باحثة هولندية: الصورة الذهنية الخاطئة لدى الغربيين عن الإسلام تكمن في طورة المناهج الدراسية التي وضعها المستشرقون .. المؤامرة على الإسلام بدأت قديما ومن تجلياتها ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب

> «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

> طالبت الدكتورة ستالا فان دي ويترنج أستاذة الدراسات الإسلامية في الجامعة الحرة بأمستردام المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، وعلى رأسها الأزهر ورابطة العالم الإسلامي بتكثيف الجهود الدعوية في التعريف بالإسلام الصحيح وتعاليمه السمحة التي تؤكد على مبدأ ترسيخ مفهوم الأخوة الإسلامية والتسامح وتعزيز العلاقات بين الشعوب ونبذ التعصب.

مؤكدة أن هناك مفاهيم مغلوطة عن الإسلام لدى كثير من قادة الفكر والثقافة الأوروبية روج لها المستشرقون الذين ساهموا في صياغة معظم المناهج الدراسية التي تدرس في المدارس والجامعات عن الإسلام والمسلمين، في شكل يوحي بأن الإسلام دين يحث أتباعه على العنف والإرهاب. وقالت الدكتورة ستالا فان دي ويترنج في حديث مع «الشرق الأوسط» على هامش زيارتها الأخيرة لمقر رابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة: «إن هذه الصورة المشوهة التي أسهمت في نشرها الميديا مهدت لوجود ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تنتشر في كثير من بلدان أوربا كرد فعل لما بثته الثقافة المشوهة في الذهنية الغربية عن الإسلام والمسلمين»، وتطرق الحديث كذلك إلى وضع المسلمين في هولندا.

> بصفتك أستاذة في اللغة العربية وباحثة في التراث العربي والإسلامي وتجمعين بين الثقافتين الأوروبية والإسلامية هل ترين مبررا في الحضارة الإسلامية لمقولات الصراع بين الحضارات التي تنتشر في الغرب؟

- نعم توجد بعض المقولات التي تروج للصراع بين الثقافات والحضارات خاصة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الأوروبية، لكن هذه المقولات لا تلقى اهتماما كبيرا من قبل قادة الفكر والمنصفين الذين يقدرون أهمية الدور الذي لعبته الثقافة العربية والإسلامية في النهضة الأوروبية، ويعترفون بوجود كثير من مؤثرات الحضارة الإسلامية في الحضارة الأوروبية في مختلف المجالات، وبالتالي فإن هذا يؤكد أن الحضارات تتواصل وتتعاون ولا تتصارع، وأن مجال الحوار والتعاون والتواصل والأخذ والعطاء بين الحضارات والثقافات أمر طبيعي وسمة أساسية، لكن توجد هناك مفاهيم مغلوطة عن الإسلام والحضارة العربية والإسلامية لدى بعض المثقفين الأوربيين لقلة معرفتهم بالإسلام والثقافة الإسلامية، فضلا عن تأثرهم بالثقافة التي روج لها المستشرقون الذين ساهموا في صياغة معظم المناهج الدراسية التي تدرس في المدارس والجامعات عن الإسلام والمسلمين في شكل يوحي بأن الإسلام دين يحث أتباعه على العنف والإرهاب ولا يشجع على العلم والعمل والتقدم. > برأيك، ما تأثير هذا المناخ الفكري والثقافي خاصة الذي يسود بين كثير من قادة الفكر والثقافة في هولندا على المسلمين هناك وعلى علاقة أوروبا بالعالم الإسلامي والعربي؟

- للأسف توجد هناك مؤامرات ضد الإسلام ترسخت في الفكر والثقافة الأوروبية، وتم التخطيط لها منذ زمن بعيد بهدف الحد من انتشار الإسلام في كثير من البلاد الأوروبية، وكذلك تشويه صورته. ومع اتساع فضاء الميديا، والتطور التكنولوجي والإنترنت، اتسع نطاق هذه الصورة المشوهة، وهو ما مهد لبلورة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تنتشر في كثير من بلدان أوروبا كرد فعل لما بثته الثقافة المشوهة في الذهنية الغربية عن الإسلام والمسلمين.

> لكن ما السبيل لمواجهة هذه الظاهرة، وغيرها من الصور المغلوطة التي تحاك ضد الإسلام؟

- من وجهة نظري أن هذا الخوف أو ما يسمى بالإسلاموفوبيا مجرد وهم خاصة إذا ما عرف الأوروبيون حقيقة الإسلام الصحيح وما يدعو إليه، والأدلة على ذلك واضحة وكثيرة، منها أن المسلم الذي ينتمي إلى الإسلام أصبح متشبعا بالإسلام ويدافع عن إسلامه كما يدافع عن وطنيته الهولندية، فضلا عن ذلك فإن الإسلام أصبح جزءا من تركيبة المجتمع لا يمكن تغافله أو الاستغناء عنه، وعلى الصعيد نفسه فإن الهولنديين بمختلف شرائحهم السياسية والاجتماعية والثقافية يتعاملون مع الإسلام كجزء من مكونات المجتمع، وغالبيتهم يعرف أن هذا الخوف موهوم،لأن تركيبة المسلمين بصفة عامة لم تعد مغاربة أو أتراكا أو غيرهم، وإنما هولنديون ممن اعتنقوا الإسلام، وأبناء ولدوا وتربوا وتشبعوا بثقافة البلد، ولذلك لا يمكن لشعب يتباهى بالحرية أن يلفظ أبناءه، أو يمنعهم حقا كفله الدستور لهم، وبالتالي فإن المسلمين مطالبون بالتفاهم والحوار، وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الأوروبيين خاصة المفاهيم التي تتعلق بالعنف والإرهاب وحقوق الإنسان ومعاملة الإسلام للآخر وحقوق المرأة وموقف الشريعة الإسلامية منها لمواجهة ظاهرة العداء للإسلام.

> لكن بالنسبة للإسلام على مستوى الدولة، هل هناك مشكلات تواجه المسلمين في الاعتراف بالإسلام والتعامل مع المسلمين على هذا الأساس؟

- تنتهج هولندا ـ كسائر الدول الأوروبية ـ النمط العلماني في إدارة شؤون البلاد، وبموجب هذا فإن فكرة فصل الدين عن الدولة هي الإطار الذي تتعامل به في علاقتها بالمجتمع المدني، وقد حاولَتْ خلال الحقب التاريخية الماضية أن تتوخى هذا المنهج، دون أيّ تدخل في شؤون أي مجموعة دينية، سواء كانت مسيحية بطوائفها، أو يهودية، أو حتى الهندوسية، وكذلك الإسلامية، غير أن علمانية الدولة لا تمنع من أن يكون لهذه المجموعات الدينية الحق في أن تحظى بدعم الدولة ذاته حسب قانون البلد نفسه، لذلك فإن التزامات الحكومة تجاه هذه المجموعات الدينية بما فيها المجموعة الإسلامية ليست بمنأى عن هذا الحق المكفول دستوريا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى