الأمثال الكامنة في القرآن الكريم(1)

> محيي الدين الشوتري:

> الأمثال في القرآن الكريم على ضربين: ظاهرة،وكامنة, فالأمثال الظاهرة في القرآن الكريم هي عبارة عن تشبيه شيء بآخر أوتمثيل صورة غائبة بصورة مشاهدة محسوسة ليسهل تصورها وإدراكها.

ومن ذلك قوله تعالى عن المنافقين: «مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لايبصرون». (البقرة)، وقوله تعالى: «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة».(البقرة)، وقوله تعالى: «مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا». (العنكبوت)، وقوله عزوجل: «مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا». (الجمعة).

وقد تحدث العلماء عن هذه الأمثال والصور وأوضحوا مافيها من الإعجاز والبيان، ويلاحظ أن المثل القرآني هنا يعني تشبيه شيء بآخر، وهو يختلف عن المثل في الاستعمال الاصطلاحي، الذي هو القول المشهور والعبارة المرسلة، التي تحمل معنى وعبرة وتشير إلى قصة وحادثة .

النوع الثاني من الأمثال هي (الأمثال الكامنة)، وهي عبارة عن ورود أقوال وأمثال مشهورة توافق في معناها بعض الآيات القرآنية، فقول العرب: «إن الحديد بالحديد يفلح»، يقال إنه قريب من قوله تعالى: «وجزاء سيئة سيئة مثلها». (الشورى)، وقولهم :«من نكح الحسناء يعط مهرها»، يوافق معنى قوله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون»(آل عمران)،وقد أطلقوا على هذا النوع الأمثال الكامنة في القرآن الكريم، وقد ورد في كتاب الله الكريم العديد من الأمثال والصور البيانية البليغة توافق في معناها أقوال وأمثال مشهورة ومنها: (1) «خير الأمور أوسطها»، وجاءت في كتاب الله في أربع مواضع: الأول في سورة البقرة في قوله تعالى: «لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك»، وهي (المسنة). الثاني في قوله تعالى: «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا،ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما»، (الفرقان)، والثالث في قوله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: «ولاتجهر بصلاتك ولاتخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً». (الإسراء)، والرابع في قوله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: «ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط».(الإسراء).

(2)«من جهل شيئاً عاداه»، وجاء هذا المثل في كتاب الله في موضعين، الأول في قوله عزوجل في سورة (يونس): «بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه». والثاني في قوله سبحانه وتعالى في سورة (الأحقاف): «وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ». وإلى ذلك أشار الإمام الشافعي بقوله:«العلم جهل عند أهل الجهل،كما أن الجهل جهل عند أهل العلم ».

(3)«احذر شر من أحسنت إليه» ،أو«اتق شر من أحسنت إليه»، وجاء في قوله تعالى في سورة (التوبة): «ومانقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله»، ومن ذلك قول الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه: «الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسو إذا ألطف». وقول الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «ما وجدت لئيماً إلا قليل المروءة».

(4)«ليس الخبر كالمعاينة». وجاء موضعه في كتاب الله في قوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام في سورة (البقرة): «قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي». ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر في مسند الإمام أحمد، عن ابن عباس: «ليس الخبر كالمعاينة». وكما ذكر الزمخشري أنه يروى«ليس المخبر كالمعاين».

(5)«في الحركات بركات»، وجاء موضعه في كتاب الله في سورة(النساء)إذ قال عز من قائل: «ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة». «في الحركات بركات» هو من كلام السلف، كما قال السخاوي ويعارض قولهم «الثبات نبات» كما ورد في مجمع الأمثال قول: «الحركة بركة». وفي زهر الأكم قول :«البركات في الحركات».

المصدر:(الأمثال الكامنة في القرآن الكريم) تأليف:الحسين بن الفضل

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى