التربة.. حاضرة الحجرية ومنسية الحاضر..معاناة لا تنتهي!!(2-2)

> «الأيام» محمد العزعزي

>
طريق قديم مرصوفة بالأيدي
طريق قديم مرصوفة بالأيدي
التربة حاضرة الشمايتين تبعد عن تعز 75 كم جنوباً، كانت في الأمس القريب مجمع تربوي وعلمي وثقافي وأهم مركز للتسوق في قضاء الحجرية قاطبةً، وتمثل القلب النابض لنواحيها المتعددة، حيث كانت تضم في حناياها (9) نواحي ويرتادها جميع الناس من مختلف الأماكن، وهي لؤلؤة بيضاء على بساط أخضر تزدان بأبنائها الفقراء الطيبين الذين يكرمون وفادة الضيف ويخدمون الآتون إليها برحابة صدر، ومثلت البساطة والسماحة، وتشكل بها العمل التعاوني الخلاق وانسجام العقد الاجتماعي.

الصحة

غائبة بالرغم من وجود المنشآت الحكومي الكبيرة، «الأيام» التقت نائب مدير مستشفى خليفة فقال: «بنى هذا المرفق على نفقة دولة قطر في 4 مارس 1989م على مساحة 35 ألف مترا مربعا وبه (15) عيادة وتنعدم العيادات التخصصية في القلب والشرايين والأعصاب ووحدة غسيل الكلى وبلغ عدد الأطباء (21) والموظفين (165) والمتعاقدين (18) وبلغت الميزانية التشغيلية 2950000ريالا بكلفة سريرية يومية 650 ريالا».

وأضاف قائلا:«يخدم هذا المرفق6 مديريات تعداد سكانها 833000 نسمة ويحتاج إلى كادر متخصص في بعض التخصصات النادرة كالمخ والأعصاب والقلب وجراحة الفم والأسنان والباطنية وتزويد المستشفى بالأجهزة الحديثة والتوسعة والصرف الصحي المركزي»..

ويستوعب 150 سريرا وتوجد به معدات تالفة وأخرى لم تدخل الخدمة لعدم وجود اختصاصيين لتشغيلها وطالب 18 طبيبا مدير مكتب الصحة بتعز بإعادة التغذية التي تم قطعها منذ أغسطس 2008م وإيجاد حلول هذا العام وإعادة النظر بإلغاء دفع قيمة الماء والكهرباء على نفقتهم «الأيام» حصلت على نسخة من الشكوى.

جهاز الأشعة لم يدخل الخدمة
جهاز الأشعة لم يدخل الخدمة
مركز الأمومة والطفولة

بني جوار المستشفى القديم وهو مزود بطبيب وصيدلية غير مجانية ويقدم خدمة تطعيم الأطفال وشكى المترددون على هذا المرفق بيع كروت التطعيم واختفاءها أحيانا. وقال ( و. ع. س) :«مخازن الأدوية (الأهلية) بلغت (20) مخزنا لبيع الأدوية ويعمل بها أطفال وشباب ولا يوجد طبيب صيدلي، وتصرف بعض الأدوية لأمراض القلب والحالات النفسية في ظل غياب الرقابة وغض الطرف من قبل السلطة المحلية». وأضاف قائلا: «كما بلغت عدد العيادات الخاصة(7) بعضها للأسنان وأخرى للمعاينة ومستوصف أهلي، وعدد المختبرات (7) بعضها يحمل شهادة تراخيص قديمة توفي أربابها وبقى فيها العاملون بدون مؤهلات طبية وتمارس بعضها الآخر نشاطات طبية خلافا لنوع ترخيص المختبر وأغلبها أساسية، وتقوم بجميع الفحوصات الاختصاصية وتنعدم المختبرات التخصصية لحملة الماجستير والدكتوراه، وتحول المريض إلى وسيلة للابتزاز والتجارب والثراء على حسابه وانعدام المحاسبة وجهل المجتمع ويبقى الإنسان ضحية الإهمال ».

المعاهد الصحية

يوجد في التربة (2) خاصة ومعهد في كلية التربية وجميعها تخرج عاطلين وغير مؤهلين علميا بشهادة دبلوم ولا توجد رقابة على المناهج.

النظافة

ملئت الحارات والشوارع الخلفية للمدينة نفايات ولا يوجد مقلب للتخلص منها وترحل إلى تعز والبعض يتم حرقه بوسائل بدائية، فالبيئة باتت مهددة بخطر التلوث وطالب (30 )عاملا متعاقدا توظيفهم رسميا.

الصرف الصحي

لا يوجد صرف صحي للمدينة ويتم التخلص من المياه العادمة إلى وادي أديم ما أدى إلى هجرة غالبية السكان منه، ومنذ الستينات والتربة محرومة من هذه الخدمة رغم الشكاوى وتحول حي القحفة إلى بحيرات للمياه العادمة وانتشار الأمراض بين السكان .

مجاري المدينة تمر جوار المنازل
مجاري المدينة تمر جوار المنازل
المياه

قال عبد الواسع الأصبحي: «توجد شبكة لتزويد المنازل بمياه الشرب في الشهر مرتين ولا توجد بدائل ومصادر جديدة، ويخشى السكان من الجفاف والرحيل من هنا إذا استمرت الأزمة المائية قائمة بلا حلول، ويتم تغذية المدينة من بئر واحدة في حيب أصابح وتضخ يوميا 300متر مكعب وتعمل المضخة صباحا ً ومساء و 6 آبارعاطلة عن العمل».

المقابر

قال عبد الرحيم لطيف: «المقابر مهملة وتحتاج صيانة وتسوير وتتعرض لاعتداءات متكررة، وأهم المقابر : مقبرة الطيار , و الأشاعر, والمقام، وتتعرض لتصريف مياه المجاري والسيول دون اعتبار لحرمة الموتى».

الأسواق

قال إبراهيم شرف: «أقدمها سوق (الربوع) لم يعد قائما ولم يعمل به وتحول المبنى إلى معهد العلوم الإدارية، كما يوجد سوق للقات تابع للأوقاف وهو ضيق وشديد الازدحام قام بتأجيره المجلس المحلي، وتحولت بعض الشوارع إلى أماكن لبيع الخضار والفواكه تم تأجيرها على نافذ وتصاب بالاختناق. وما تزال هذه المدينة بدون سوق أسوة بالمدن الأخرى بديلا عن افتراش الشوارع الإسفلتية».

هكذا واقع الحال بالتربة
هكذا واقع الحال بالتربة
الشباب والرياضة

قال عبد الناصر محمد علي : «تأسس نادي الوحدة الرياضي والثقافي عام 1972م بعد اندماجه مع نادي الشباب بالتربة ونادي الاتحاد الذبحاني وهو من الأندية الريفية ويملك مقرا حديثا وملعب ترابي ومكتبة جديدة مغلقة كلفتها (20) ألف دولار وحافلة عاطلة، وتمارس عدد من الألعاب الموسمية ويعاني من الركود الرياضي والثقافي بالرغم من وجود إمكانات كبيرة والدعم الحكومي وتذهب ميزانيته هباء فتحول إلى ثكنة للمقيل والنوم، وأهملت الأنشطة جميعها وأصبح ناديا من طرف واحد، ويمارس الشباب الرياضة في الحواري وساحة مدرسة الفجر الجديد، ويمر بحالة موت سريري فلا رياضة ولا نشاط فوجوده مثل عدمه فهل يتم إعادة النظر فيه رحمة بالشباب؟!».

البناء العشوائي

قال المواطن عبد الكريم المقطري: «حي القحفة وحصبرة بدون تخطيط وأغلقت الشوارع وزحفت بعض المباني الجديدة على أرصفة المارة في الشوارع الرئيسية والفرعية، وفي هذا الصدد قام مدير المديرية بإيقاف موظفي مكتب الإسكان والتخطيط الحضري». وتمنى الأهالي فتح ما تم إغلاقه من تلك الشوارع وإزالة المخالفات.

قبل الخاتمة

يوجد في هذه المدينة مكتب للأوقاف والأملاك والسياحة والآثار و الإعلام وكلها مجرد أشكال بلا معنى . أما بالنسبة لمكتب الزراعة فقد كان يؤدي دوره في الثمانينات لكنه غاب ولم يعد وتوجد كل المكاتب التنفيذية والبنوك الحكومية ومصارف الأموال الخاصة وكل المرافق الهامة.

وتساءل الكثيرون لماذا لا تحظى هذه المدينة المؤهلة سكاناً ومساحة بأن تكون محافظة تضم نواحيها التسع أسوة بغيرها من المحافظات التي استحدثت مؤخرا وتمنى الجميع من الجهات العليا تحقيق هذا المطلب الجماهيري العام حتى تتمكن هذه المنطقة مواكبة شقيقاتها في التنمية والنهضة العمرانية لتشكل بذلك إضافة حضارية جديدة إلى منجزات هيئة التقسيم الإداري للوطن.

أسواق استبدلت بشوارع
أسواق استبدلت بشوارع
خاتمة

هذه المدينة المتواضعة في هضبة عالية بين جبال الحجرية التي حظيت بمكانة عالية قبل الثورة, وبعدها منحت رعاية خاصة لمكانتها الاقتصادية والجغرافية والثقافية لا تدانيها أية مدينة, واعتبر أبناؤها والمقيمون فيها رجال فكر وتنوير، وساهموا في إشعال الثورة والبناء عبر مسيرتها المعاصرة، ولما كانت كعبة المثقفين و مهوى الأفئدة استقر القادمون بها من كل الجهات، فلم تكن مغلقة لتأثرها بعدن الحضارة والمنارة فزادت أهميتها الجيوستراتيجية وتفاعلت مع غيرها وأثرت في محيطها وانصهرت كل الثقافات فيها ومونت الخزينة العامة بما تدفعه من ضرائب وزكاة، واستطاع أهلها أن يشكلوا خطرا على التخلف والاستبداد بسبب انسجام مكوناتها البشرية فكونوا وحدة شعورية متجانسة وما زالت تحتفظ بأهميتها كعامل وصل بين تعز وعدن فوصل أبناؤها لمناصب قيادية رفيعة في الدولة، لكنها باتت اليوم هامشية وتحتاج إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية لتواكب غيرها من المدن. فهل تحظى بالرعاية والاهتمام ؟؟

إنها تلك المدينة المنسية الغارقة في ويل المعاناة وبات لزاما أن نرد لها الجميل بالمزيد من توفير الخدمات وحل مشاكلها المستعصية فمتى نبدأ ؟؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى