الإرهاب وحرية العقل

> علي صالح محمد:

> (إن إيقاع الرعب والذعر في النفوس هو الهدف من الإرهاب، لأن الخوف يضعف الإيمان ويقوض أسسه.. ويصبح الإرهاب هنا ليس تعبيرا عن الغضب بل كناية عن سلاح سياسي).

الروائي داون براون

ويصبح الخوف - الذي هو ضد الأمان- مصدر إزعاج وقلق وعدم استقرار، حين يطلق العنان لحماة القانون حد الانفلات لتخرج الممارسات عن حدودها الطبيعية، متجاوزة المألوف من حالة الأمان العامة وناموس الحياة الطبيعي، وذلك حين يستيقظ الناس فجأة على حال تتحول فيها القوانين السائدة، من مصدر حماية وأمان وقوة وسلطة على البشر، إلى مصدر قلق وخوف وأذى للجميع، بسبب طغيان سلطة البشر على القانون، وإطلاق العنان للقوة لتكميم أفواه القوانين، ليقضي على ذلك الوازع أو الرادع الوضعي أو الشرعي أو الكابح العام المتفق أو المتعارف عليه اجتماعياً، والذي يفرمل جماح أي طرف يحاول الإخلال أو المساس بالعقد الاجتماعي المنظم للحقوق والواجبات ولنواميس الحياة القائمة، لتسود بنتيجة ذلك مظاهر الاستبداد والقمع العشوائي المنفلت وهي ظواهر تتميز بها عادة الأنظمة الاستبدادية الفاشلة، تلجأ إليها في العادة لعدم قدرتها على تحمل متطلبات الديمقراطية واستحقاقاتها التي يعتبر أصدق مقياس لها هو مدى الحرية التي يتمتع بها أفقر المواطنين في أي بلد، وهنا فحين ينتهي القانون يبدأ الطغيان كما يقال لتزدهر في ظل ذلك نظريات العنف ومقولات الحسم العسكري والقمع بلا حدود ليسود إرهاب السلطة، وبموازاة ذلك تتقلص تدريجيا مشاعر الثقة وعدم الاحترام لسلطة الدولة، وعند درجة معينة من عدم الاحتمال تنشأ بالنتيجة أشكال حماية بديلة لمواجهة هذا الإرهاب والممارسات غير العادلة، وحينها يعلم الله وحده إلى ما ستفضي إليه عمليات التمرد والمواجهة أو الفوضى المحتمل نشوبها في مثل هكذا وضع.

وأثناء ذلك يضطر العقل ومعه لغة الحوار والحكمة إلى البحث عن مكان آمن يتكنن تحته ولو مؤقتا، وذلك لأن الأفكار شأنها شأن الأشجار لا تنمو وتثمر إلا في ظل بيئة ملائمة، والعقل كما قيل أشبه بالحصان يحتاج إلى مضمار واسع ليسابق، ومضمار العقل هو الحرية، والحرية مضمارها الحياة الحقيقية بكرامة بلا تعسف أو قمع أو خوف أو انتقاص حقوق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى