ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟

> جلال عبده محسن :

> سؤال لطالما تردد كثيراً على مسامعنا منذ الصغر عندما يسألنا عنه الكبار، في البيت وفي المدرسة، في الشارع وفي برامج الأطفال حتى ونحن نحدث به أنفسنا، وأمام صغر السن وبراءة الطفولة عادة ما تكون الإجابة تلقائية وعفوية.

إما دكتور أو مهندس أو محامٍ أو مدرس وغيرها من التخصصات الاجتماعية الأخرى..إنها الصورة التي يرسمونها في مخيلتهم عن حياتهم للغد وعملهم وسعادتهم في هذه الحياة، ونتيجة لتلك الصورة ومنذ أن راودهم الحلم في تلك اللحظة يكون السعي والبحث لإثبات وتحقيق الذات، بمثابة الخطوة التي يحدوها الأمل والثقة التي تساعدهم على بلوغ الهدف، بل إن بعض الأماني عادة ما تتحقق بسبب أن باعثها الأساسي كانت هي تلك الأمنية التي ظلت تراود صاحبها في كل خطوة لا سيما إذا ماكانت متأثرة بشخصية قريبة في محيط الأسرة، وتكون بمثابة الدافع بالنسبة لها.

ولكن قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، كما يقول الشاعر، فقد تتقيد الأحلام وتصبح سراباً أمام الواقع تضيع معها النبوات والمخططات تتدافعها مياه البحر وأمواجه المتلاطمة يفيق على أثرها البعض ولا يجسد نفسه إلا أمام آفاق تبتعد عنه شيئاً فشيئاً وتتلاشى مع الزمن إما بسبب ظروف الواقع وإمكاناته الاقتصادية والاجتماعية وإما بسبب حدود قدراته الشخصية المعرفية منها والنفسية.

وعادة ما تكون ظروف الواقع غير ملبية لطموحات الأحلام قد لا يملك المرء حيالها إلا الاستسلام ورفع الراية، كما أن بعض الطموحات قد تفوق القدرات أو تخالف التوقعات، فهي الأخرى قد تقف حائلاً أمام مواصلة المشوار وبلوغ الهدف مما يعتبره البعض مؤشرا كافيا لاختبار الذات وبمثابة المحطة لمراجعة الأفكار وتقييم الموقف وتغيير المسار بآخر يتناسب وحدود القدرات، حيث يصبح مواصلة المشوار معها نوعا من أنواع المغامرة، والبعض الآخر أضاع حلمه نتيجة لقرار خائب كان قد اتخذه حال دون بلوغ الهدف ليس بسبب يتعلق بالمثابرة وجدية العزم، بل كان بسبب قلة الدراية ونقص الخبرة كاد أن يتحقق فيما لو تم إشراك الآخرين من حوله ممن تشهد لهم خلفياتهم وخبرتهم في مواجهة الخيارات في مثل تلك اللحظات الحرجة.

وما أكثر القرارات الفاشلة التي يتخذها المرء في حياته، ويظل يدفع ثمنها حتى اللحظة والتي عندما ينظر إليها من منظور اليوم يجدها مجرد مبررات وحجج واهية تكون سبباً في الإحباط وخيبة الأمل. ومع ذلك وأياً كانت الحجج والنتائج المترتبة عنها، تظل كلمة المستقبل لها رنينها ومعناها ووقعها الخاص في نفوسنا لسؤال يبدأ بأماني وأحلام، والإجابة عنه تنتهي إما بذكرى أو منال.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى