علينا أن نتمسك برداء الحشمة

> محمد بن علي طه الهتاري:

> إن من أول ماعَنى به الإسلام الحياة الكريمة والمجتمع الصالح، وذلك برعاية الآداب العامة واستئصال بذور الرذايل ولاسيما ما يمس الشرف والعرض.

وفي هذا السبيل أوجب على المسلمة إذا دعتها الحاجة في الظهور على الطريق أو في المجتمعات أن تتحلى برداء الحشمة الذي يصون لها كرامتها وتتجمل بجلباب الوقار الذي يحفظ عليها عزتها وشرفها. على هذه السنة الحميدة سارت المسلمات الأُوَل، فحافظنَ على الأمومة جلالها وعلى الزوجية مواثيقها وعلى الأنوثة وداعتها وحياءها، ونظر الرجل إلى المرأة نظرة الإكبار و الاحترام والعطف والرحمة، وسعى إليها في جد وعزيمة لتبني معه صرح الحياة قوي الأركان متساند البنيان.

وعلماء الإسلام يرون الكثير من المسلمات- لا سيما في المدن- قد انحرفن عن جادة الإسلام وخرجن عن سيرة المسلمات المومنات المحافظات على شرفهن وعرضهن، فكشفن ما أمرالله أن يستر، كشفن عن الصدر والذراع والرأس والساق، وأصبحت المسلمة تبدو في الطريق والمجتمعات بثياب رقيقة معلقة على كتفيها بشريطين، الأمر الذي أصبحنا به نعيش في دار الإسلام بتقاليد اليهود والنصارى.. وقد يزعم البعض ممن ذهبت منهم الغيرة الإسلامية أن هذا التبرج هو المدنية الراقية والحضارة العالية، وما ينبغي لهن أن يتخلفن عن ركب الحضارة!! نعوذ بالله من الخذلان.

إن الله حرم على المرأة أن تكشف هذه الأعضاء، كما حرم عليها أن تلبس الثياب الشفافة الرقيقة والمجسمة، قال الله تعالى يخاطب المومنات: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن)، حيث حرم سبحانه إبداء زينة المرأة ومواضعها إلا ما قضت الحيلة بإظهاره للضرورة وهو الوجه والكفان، وستر الرأس والرقبة ومواضع القلادة بالقناع، قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) الآية. وأخرج أبو داود عن عايشة أن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: «يا أسماء أن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا» وأشار إلى وجهه وكفه. إن تبرج المسلمة كان ولا يزال ذريعة إلى كثير من الجرائم الخلقية والمآسي الاجتماعية، فكم جنى على أعراض! وكم صدع أسراً كريمة كان يصونها التمسك بآداب الإسلام، والبينات على ذلك شاهدة كما نقرأ كل يوم في الصحف والمجلات صحايف من الكرامة المضيعة والشرف الجريح.. لا يخدعكن أيها المؤمنات الكريمات الصالحات الطيبات رجال يزينون هذا التبرج بمغرياتهم الخاصة إشباعا لرغبات جامحة وميولات آثمة، ولا تتشبهن أيتها المؤمنات بالعربيات الخليعات، فإن لنا إسلامنا المقدس وعروبتنا الأبية الغيورة وتقاليدنا السامية. إن جهة الإسلام و المسلمين لتنادي بأعلى صوتها رجولة الرعاة من الآباء والأزواج والإخوان «وفروا لكرائمهم العزة والحياة والعظمة والعصمة، فإنها رأس مال المرأة الذي لايقوم بشيء من الحياة، وأنتن إن فرطتن فيهم فرطتن في أثمن شيء لديكن، وعرضكن شرفكن لرفع الأذى».

هذا وكم من كريمة مصونة

في بيتها كدرة مكونة

لايسمع الناس لها كلاماً

ولا يصغون لها ملاماً

تغض طرفها عن الأجانب

ترجو حلول أرفع المراتب

بعيدة عن مجلس الرجال

لا تخطر الفحشاء لها ببال

على العفاف والحيا والتقى

مجبولة كالحور في دار البقاء

إذا بدت في محفل النساء

قدرة تضيء في حصباء

والفخر ليس بالحرير والذهب

ولا بلبس حنفص ولا قصب

فالاقتداء بالبتول الزاهراء

وأمهات المؤمنين أخرى

بقول ذي الجلال «قل للمؤمنات

يغضضن من أبصارهن» عاملات

يتركن في الطريق لبس الفاخر

كي لايملأن قلب كل فاجر

العدد 148 في 28يناير 1959م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى