> «الأيام» د.علي محمد سعيد الأكحلي:

امتلك أنطوني أسطولا من السفن الشراعية بلغ عددها 14 سفينة كانت كلها تعمل بمحركات ديزل مما منحه أفضلية في تشغيلها في كل المواسم ، وقد اتضح ذلك جلياً عندما فاز بمناقصة توريد خرفان (كباش) من ميناء بربرة خلال موسم الرياح. قبل وفاته، كان السيد أنطوني يمتلك إضافة إلى أسطول السفن الشراعية 4 سفن كبيرة ، و 30 قاربا خفيفا تعمل في ميناء عدن و5 قاطرات سفن Tugs ، إضافة إلى حوض جاف لصيانة السفن.

كما دخل السيد أنطوني ومن بعده ورثته في مجالات عديدة ومتنوعة من التجارة منها استيراد وبيع السيارات واستطاع أن يتحصل على أفضل الوكالات الأجنبية مثل أوستن ميني ، لانسيا ، رينو، جاغوار، هولدن ، دودج الخ.. وافتتح إدارة وورشة خاصتين ببيع قطع الغيار وصيانة السيارات في منطقة المعلا دكة (في الجانب المقابل لفرع شركة النفط حالياً). كما قام ببناء عمارة من ستة طوابق في بداية الشارع الرئيس لمدينة المعلا عبارة عن شقق سكن لموظفيه وعرفت بعمارة البيس.
لم تسلم الأدوية من شهية هذا الرجل، رغم معرفته بأن السيدين قهوجي دنشاو وسندرجي كاليداس وآخرين قد سبقوه في هذا المجال ، وكان دخوله في هذا المجال باحترافية كبيرة وتمكن من الحصول على أفضل الوكالات العالمية من أوروبا وأمريكا ، وافتتح إدارة مبيعات مع مخازن خاصة بتجارة الأدوية في منطقة المعلا دكة . وقد شكلت الأدوية التي كان يستوردها نحو 80% من كامل تجارة الأدوية في مدينة عدن آنذاك.
لا ينكر العديد من التجار اليمنيين أفضال السيد أنطوني بيس عليهم في بداية مشوار تأسيس أعمالهم التجارية في مدينة عدن ، حيث كان يبيع لهم البضائع المختلفة بالآجل دون طلب ضمانات منهم ، وكانت ثقته بهم كبيرة فبادلوا الثقة بوفاء سداد قيمتها في أوقاتها.

من ناحية أخرى، و في عام 1947م وقبل أربع سنوات من وفاته ، قام السيد أنطوني بإهداء جامعة أكسفورد البريطانية ستة ملايين دولار أمريكي لتأسيس كلية القديس أنطوني St. Antony’s College (××) . وقد تمنى السيد أنطوني أَنْ تَبْقى الهبة مجهولة التمويل ، إلاّ أن إدارة الجامعة عرفت عن ذلك في حينه وقامت بعمل تذكار له بهذه المناسبة. وقد كان إحسانه وهباته وتبرعاته ملموسة في شتى المجالات سواء في مدينة عدن أو خارجها ، ولا يعرف أحد حجمها أو مجالاتها بشكل كامل.
أصيب السيد أنطوني بجلطة في الدماغ في صيفِ عام 1948 قرر بعدها إعداد كافة الوثائق اللازمة لتهيئة ومساعدة ورثتِه على الاستمرار في تشغيل إمبراطوريته التجاريةِ الواسعة.
توفي السيد أنطوني بيس بعد 3 سنوات من إصابته بالجلطة وذلك في الثاني من يوليو عام 1951 عن عمرِ ناهز 74 عاما، بعد حياة حافلة بالعطاء والكد والعمل المتواصل لمدة 50 عاماً.
حمل ابنه توني Tony راية الشركة حتى ما بعد استقلال البلاد بقليل، نزح بعدها إلى شمال اليمن (مدينة الحديدة) وترك ما تبقى من أملاك والده في مهب رياح التغيير التي كانت تدنو حثيثاً في جنوب اليمن والتي توجت بصدور قرارات التأميم الشهيرة في نوفمبر 1969م وإنشاء القطاع العام التابع للدولة ، حيث قضت تلك الخطوة على ما تبقى من أملاك شركة البيس التجارية التي تم توزيعها على شركات هذا القطاع ، ثم تلاشت هذه الأملاك مع مرور السنين ولا يعرف لها مصير، خصوصاً بعد تصفية أو إقفال شركات القطاع العام بعد وحدة الشطرين والتي كانت تعمل في جنوب الوطن ، مثل شركة التجارة الداخلية والمؤسسة الوطنية للأدوية الخ.

هامش:
(×) أقامت الملكة إليزابيث الثانية في هذا الفندق عند زيارتها التاريخية لمدينة عدن عام 1954م، وفيما بعد سمى الجناح الذي نزلت فيه بجناح الملكة Queen Suite .
(××) هذه الكلية تقوم بتدريس الاقتصاد والعلوم السياسية وهي إحدى سبع كليات تحتضنها جامعة أكسفورد.
× معظم ما جاء في هذا المقال من معلومات عن السيد أنطوني بيس مستقاة من مواقع على الإنترنت.