الحياة الزوجية.. وفارق السن بين الزوجين

> الأستاذ فارع:

> إن زواج القاصرات يقع باستمرار مطرد، وإن مأساته تتكرر يوماً بعد يوم ونادراً أن تفوت فترة من الزمن دون أن يصل إلى الأسماع دوي يعلو ضجيجه وترد أنباؤه حول الويلات التي تحدث في كل حقبة زمنية والتي لم يتنبه إليها.

وحتى اليوم كثير من المقبلين على الزواج القادمين عليه لأسباب كثيرة منها عدم الاكتراث بمثل هذه المهاهم المتعلقة بالمسائل الجنسية والعلاقة بين الجنسين التي هي من أعظم المشاكل خطورة كيف لا وعلى أساسه يتوقف تجانس الزوجين واتفاقهما أو عدمه .. وبناء على ضوء هذه الحقيقة البينة أرى أن الواجب يقضي على الآباء وأولياء أمور الأبناء أن ينوروا النشء ذكورا وإناثا بالكتب التي تعالج المشاكل الجنسية ونهتم بها عسى ولعل وربما ينقذ الجيل الجديد والشباب المقدم على الزواج نفسه من شدة الأزمة التي تفاجئه كل حين بخراب الروابط الزوجية غالباً وتهدد الأزواج جلهم إن لم يكونوا كلهم بالفشل والهزيمة وتشعرهم بعدم النجاح في زواجهم وتجعلهم مصيدة للخواطر والهواجس والأوهام لا لشيء يذكر أو حدث ذي بال كلها وإنما للأخطاء التي يرتكبونها والتي تشعر بعضهم بعضاً أن البعض مالك والآخر لص مغتصب.

ولسوء الإجراءات التعسفية التي يقوم بها الزوج في ليلة الزفاف وينتهجها في الليالي التي تليها، حيث يستعمل هوى قرنه وينفذ رغباته بطرق غير مرضية فيسيء إلى أليفه ويقتحم قداسة قرينه ويبدي ضده أعمالاً قاسية غليظة، حيث ينقض عليه كالسبع المفترس للخروف الضعيف غير عابئ يما قد ينجم من سوء العلاقة وتعلقم للأنهام وفساد للمودة التي لم يقم لها وزناً ولا ثمناً بعد أن كانت قد ضربت شوطاً مرموقاً في ازدهار الحياة أمام الجنسين المتقاعدين على الحياة الاشتراكية بينهما أضف إلى ذلك إذا كان سن الفتاة في وقت مبكر لا تطيق معه تحمل أعباء الوظيفة الجنسية مما أسلفنا ذكره في مقال سابق نشرته جريدة «الأيام» الغراء هذه الصحيفة المحبوبة فإن مشكلة الانسجام بين العروسين تبقى عرضة للتصدع والانشقاق وخاصة إذا كان الزوج لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ولا يراعي سلامة الموقف من جانبه ولا يتمشى مع شعور شريكته ورغبتها الا كيده بالاتحاد معه جسدياً فإنه إن أهمل هذه النقط المركزية التي يتوقف عليها إلى حد ما سلامة عرى الروابط الزوجية يكاد يكون الانسجام والتوافق أمراً مستحيلاً أو قل عسيراً لأن ركوب متن الشطط والغرور والاستيلاء بالقوة من قبل الرجل على زوجته يجر داء وبيلا وشراً مستطيلاً، بل وربما ينجم عنه ضياع السعادة المأمولة بين العروسين والتي كان ينتظرها كل منهما بفارغ ويترتب حينها لشدة تلهف لايقدر قدرة فيلاشى وجود الانطباق ويلغم حول الاتفاق نتيجة عنجهية الرجل وإسرافه في غلواثه ضد قرينه، فعلى الرجل أن يتريث ويتأنى في سيره فلا يكلف زوجه عناء تحمل مالا يطيق وقبول مالايرضى لان مثل ذلك التصرف لا يورث إلا الحقد والكراهية، فعلى الزوج بصفته قائد المعركة وماسك الزمام والمدير المدبر لكل ما يجري في هذه الفترة أن يكون حكيماً في خطاه ولطيفاً في تصرفاته مع شريكه حياته، فلايقابلها بالقسوة والعنف ولا يمزق غشاء بكارتها بالقوة والشدة ولايفاجئها بالاتحاد الأكمل دون إعداد تام، بل عليه أن يساير ميول زوجته ويكتفي بالدون ويترفق بإزالة الغشاء رويداً وشيئاً فشيئاً، وعليه أن يتريث مهما كان حاله شحياً مراعاة لذوق اليفه ونزولاً عند رغبته ولكي يصلا معاً إلى قمة اللذة وذروة السعادة دون أن يصلها واحد بمفرده دون الآخر الذي حرمها دون ذنب أو سبب.

وكثير من الزوجات من تحرم اللذة مع زوجها لسوء تصرف بعض الأزواج مع زوجاتهم لأن الزوجة في بادئ أمرها وحداثة زفافها إلى زوجها وقرب معرفتها به تحمل الحياء يتحكم في مشاعرها ولاريب، فالخجل من طبيعتها ومهما كان سن الزوجة كبيراً أو صغيراً أو متوسطاً فهي أيام شهر العسل لا تستطيع التجاوب مع زوجها ولا تبدي له من الأمر شيئاً لأن الخفر في هذا الطور يكون جاثم على جميع مالديها من مواهب وخاصة البكر المتحفظة ببكارتها، فهي وإن كانت قد تجاوزت السن الكافي الذي يجعلها آهلة لتقبل الوظائف الجنسية وتحمل مسئولية الاتحاد التام مع قرينها اتحاد جنسياً إلا أنها في الليالي التي تلي ليلة الزفاف تكون في حالة حرجة يرثى لها فيها من عدم توفر المعلومات كافية لديها وعدم تمكنها من الاستطلاع الجزئي على مسائل الجنس وربما صادفت علاوة على ذلك زوجاً فظاً غليظاً فهي في هذه الحقبة مقدمة على شيء لا تعرفه عنه قليلاً ولا كثير، وبالتالي مدعوة ملزمة على كشف ما حرصت على ستره في حياتها كلها، وهذا أمر لا سهل ولا هين ولا هو بالشيء الميسور قبوله بدون عناء ومشقة وبالأخص في مجتمع كمحيطنا الذي يجهل المسائل الجنسية جهلاً جذرياً وإن درى عنها شيئاً يجعل على البوح بها مراعاة للتقاليد و يحوطها بالكتمان الشديد خجلاً خاطئاً وحياء مغلوطاً، فينتج من ذلك التستر والتكتم ما يذهب بسعادة الأزواج وما لا يدخل في الحسبان.

العدد 145 في 24 يناير 1959م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى