سجناء.. لكنهم أكثر وطنية

> «الأيام» م.طارق عبدالرسول دنجي /عدن

> يعيش خلف القضبان رجال، ملامحهم تشبه ملامح انسان فقد حفر الظلم في وجوههم سراديب من الحزن والألم، وأرخى الليل سدوله فوق عيونهم بذوائب من الحسرة والندم.

واستباح والخوف مشاعرهم، وولج اليأس سمة في صدورهم وأخذ العذاب يغتصب ساعات نجواهم، واندثرت أحلامهم العذراء في غياهب الدجى.. فمن يكون هؤلاء ياترى؟

كان أحد أولئك السجناء يعمل في قطر من الأقطار العربية، وكان دائماً مايحلم بالعودة إلى الوطن، وفي ليلة من ليالي الصيف الدافئة، أرادت السماء لذلك الحلم أن يبزغ ويرى النور، فكان له ما أراد، وارتسمت البسمة على وجهه وتلألأت عيناه بالغبطة والسرور، فخرج المهاجر على غير عادته متهجاً إلى أحد الأسواق لكي يشتري بعض الهدايا لأقاربه وأصدقائه.

وكان كلما فرغ من شراء غرض ما، هرع إلى تلفونه النقال، وذلك للاتصال بأحد أصدقائه ليخبره بقرار عودته وموعد وصوله إلى الوطن.

وفي صباح اليوم التالي حزم امتعته وتأهب للسفر ، وعند وصوله ارض الوطن كان مبتهجاً وسعيداً وبدأ يشم رائحة الياسمين التي كانت تنبعت من أشجار قريته النائية ويداعب النسيم مخيلته لتتراءى أمامه صور طفولته وذكرياته الجميلة فيزداد شوقاً كلما قربت ساعة اللقاء.

وفجأة وفي المطار سمع أحدهم ينادي على اسمه: فلان ابن فلان !! أصابته الدهشة، وبدأ يحدث نفسه: من يكون هذا ياترى؟ لربما أحد أصدقائي قد أخبر هذا الشخص لكي يكون في استقبالي ويقوم بمساعدتي، فصاح بأعلى صوته: هأنذا.. هأنذا..لا يعلم صديقنا المهاجر بأن استقباله سيكون حافلا بالمفاجآت، حيث تم أخذه إلى أحد المقرات الخاصة بالتحقيق، فقد كان اسمه ظمن لائحة المشتبه بهم ليصبح حبيساً بين القضبان..

لن تكون القضبان.. أحن علي من القدر..! فهل حب الوطن شقاء؟..أم انتمائي خلف الغيمة.. أستتر ..!.. إن كان الدم في عروقك ياوطني قد فتر.. فأنا قادر أن أصنع من أعقاب سجائري رصاصة وأتحرر..!.. وأذهب بعيدا.. فلم أعد أرغب بالبقاء..فأنت ياوطني عاجز عن الكلام.. تعيش في بحر من الظلام.. فكيف لاتعبث على أرضك الديدان ..! دعني أرحل.. فلم يعد لي مكان..! قد صار حلمي دخان ..! آلامي تحتضن تلك الجدران ..! ترسم أحلام طفولتي والاحزان.!.

نتساءل هنا: كيف أصبح اسمه من ظمن المشتبهين بهم ؟ ولماذا يتم التحفظ عليه وايداعه السجن بمجرد الاشتباه ؟.

الا يعلم هؤلاء أن المذكور ليس له علاقة بأي انتماء إلى اي جهة او منظمة او حزب معادي، ولديه انتماء واحد فقط هو الوطن؟! .

الا يعلم هؤلاء أن قتل الفرحة وذبح السعادة وإخافة المواطن هي جريمة يعاقب عليها القانون؟! .

الا يعلم هؤلاء أن اولئك المهاجرين وغيرهم الذين يقبعون في السجون المختلفة، وهم اكثر ولاء ووطنية وانتماء من غيرهم اولئك الذين يعملون في وضح النهار، ويحملون في قلوبهم حقداً دفيناً وسيل من الدسائس ضد الوطن ومصالحه..

لذا نطالب من قيادتنا السياسية الافراج عن السجناء المشتبه بهم ظلما وتعويضهم عن فترة سجنهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى