي ناصر محمد فقد كان أحد المبادرين بتقديم شهادته صـ23 فقد صدر شهادته بالإفادة «ومثل (سلمان) لايغيب إلا جسدا, وذلك لأن الأبطال الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم سطروا من خلال هذه الروحية الفدائية والذهنية التحررية عالما ممتلئا بالحياة..»، «كان الراحل (سلمان) في طليعة الكتائب المبادرة في تعزيز العمل الشعبي والنقابي والكفاح في ثورة 26 سبتمبر ونصرتها وفي تفجير ثورة 14 أكتوبر ومن أبرز رجال القطاع الفدائي لجيش التحرير الشعبي بقيادة الجبهة القومية التي انتمى إليها منذ تأسيسها حتى إعلان النصر ودحر الاحتلال..».«..وقد ظهر تألقه في هذا المجال( العمل النقابي والعمالي والتنموي) من عضويته في نقابة المواصلات مرورا برئاسته لنقابة المواصلات والنقل وصولا إلى ترؤسه لنقابة النقل العربي..».

سلمان وسالم صالح ومطيع أمام مقهى الدبعي بالتواهي

الأخ سالم صالح محمد قيادي سابق في الحزب الاشتراكي اليمني قدم شهادته للتاريخ صـ25 ورد فيها أن معرفته بالأخ المناضل (سلمان) تجاوزت النصف قرن وأولى المحطات كانت أمام مقهى الدبعي العريق بمدينة التواهي الجميلة وضم المشهد سالم صالح محمد ومحمد صالح مطيع ومحمد أحمد (سلمان).تحدث الأخ سالم صالح عن دور وبصمات (سلمان) في الثورة وجسور التواصل مع دول شقيقة من خلال عمله سفيرا في لبنان والصومال والعراق وهو المناضل الذي عرفته الحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينية بكل فصائلها.

حيدر العطاس و(سلمان) وأمجاد مطار عدن الدولي

المهندس حيدر أبوبكر العطاس آخر رئيس دولة في الجنوب وأول رئيس وزراء في دولة الوحدة قدم شهادته للتأريخ واستهلها بواقعة عمرها أربعون عاما وتحديدا في سبتمبر 1969م بعد أشهر من تولي العطاس وزارة الأشغال والمواصلات عندما قام بزيارة مفاجئة إلى مطار عدن الدولي وحطت قدماه أولا في برج المراقبة الدولي للمطار الذي يتولى مسؤولية إرشاد وتوجيه الطائرات القاصدة مطار عدن الدولي أو العابرة بين الشرق والغرب، وبلغت كفاءة مطار عدن أن أسندت إليه مسؤولية السلامة الإقليمية.يروي العطاس أنه التقى (سلمان) مع زملائه في موقع المسؤولية ووجده- كما وصفه الكثير من رفاقه- بالحيوية والنشاط. وتطرق العطاس إلى تدرج (سلمان) في العديد من المواقع المهنية والسياسية والمناصب القيادية ومع كل موقع يتسلم قيادته تبرز قدراته القيادية وصفاته التي عرف بها من شجاعة وإقدام وصلابة في المواقف الصعبة وتقبل للرأي والرأي الآخر. وتحدث العطاس عن (سلمان) في اللجنة المركزية ومجلس الوزراء فقد كان عضوا نشطا في اللجنة المركزية ووزيرا يشار له بالبنان.

ياسين سعيد نعمان وحديث عن عقلانية (سلمان):

رباطة الجأش عند (سلمان) كانت أولى انطباعات الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني, حيث دشن موضوعه صـ29 بواقعة إصابة نجله سالم واقتضى الواجب أن يواسي أخاه (سلمان) بحمده تعالى الذي قدرولطف، فوجد لدى (سلمان) رباطة جأش عليها مسحة حزن.وأشار الدكتور ياسين في فقرة أخرى إلى رحلة رسمية قام بها إلى الصين عام 1987م وكان رئيسا للوزراء وكان (سلمان) وزيرا للإنشاءات والإسكان, تحدث (سلمان) عن ضرورة توفير الأجواء المناسبة لمناقشة القضايا المعقدة في غير أجواء العمل التي تسبب احتقانا للمشاعر, يضيف الدكتور ياسين بأن سلمان اختلف مع كثيرين واتفق مع كثيرين ولكن في الحالين يقف عند حدود القضية موضوع الاتفاق أو الاختلاف, لايذهب بعيدا في الاختلاف إلى المدى الذي يجعل العودة إلى تصحيح الموقف غير ممكن.

(سلمان) الوزير الاستثناء عند عبدالرحمن الجفري:

السيد عبدالرحمن بن علي الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن(رأي) أورد توصيفا لسلمان صـ31 بأنه «كان رجلا مسؤولا متزنا صاحب رأي وموقف, ولاننسى لعودتنا إلى عدن النور في مارس 1990م إنه كان الوحيد في أعضاء الحكومة في عدن الذي استقبلنا في منزله مرتين، والرجال مواقف».

أحمد قعطبي يغمره وفاء (سلمان)

أحمد محمد قعطبي أحد مناضلي حرب التحرير ووزير وبرلماني سابق ربطته بسلمان علاقات عمل وطني، وصداقة عمر تمتد لأكثر من أربعين عاما, وعند وقوع أحداث 13 يناير 86م المؤسفة كان أحمد قعطبي مشاركا في اجتماعات مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب في العراق ومكث فيها وفي الكويت لفترة من الزمن، وتهيأت له سبل العودة إلى عدن على نفس الطائرة التي أقلت د. ياسين سعيد نعمان من سوريا عبر الكويت, وشاركهم في رحلة العودة أيضا زميله في مجلس الوزراء أحمد عبيد الفضلي وزير التجارة والتموين آنذاك.

فور وصول الطائرة القادمة من الكويت كان سلمان واقفا عند سلم الطائرة في مطار عدن الدولي ويفيد القعطبي في شهادته صـ43 «احتضنني- أي سلمان- بكلتا يديه ثم اصطحبني معه إلى السيارة مارا بي بكل نقاط التفتيش التي كانت حينها لازالت قائمة بكثرة وكما يقال:

«ليس من يسمع كمن يرأى» كنت أسمع عن الأحداث وأنا في العراق والكويت, لكنني وسلمان يمر بي عبر الطريق إلى منزلي رأيت أهوالا كانت لازالت آثارها ماثلة للعيان, لم أحس وأنا في سلم الطائرة أن هناك من كان متربصا بي بسوء.

لكن سلمان كان يعلم أن هناك من ينتظر عودتي لتصفية الحسابات.. يمكن أن تصل إلى التصفية الجسدية, فسارع إلى أن يكون عند سلم الطائرة لاستقبالي وحمايتي, لقد قال أحدهم بعد ذلك: كنا ننتظر عودته بفارغ الصبر ولكن ظروف الاستقال لم تخدمنا،لم يكتف سلمان بذلك بل وضع حارس عند بيت أحمد قعطبي يمنع اقتراب أي شخص من المنزل إلا إذا أذن له صاحب البيت».

وماذا عن أحداث حرب 1994؟

يفيد أحمد قعطبي في إفادته وشهادته للتأريخ بأنه «على الرغم من ابتعاد سلمان عن حرب 94م إلا أنه استخدم نفوذه لحماية قيادات وأعضاء مؤتمريين الذين واجهوا تهديدات من بعض القيادات المسؤولة أثناء الحرب وقال أحدهم بالنص: نحنا لسنا فارغين لكم الآن..»، ويشير أحمد قعطبي أن أوفياء آخرين ظهروا إلى جانب سلمان منهم محمد علي أحمد، قاسم الجانعي، عبدالرب علي مصطفى.

وماذا قال أنيس حسن يحيى في شهادته للتأريخ؟

شهادة الأخ أنيس حسن يحيى قامة من قامات العمل الوطني شغلت الصفحات من 47 حتى 52 عدد فيها مناقب الفقيد وبدايتها صدور قرارين جمهوريين في 19 مايو 1973م باستحداث وزارتين وزارة الإنشاءات ووزارة المواصلات, وقضيا بتعيين م.حيدر العطاس وزيرا للإنشاءات وأنيس حسن يحيى وزيرا للمواصلات, وكان (سلمان) رئيسا لنقابة المواصلات الذي رحب بالوزير الجديد أنيس وهنأ وزير الإنشاءات العطاس بتقلده مهام الوزارة المستحدثة.

يفيد أنيس بأن «الزيارات والاتصالات بينهما لم تنقطع سواء في المكتب أو في المنزل حتى قيل لبعض رفاقنا في قيادة الجهبة القومية: إن سلمان أصبح عضوا في حزبنا أي حزب الطليعة الشعبية».

ورد في سياق شهادة أنيس كلمة حق وشكر وتقدير وامتنان منه لشخص (سلمان) الوفي بأنه أثناء أحداث يناير 86م اقتيد نجله الوحيد باسل إلى مقر المليشيا الشعبية بالمنصورة (عدن) وفور علم (سلمان) بالخبر توجه إلى مقر المليشيا وأعاد باسل إلى بيت والده.

سلمان يواجه التقلبات في المناخ السياسي

عبدالله حسن العالم خبير (الإيسكوا) السابق أدلى بدلوه في كتابة التأبين صـ92 جاء في مستهل شهادته للتاريخ ووسم شهادته بـ( الصديق العزيز):

«اتسم الأخ الصديق العزيز محمد أحمد (سلمان) الوالي بصفة لم تفارقه طوال حياته وتلك الصفة هي الصراحة في التعبير عن مواقفه وآرائه مهما كانت العواقب, وقد أغضبت صراحته الكثير من الناس, ولكنها أكسبته احترام خصومه قبل أصدقائه, لأنه كان صادقا بعيدا عن النفاق. وهذا ليس بالأمر الغريب, فسلمان يافعي المولد، عدني النشأة والتعليم كان من قادة الكفاح المسلح لتحرير الوطن من الاستعمار, تعلم الشجاعة ورباطة الجأش عند الشدائد, مما مكنه من مواجهة الصعوبات والتقلبات السياسية..».

يتضح من مقدمة الأخ عبدالله حسن العالم أن سيرة ومسيرة الراحل الكبير سلمان كانتا حافلتين بالمد والجزر فقد كان عضوا في قيادة الحرس الشعبي في مدينة عدن بعد الاستقلال وعلى صعيد منظمات المجتمع ا لمدني فقد كان رحمه الله رئيسا لنقابة النقل والمواصلات ورئيس نقابة النقل العربي.

عمل (سلمان) مراقبا جويا بمطار عدن الدولي 73/68م فرئيسا لقسم الاتصالات السلكية واللاسلكية بديوان وزارة المواصلات بموجب قرار وزاري اتخذه وزير المواصلات آنذاك أنيس حسن يحيى ورفض قرارا بعودته وفضل العمل مديرا للتوزيع في شركة التجارة الداخلية, وكان مديرها العام آنذاك الرجل الطيب عبدالرحمن السيلاني. شغل سلمان العضوية في أول دورة لمجلس الشعب الأعلى 73م وعضوية مجلس النواب خلال الفترة 97-93م

تم نفيه إلى لبنان والصومال والعراق وسفيرا لبلاده, وانتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في المؤتمر العام الثالث أكتوبر 85 وعمل نائبا لوزير المواصلات, وبعد أحداث يناير 86م شغل حقيبة الإنشاءات والإسكان فوزيرا للإسكان والتخطيط الحضري في أول حكومة بعد تحقيق الوحدة.

«الأيام» توافي قراءها في الداخل والخارج بوفاة سلمان

وردت في كتاب التأبين مداخلة موسومة:

(محمد أحمد علي الوالي (سلمان) وداعا أيها الرجل الكبير) قدمها سالم محمد حسن صـ85 بأنه «عند الساعة 11.45 من مساء الأحد 26 أكتوبر 2008م وفي المستشفى اليمني الألماني بصنعاء انتقل إلى جوار ربه المناضل الوطني محمد أحمد علي الوالي سلمان عن عمر ناهز 66عاما .

وصدرت «الأيام» الغراء من عدن حاملة على صفحتها الأولى الخبر الحزين مشفوعا بصورة الفقيد وعزاء ومواساة الناشرين الكريمين هشام وتمام باشراحيل». يمضي الأخ سالم في إفادته:

«بعد عصر الإثنين وصل إلى مطار صنعاء الدولي نجل الفقيد الأكبر سالم محمد أحمد سلمان وشقيقه سليم محمد أحمد قادمين من جدة التي كانا قد وصلا إليها صبيحة اليوم نفسه قادمين من فرانكفورت إثر رحلة علاج طويلة في ألمانيا من الإصابات البليغة بالرصاص التي تعرضا لها في يوليو 2008م في منزل الراحل الكبير الشيخ علي عبدالله عاطف والتي قتل فيها وسقط مضرجا بدمائه على أعتاب منزله.

تمت الصلاة على جثمانه الطاهرة في جامع الصالح ظهر الثلاثا ء 28 اكتوبر 2008م وسط جموع كبيرة من المصلين تقدمهم اللواء عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية والأخ علي محمد الآنسي رئيس مكتب رئاسة الجمهورية واللواء غالب مطهر القمش رئيس جهاز الأمن السياسي والقاضي حمود الهتار وزير الأوقاف والإرشاد والحاج محمد أحمد الوالي عميد آل الوالي وأسرة الفقيد يتقدمهم إخوة الفقيد د. سالم الوالي ود. علي الوالي ود.عبدالرحمن ود. عبدالناصر وأنجال الفقيد سالم وياسر وسليم وسميح».

ومشاركة لاتنسى في عدن

فرضت عدن نفسها على الحدث الجلل حيث تقاطر المعزون من كل حدب وصوب لتقديم واجب العزاء إلى أفراد أسرة الفقيد من آل الوالي الكرام وذلك يوم الجمعة 31 اكوبر 2008م.

وهو اليوم المشهود الذي امتلأت فيه كل قاعات نادي ضباط الشرطة على نحو غير مسبوق في تاريخ النادي في مثل هذه المناسبة.

برقيات التعازي تصدرتها برقية فخامة رئيس الجمهورية

بعث فخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح برقية تعزية لأسرة الفقيد محمد أحمد سلمان أثنى في سياقها على الدور الوطني الكبير للفقيد في خدمة الثورة والجمهورية والوحدة وعبر عن حزنه لهذا المصاب الجلل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى