الموقف من الانتخابات البرلمانية بين التغيير والمراوحة

> عبدالله أحمد الحوتري:

> في رسم بياني لموقف المنظومة السياسية تجاه الانتخابات البرلمانية القادمة يظهر الحزب الحاكم وهو يتجه قدما في خطوات مترددة غير واثقة من نتيجة العواقف المترتبة على ذلك.

هذه الخطوات المتتالية نحو الانتخابات لانرى فيها إلا أوراق ضغط وجس نبض لخطوات الطرف الآخر, أحزاب المعارضة الأخرى بما فيها المشترك وكل يرتب أوراقه, والفارق بين الموقفين يتلخص في كلمتين هما: التغيير والمراوحة .

الحزب الحاكم يرى عدم إجراء الانتخابات في موعدها المخطط له يمثل ضررا بالغا يلحق بالديمقراطية اليمنية الحاكمة, وهي ضغوطات غير مقبولة لولا الإيماءات الصادرة من وراء البحار التي لايقوي النظام على تجاهلها.

أما الطرف الآخر فموقفه غير موحد باستثناء المشترك, لكن هناك تحليل شبه مجمع عليه أن الحزب الحاكم المتشرب من منابع الشمولية الحاكمة لم يستطع بعد التخلي عن هذا النهج, بل استطاع بوسائل الدولة التي يديرها جعل الانتخابات أداة من أدوات البقاء في السلطة باسم الديمقراطية وصناديق الاقتراع التي يصل إليها من خلال استخدامه إمكانات وتأثير الدولة لصالحه أثناء الانتخابات, وهو مايمثل إخلالا واضحا بقواعد الديمقراطية المتعارف عليها بل وتشويها لها, لكن النظام حتى لا يسيء لديمقراطية الآخرين سمى ديمقراطيته بالديمقراطية اليمنية.

دأبت وسائل إعلام الحاكم على شن حملات على المعارضة واصفة إياها بالفاشلة في كسب ثقة الشارع عبر صناديق الاقتراع.

حسنا ألا يدعي الحزب الحاكم أن مصدر ثقة الناخب هي وحدها التي أوصلته إلى الأغلبية المريحة في مجلس النواب, وهو من ثم معني بتلبية طموحات ناخبيه في الحياة الكريمة؟

إن كان كذلك فمن المسؤول عن الارتفاعات السعرية المتتالية للمواد الغذائية وصولا إلى الديزل, مما أدى إلى هبوط غير مسبوق في حياة من يدعي تلبية طموحاتهم, فهل مثل هذا يندرج في إطار تلبية طموحات ناخبي الحزب الحاكم؟ من المسؤول عن فتح حرب صعدة من دون استشارة أحد, وعند عجزه عن حسمها عسكريا طلب الرأي والعون داخليا وخارجيا؟

من المسؤول عن تأزيم الوحدة بين الجنوب والشمال إلى حد تلاشى فيه حب الوحدة من نفوس الجنوبيين بعد أن كانوا هم السباقون إلى السعي لها؟

لماذا يرفض الحاكم مشاريع الإصلاح السياسي كالحكم المحلي كامل الصلاحيات, واستقلالية الوظيفة العامة والإعلام والعمل بنظام القائمة النسبية في الانتخابات, هل التمترس ضد كل هذه المشاريع الإصلاحية هو من أجل تلبية طموحات الناخب؟

هل استخدام أموال الخزينة العامة لإنجاح مرشحيه في الانتخابات هو احترام لصوت الناخب؟!

إن كان الحزب الحاكم واثقا من كسب ثقة الشارع فليتخلَّ عن كل ذلك ويدخل الانتخابات, وسيرى فعلا حجم تأثيره في الشارع الأمر الذي يعرفه مسبقا, ويرى أن الإقدام عليه هو بمثابة الانتحار أو قل كشف عورة.

لقد عزف الشارع اليمني عن المشاركة في الانتخابات بسبب تلك الأفعال التي تحدد النتيجة قبل إعلانها, ونسبة المشاركين في الانتخابات بالمقارنة مع عدد من يحق لهم المشاركة هي خير دليل، كما إن نسبة الأصوات التي حصل عليها الحاكم من بين أصوات المشاركين وأغلبها معروف كيف حصل عليها هي دليل آخر على أن الشعب اليمني ليس غبيا كما يتصوره الحزب الحاكم.

خلاف المعارضة مع الحاكم ليست حول الأدوات والوسائل كما يصورها الحاكم, ولكنها حول الغاية التي نصل إليها بواسطة تلك الأدوات, فإما أن ينتج عن الانتخابات انفراج سياسي يمكن من بناء دولة مؤسسات, وإما أن تعيد إنتاج الوضع نفسه تحت يافطة رغبة الناخب, الأمر الذي دأب الحزب الحاكم على تكراره خلال الانتخابات السابقة.. إن الصراع بين السلطة والمعارضة هو صراع التغيير والمراوحة.

يتطلب من منظري الحزب الحاكم أن يدركوا أن الظرف الذي توفر عام 90م محليا وإقليميا ودوليا هو الذي حقق إعلان الوحدة التي لم تكن من صنع وإنتاج شخص أو شخصين, وأن مايجري اليوم يشير إلى توفر ذلك الظرف مرة أخرى لصالح إعلان التغيير.

وتمترس الحزب الحاكم ضد التغيير سيكون له أبعاد خطيرة على وحدة البلاد وبوادره ظاهرة في صعدة والجنوب وخليج عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى