أعداء الإسلام

> طه أمان:

> منذ أن ظهر دين الله (الإسلام) في الأرض، وتدفقت أمواجه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وضربت أسوار العالم المحيط به، وطهر بلدانا كثيرة وغسلها مما فيها من الشرك والكفر والإلحاد.

أخذت تتجمع في أطرافه عدواة لاتنام وبقيت هذه العدواة تنازل جنود الله عاما بعد عام في ثغور الإسلام، ثم احتشدت هذه العداوة المتفرقة باسم (الحرب الصليبية) وظلت هذه الحرب قرونا طويلة وأداتها السلاح والجيوش والمواقع.

ثم انتهت حرب السلاح والجيوش، وانتقلت الحرب الصليبية من ميادين القتال إلى ميدان آخر هو الحياة نفسها.

كانت خطة الحرب الصليبية الجديدة هي دك الحياة الإسلامية كلها، تدك علمها.. تدك آدابها.. تدك أخلاقها.. تدك لغتها.. تدك ماضيها.

جاءت الغزوات الصليبية الجديدة متلاحقة سريعة نفاذة تنشر طلائعها الأولى في كل مكان مزودة بالفهم والإدراك والمعرفة بطبيعة هذا الميدان الجديد، فقاومهم من قاومهم تستثيره الفطرة من بغض العدو والشك فيه، وإن جاء في ثوب المسالم والناصح، وتهاوى آخرون فوقعوا في حوزة العدو، إذ أغرتهم مسالمته وخدعهم نصحه، وظلت هذه الحرب دائرة في سكون وصمت وقوة وحذر، ومعرفة وبعد نظر حتى بلغ العدو منا مبلغا لم يكن في أول الأمر يظن أنه يبلغه، فقد تهاوى البناء كله فجأة وأصبحت الحياة الإسلامية أطلالا فتجيب بلا مقاومة ولا عناء!

ومن يومئذ انقسم العالم العربي والإسلامي إلى طائفتين، طائفة منكرة لا تعبأ شيئا بالحياة الماضية كلها.. وطائفة لم يبلغ فيها الإنكار أن لا تعبأ، فالتمست تجديد الحياة الماضية على أسس جديدة، وإذا هذه الأسس العلمانية التي تريد أن تؤسس عليها هي في جوهرها مستمدة كلها من الحياة التي أنشاها الغازي الصليبي بين ظهرانينا!

هذه صورة مصغرة للحياة في العالم الإسلامي الحاضر لا يدركها المرء حتى يعلم أن العالم الإسلامي مقبل على خطر أبشع من خطر الغزو الصليبي الأول بالسلاح.. مقبل على هزيمة منكرة تكون عاقبتها تبديل الإسلام تبديلا كاملا حتى لا يبقى له في ظل الحق إلا ما بقى في ظل المسيحية في العالم المسيحي الحاضر.

فإذا قدر لهذا العالم الإسلامي أن تعتزل طائفة منه هذيان هذا الوباء لتعيد النظر في الأصول الصحيحة لدينها, التي لقي بها هذا الدين الإسلامي الحنيف عالم الشرك والكفر فدكه ومزقه وأقام فيه بناء قاوم الفناء أكثر من خمسة عشر قرنا.. فإنه لابد أن تبدأ مرحلة الجهاد الطويلة الشاقة, لتحدي طواغيت الكفر بإيمان صحيح لا تشوبه شائبة من هوى أصحاب الأهواء .. سوى هوى طاعة الله ورسوله ولا يغني غيرها شيء (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى