الرئيس هادي

> د. هشام محسن السقاف:

> هي مقولة لاكتها الألسن كثيراً: “لا يصلح العطار ما أفسده الدهر”، ولا نريد من هكذا مقولة أن تكون جزءاً من المعطى السلبي في ثقافتنا الذي نود اجتراره بشكل صارخ هذه الأيام، بحكم العادة، لنكون - نحن - الشيطان الأخرس، في حين أن قول الحق أمام سلطان جائر هو أعظم الجهاد.
والذين يدركون حقيقة الأشياء في يمن يجتر أزماته، سيدركون أن كبد الحقيقة في الخروج من نفق مظلم بالتصالح والتوافق وبالالتفاف حول الرئيس هادي بطبيعة الحال.. فالرجل اختزل في خابية تجربته أربعين عاماً وأكثر من العمل المضني في قوالب الدولة الشطرية، بكل نصاعتها ومراراتها المؤلمة على السواء، ثم تعقيدات الدولة الموحدة بكل ما اكتنفها من غدر لمعطياتها (الوحدة) المأمولة، من قبل فصيل الجمهورية العربية اليمنية، فجاز الرجل مدارك الفهم السياسي في التعاطي مع صناع أزمات، كانوا حكامًا على طريقة (شبّ النار والعب على أطرافها)،لاستمرار ديمومة حكمهم.
كنا نجهل (هادي) حقاً لولا حديث منصف من رجل كبير، عرك الحياة العسكرية والسياسية والأدبية، هو الأستاذ أحمد سالم عبيد، الذي استعرض (هادي) منذ
مطلع الاستقلال الوطني في الجنوب، الذي تسميه كتب التاريخ الرسمي زوراً وبهتاناً (الجلاء)، وحتى اللحظة الراهنة (قبل ثلاثة أعوام كان ذلك بحضرة الأستاذين هشام وتمام باشراحيل ونجيب يابلي وهاني هشام وكاتب هذه السطور).
ولقد أسعدني ما تفوه به صدقاً الدكتور محمد علي السقاف قبل أيام على صفحات هذه الصحيفة، منادياً الجنوبيين للوقوف مع
(هادي) في هذه الأوقات المضطربة، التي تشبه بالقول والفعل الرقص على رؤوس الثعابين، كما حبّ مادح أن يمدح سيده الحاكم حينها بهذا الوصف.. مع العلم أن هذه الثعابين ليست بأيدي (حواة) ولا بأيدي (مجاذيب) ابن علوان، بقدر ما هي رؤوس المتنفذين داخل الدولة المسروقة، ولا دخل لشعبنا بها سوى أن يجني الويلات من هؤلاء.
الشعب يدرك أن تفجير أنابيب النفط، واستهداف الكهرباء، وافتعال أزمات الديزل والبنزين، وخلق الانفلاتات الأمنية، واختراق بعض الشباب بالأموال والمخدرات، وتصفية الكوادر العسكرية والأمنية (الجنوبية منها على وجه التحديد)، وتقوية شركة الإرهاب القاعدي المصنوع من طرفي الحكم السابق، وتفجير الحرب في عمران، والتخطيط لعملية انقلابية تعود بالبلاد إلى المربع الأول، بعد أن تبين أن (هادي) رجل المرحلة، وشرعيته الوطنية مشفوعة باعتراف أممي لم يسبقه إليه أحد، مما يوفر له فرصة لقيادة البلاد نحو حلول يأملها الجميع منه، بما في ذلك عدالة القضية الجنوبية.
إن الخيارات المتاحة رغم صعوبة الموقف وضبابية المشهد تجعل من كلّ ذي عقل يفتكر ملياً مرجحاً الإيجاب في هذه الخيارات، سواء في الدولة الاتحادية أو الأقاليم والدستور الجديد، وحل القضية الجنوبية، بما يصاحب هذه الخيارات من اعتراف من الجوار والأقاليم والدول الكبرى الراعية للمبادرة الخليجية والأمم المتحدة، وقراءة ذلك قراءة واقعية موازاة مع الطروحات الوطنية الأخرى، لنعلم أي الخيارات أصلح وأنفع، وسنجد في كل الأحوال أن المرحلة تتطلب منا
الوقوف بثبات مع (هادي) دون تردد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى