حتى متى عسكرة الحياة المدنية

> د. عيدروس نصر ناصر:

> ليست اليمن هي الدولة الوحيدة التي يتم فيها إضفاء الطابع العسكري على الحياة المدنية بكل مجالاتها وميادينها، فنلاحظ قادة البلد يزورون المعسكرات، ويحرضون الجنود والضباط ضد المعارضة وضد من ينتقد أخطاء السياسات الرسمية.

حتى لو كانت تلك الأخطاء هي ما يعترف به الحكام أنفسهم ويقرون بضرورة محاربته، فنحن يمكن أن نلمس ذلك في الكثير من البلدان ذات الأنظمة الديكتاتورية التي لا تعترف بحق المعارضة وترفض الاعتراف بالرأي الآخر، وتحرم حرية التعبير وبعضها تنص دساتيرها وقوانينها على هذا الرفض والتحريم.

الفرق بين اليمن وتلك البلدان أنه في اليمن ما ينفك الحكام يتحدثون عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وحق التعبير وحق المعارضة، ولكن كل هذه الشعارات ما تلبث أن تتبخر أمام أول امتحان عندما يبدأ الرأي الآخر في التعبير عن اختلافه مع السياسات الرسمية، حيث تصاب الأجهزة الأمنية بما يشبه السعار فتذهب لتفتك وتقتل وتجرح وتعتقل من دون أدنى اعتبار للمعايير القانونية والأخلاقية ولا حتى للكلام الذي يقول به القادة، وهو ما يعني أن السلطات اليمنية إنما تستخدم شعارات الحرية والحياة المدنية وحق التعبير وغيرها من المفاهيم ذات الصلة بالممارسة الديمقراطية، للتضليل والخداع ليس إلا.

لم تكتف السلطة الرسمية بجرجرة أفراد الأمن والقوات المسلحة إلى حملات التعبئة ضد المعارضة وإكراههم على معاداتها (أي المعارضة) بلا مبرر وإرغام هؤلاء الجنود والضباط على التصويت للحزب الحاكم وتحويل أصواتهم إلى سلم يصعد به الفاسدون على ظهور هذا الشعب ليكتوي بعد ذلك بمزيد من نتائج السياسات العرجاء التي لم تؤدِ إلا إلى المزيد من المعاناة للشعب كل الشعب ومزيد من الإثراء غير المشروع للفاسدين، بل ذهبت أبعد من ذلك بالزج برجال الأمن والجيش في التصدي للفعاليات السلمية المدنية التي ينص الدستور والقانون على أنها حق من حقوق المواطنين، وقد نجم عن هذا النوع من السياسات العديد من الضحايا من القتلى والجرحى فضلاً عن مئات المعتقلين، وراحت السلطة تتستر على القادة الذين أمروا هؤلاء الجنود بإطلاق النار وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء.

وفي غالب الأحوال تنجم عن هذه الممارسات ويترافق معها إعلان حالة طوارئ في معظم المحافظات، وبالذات محافظات الجنوب التي تشهد هذه الفعاليات السلمية الاحتجاجية، فتنتشر النقاط الأمنية الزائدة عن الحاجة في الطرقات وعلى مداخل المدن، وتحفر الخنادق على جوانب الطرقات، ويتعرض المواطنون للتفتيش في العديد من هذه النقاط، وتتعطل الحياة المدنية، لا لشيء إلا لإبراز قدرة السلطة وأجهزتها على تعذيب المواطنين وممارسة التسلط واستعراض القوة عليهم، وشيئاً فشيئاً يغدو الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان وحق التعبير عن الرأي مجرد بضاعة راكدة تختزن للتسويق في الخارج بغرض الحصول على الهبات والمعونات المالية التي يذهب معظمها إلى طاحونة الفساد، الذي أكل الأخضر واليابس في هذه البلاد.

وهكذا تتجلى حالة الانفصام أو الشيزوفرينيا السياسية في سلوك سلطتنا الموقرة ليصبح عادة سلوكية يومية، وتتحول الحياة المدنية السياسية إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، ويتضح زيف الادعاءات الفارغة عن الديمقراطية، وذلك لعمري كذب مكشوف لايعجز عن إدراكه إلا كل أعمى بصر وبصيرة.

خواطر سريعة

-سررت كثيراً لقيام مكتب الثقافة في أبين بتكريم العديد من المثقفين والمبدعين، وتمنيت لو تم تأجيل بعض الأسماء الشابة حديثة الاتصال بالثقافة، حتى تثبت أهليتها للتكريم، والتركيز على المستحقين ممن جرى نسيانهم أو تناسيهم، من الأحياء والمتوفين أمثال الشعراء كور سعيد عوض، أبو حمحمة، محمد عوض المشطر، محمد بن ناصر مجمل، والشهيد الشاعر حسين محمد حسين، والكاتب عبدالله قيسان، والفنانين لولة حسين ومحمود حسن محمد، ومحمد الحاج، والمرحوم شريف ناجي .

-المبادرة اليمنية لقيام الاتحاد العربي تستحق التوقف، لكن الأولى بنا تقديم مبادرة لـتوحيد العصيمات وسفيان ثم توحيد اليمن، وبعدها لتوحيد العرب وحتى توحيد العالم.

- صباحية الخميس في مؤسسة العفيف الثقافية خصصت للفنانة اللبنانية مي نصر، التي غنت لغزة وفلسطين، غنت الفنانة مي للسيدة فيروز ومحمود درويش ونزار قباني وسميح القاسم، ومحمد عبدالوهاب وأحمد قعبور، وأبكت الحاضرين بقدر ما أطربتهم، أحدهم بعد كل هذه الفعالية الرائعة قال لي: الشعب اللبناني شعب منحل، قلت له ياريت لو كل الشعوب العربية تنحل.

aidrooos55.maktoobblog.com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى