النهضة الفنية يصنعها الرجال

> «الأيام» محمد محمود السلامي:

> نحن بحاجة إلى نهضة فنية واسعة, يقوم بها رجال مثل ما قام به في عهد مضى بعض الرجال الذين تركوا بصمات فنية كبيرة, وقاموا بأعمال لايقوم بها إلا من كان يحمل في داخله فنا أصيلا وقويا.

سوف أذكر نماذج من هؤلاء الرجال, أولهم الرئيس الشجاع، بل أشجع الرجال, سالم ربيع علي (سالمين), الذي شجع الفنون جميعها, من المسرح إلى الرقص إلى الغناء, كان هذا في معرض المعارض الذي أقيم في المعلا، والذي كان سالمين يحضره مساء كل ليلة ليشاهد الفرق المشاركة التي كانت تحضر من جميع محافظات الجمهورية، وكانت بحق أيام عرس، كنا نشاهدها في مسرح المعرض، ونقوم في اليوم التالي بتسجيلها في التلفزيون، وكان الرئيس سالمين معجبا بالفنان الكبير أحمد قاسم، وكان يقول: «ما فيش زي ابن قاسم، يغني هو وعياله وأسرته» يقصد (فتحية الصغيرة).

وقد قمنا نحن والزملاء في تلفزيون عدن بتسجيل كثير من الأعمال من شبوة ولحج وأبين وعدن وحضرموت والمهرة، ومن ضمن ما سجل من حضرموت أوبريت للمحضار، لا أذكر اسمه، ولكنه كان جميلا، وقد أدت الأوبريت فنانة حضرمية بكل إتقان، ولازلت أحفظ لحنه وبعض كلماته التي تقول:

أنا يمن الحضارات القديمة، أنا من قمت له معرف هزيمة

قهرت الظلم وقهرت الأعادي، على رغم العدى تحيا بلادي

أيضا أقام سالمين مدارس البدو الرحل، وتخرج في هذه المدارس الفنان حسن المهنا، والفنانة الجميلة نوال، والعازف الماهر وقائد الفرق سالم الحطاب.. كان هذا رئيس الجمهورية سالمين الذي شجع أيضا المخرج فيصل علي عبدالله رحمه الله في إخراج مسرحية (الجبل) التي عرضت في الصهاريج.

ومن الرجال الذين صنعوا النهضة الفنية أو ساهموا في صنعها الرئيس علي ناصر محمد الذي سأتناول بعض ما قام به في عدد آخر.

وقامت نهضة فنية كبرى في أبين قادها الرجل الواسع الأفق الشجاع محمد علي أحمد، محافظ أبين السابق، ويعرف الكل أنه بنى ساحة الشهداء، وعمل فيها المسرح وميدان كرة القدم ومسبحا أولمبيا، وطور الإذاعة، ونشطت الفرقة الفنية وشكلت فرقة الرقص والإنشاد، وإنجازات هذا الرجل كثيرة منها تنشيط السياحة الداخلية إلى أبين، فكان الناس يذهبون إلى زنجبار لقضاء يوم الإجازة في ذلك الجو الجميل والألعاب الحلوة.

وفي لحج قاد الفنان الشاعر المرحوم أحمد سيف ثابت نهضة فنية، حيث نقل العازف والملحن والموسيقي أحمد تكرير إلى لحج، ووفر له الإمكانيات اللازمة من آلات وغيره ليقوم أحمد تكرير بتدريب وقيادة الفرقة الموسيقية لتسجيل أعذب الألحان وأجملها، وشجع المسرح وأقام فرقة للرقص الشعبي وفرقة الإنشاد. كان يعمل بإخلاص وبنكران للذات، لايملك سيارة للعمل ولا ميزانية ولاشيء يذكر رحمه الله، وكان متفانيا ومخلصا لعمله إخلاصا عجيبا.

أما حضرموت فقد سجل تلفزيون عدن سهرتين فنيتين وكثيرا من البرامج التلفزيونية في المكلا، وكان يقود الفرق هناك مدير الثقافة الكاتب الصديق صالح باعامر، وكان يقود الإذاعة وإعادة البث التلفزيوني المرحوم فؤاد بامطرف الذي طلب من تلفزيون عدن إرسال طاقم لتشغيل العربة الموجودة هناك في المكلا، وذهبنا إلى المكلا كل في تخصصه. كان المرحوم عبدالقادر خضر هو معد ومقدم السهرات، وكاتب هذه السطور المخرج، والمهندس حامد محمد أحمد والمهندس يونس أبوبكر ومهندس التكييف أنيس عبدالقادر. قام المرحوم فؤاد بامطرف بقيادة الفريق إداريا وكان قائدا فذا يندر وجود مثله حاليا.

أين نحن الآن من هؤلاء الرجال؟ أين قيادة المحافظات، أين مدراء الفروع؟. إذا كانوا لايستطيعون عمل نهضة فنية في صنعاء لعدم وجود القاعدة الفنية هناك أو ضعفها، فليعملوها في المحافظات الجنوبية، حيث الفرق الفنية التي اقتربت من الموت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى