عندما يصبح الوطن مجرد حلم

> هاجع الجحافي:

> بينما تستمر أنظار اليمنيين شاخصة إلى أبريل القادم وإمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، في ظل استمرار أحزاب المشترك على موقفها من عدم المشاركة بعد أن وصلت في حواراتها إلى طريق مسدود مع الحزب الحاكم.

تختلف اهتمامات المواطنين ومواقفهم من هذه الانتخابات ومنها أن الكثير من الاتجاهات في المحافظات الجنوبية تراهن بقوة على مقاطعتها حتى وإن اتفقت السلطة والمعارضة على كل ما يكفل مشاركة الجميع.

في هذه المحافظات وغيرها هناك الكثير ممن شمروا عن سواعدهم لاستغلال الموسم الانتخابي فيما يحقق مصلحة خاصة أو عامة.. كثيرون يتجهون لصنعاء إما بمبادرة ذاتية لعرض الخدمات الانتخابية في هذه المنطقة أو تلك، أو ضمن مجموعات يتم التنسيق لها رسمياً لمقابلة كبار المسؤولين وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية.

الأسبوع الماضي تحدثت وسائل إعلامية عن لقاءات جمعت رئيس الجمهورية ببعض أبناء المحافظات الجنوبية وفي مقدمتهم أبناء محافظة الضالع، وعلى الرغم من أن هذه اللقاءات لم تبث كالعادة في التلفاز الرسمي اجتهدت الكثير من التحليلات حول ما دار فيها.. بعض الذين شاركوا أكدوا أن دافعهم للحضور هو عرض مشاكلهم الخاصة على الدولة أما على أرض الواقع فهم يدركون أن الوضع صعب للغاية خصوصاً في ظل اتجاهات المقاطعة في الضالع والمحافظات المجاورة واعتبارها استفتاء وموقفا ليس من الانتخابات فحسب وإنما من الوطن نفسه.

وبين هذا وذاك يجد الكثير من الشباب أنفسهم وسط لهيب من الآمال والتطلعات والإحباطات والإشاعات والمواقف والتوجهات.. الوطن بالنسبة لهم حلم وأمل تترجمه صرخاتهم المدوية في ساحة ضيقة أو شارع خلفي يجمع مسيراتهم أو تظاهراتهم مع غيرهم من فئات المجتمع.. وجدوا أنفسهم وقد تحولوا إلى وقود في صراعات الكبار وإذا بالكثير منهم ينظرون بسوداوية إلى ذلك القادم بعد أن صودرت أحلامهم وحجزوا مقاعدهم في أرصفة البطالة واليأس.

بسام محمد علي.. شاب ضالعي حاول أن يهرب بحلمه إلى خارج الوطن، غادر إلى دولة أوروبية قبل سنوات عدة بحثاً عن الأمل والأمن والأمان، وذلك بعد أن فقد وأخوانه عائلهم في حرب صيف 1994م بينما استولى بعض المتنفذين على مسكنهم وأرضية صغيرة تخصهم، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مصير مجهول يواجهون التشرد والضياع.. لم يكن أمام بسام وأخوانه سوى اللجوء إلى الشارع والمشاركة في أي تظاهرة أو مسيرة أو اعتصام للتعبير عن ما يغلي في صدورهم ورفضهم للظلم الذي لحق بهم مثل غيرهم في هذه المحافظة أو تلك.. وتعرضوا للسجن والمضايقات أكثر من مرة إلا أنهم مستمرون في مواقفهم طالما لم يجدوا من ينصفهم وهم كغيرهم لا يعلقون أي أمل على الانتخابات القادمة لأن وعودا سابقة كثيرة لم تنفذ.

رغم أن (بسام) استطاع الفرار بحلمه إلى الخارج إلا أنه مازال يتحسر على حال أخوانه ويحاول مساعدتهم قدر الإمكان حتى وإن عمل في أعمال مضنية ومجهدة، ويخاف أن يعود حتى لا يتعرض للمضايقات أو السجن في ظل وجود من يهدده بذلك.. مشهد يتكرر مع العديد من الشباب الذين استطاعوا الهجرة أو البحث عن عمل في الداخل، إلا أن المحصلة هي المزيد من المعاناة.. الشارع فقط هو الذي يجمع الكثير منهم ويتسع لصيحاتهم وقد باتوا لا يعلقون أية آمال على الانتخابات أو اللجان المشكلة لحل مشاكل الناس، لترتسم بذلك صورة غير سارة لأجيال شابة مقهورة ومحبطة وكبار يشعرون أن من واجبهم عدم القبول أن يتجاوز القطار أبناءهم كما سبق أن فاتهم.. لسان الحال: لم تعد تجدي محطات الانتظار.. ربما قد تفيد عمليات التقطع والإعاقة بإيقاف القطار، ولكنها ربما قد تخرجه عن مساره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى