أبو عيون وحدوية

> عياش علي محمد:

> في منتصف عام 1995 ، كلفت أن أقود فريقاً لمسح مشاكل التربية والتعليم المتعلقة بحجم المدرسين والطلاب وأثاث المدارس، ومستوياتهم العلمية، وأجورهم في مديرية (النادرة) محافظة إب، هذا المشروع كانت تموله الأمم المتحدة، وبإشراف مكاتب الإحصاء في محافظة (إب) الجميلة.
لقد وجدت ثغرات كبيرة تتخلل التربية والتعليم ورأيت أن مشاكل التربية والتعليم تحتاج إلى مشاريع لا مشروع واحد فكل قطاع تربوي يحتاج إلى رعاية أممية حتى يتنظم هذا القطاع ويمضي في طريقه التربوي لإحياء ذكرى حب الناس للتعليم، الذي فقد رونقه وجاذبيته بسبب سوء التعامل مع هذا القطاع الذي يحتل أدنى مرتبة في ميزانية الدولة، والعالم ليس مقصراً مع التربية والتعليم، فهو الرافعة المستقبلية لتطور البلدان، ولا تبخل الدولة المحبة لشعبها أن تمنحه أكبر نسبة تمويليه لانتشاله من الوضعية الذي وجد فيها يتيماً دون أب .. وإعطائه الفرصة كي يعطي ثماره العلمية للبلد، فقطاع التربية والتعليم قطاع واعد، والاستثمار فيه يعطي مردوده بعد سنين ليست بالطويلة.
انتهت مهمتي بنجاح وأنا أشكر الذين قاموا بتسهيل أمور بعثتنا، وساعدت على نجاح مهمتنا في ظل وضعيه تعليمية بائسة..
أبو حميد استلم مستحقاته، وهم بالرجوع إلى وطنه لحج، فوجد أمامه مطعماً صغيراً أنيقا عند محطة السيارات الذاهبة إلى تعز، فوجدتها فرصة كي أتناول وجبة خفيفة بعد وجبة غذائية، مستغلاً عدم وجود ركاب ذاهبين إلى تعز، دخلت المطعم وفي جيبي صرتي النقدية، فقابلني مُباشر من المطعم جميل الطلعة وعيونه زرقاء وحدوية، فرحب بي وطلب مني شيئاً يقدمه لي، فقلت له أريد شيئاً من المرطبات الخفيفة، وقبل أن ينفذ طلبي طلب مني شيئاً غريباً، قال لي: "أيهما أفضل نظامنا في صنعاء أم نظامكم السياسي في عدن (الجنوب)؟"، فقلت له: "أنا جيت (كزبون) لمطعمكم، بعثني الله كي أرزقكم فلماذا هذا السؤال السياسي في مطعم وظيفته خدمة زبائنه؟"، فقال: "أنا لا يمكن أن أسمح لك أن تغادر المطعم إلا بالجواب على سؤالي" !! قلت له: "سأجيب على سؤالك ولكن بعد أن أكمل طعامي ولا يهمك سيكون الجواب يرضي فضولك" .
أكملت طعامي ومسحت يدي بالمنديل ودفعت له الحساب وهميت بالإجابة على سؤاله !! وقلت له: "أنت لازلت منتظراً لجوابي ؟" ، قال: " نعم وبفارغ الصبر"، قلت له ـ وبقية القاعدين في المطعم نظراتهم مصوبة إلى فمي ماذا سيقوله للنادل صاحب المطعم ـ وكان ردي بسيطاً ولاذعاً في نفس الوقت، وقلت له: "مادام انته والحاضرون في المطعم منتظرين جوابي فلا مانع من تقديمه لك وأرجو أن تتقبله بروح رياضية أو بروح وحدوية"، وأمام صمت الحاضرين الجاهزين لسماع جوابي على سؤاله المذكور "هل نظامكم أجمل من نظامنا في صنعاء أو إب".. فكان ردي له أمام الحاضرين وبصوت مسموع "أجمل شيء حبيته ليس في نظامكم وليس في نظامنا، الذي حبيته بالفعل هو عيونك الزرقاء الجميلة، هي التي شدتني إليك وليس لنظامكم أو لنظامنا"، فقهقه الجميع من جوابي، وخرجت من المطعم والنادل لا يزال في (صدمة) أو إعجاب من جوابي .. وقلت له: "وأنا تارك مطعمه لقد طلبت مني جواباً فأعطيته لك ليس جواباً سياسياً بل جواباً رومانسياً نسجته عيونك الزرقاء الوحدوية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى