القرآن ومعجزاته

> محمد حسين دباء:

> يرجع إعجاز القرآن إلى فصاحة ألفاظه وبلاغة أساليبه، وخفته على اللسان،وحسن وقعه في السمع، وأخذه بمجامع القلوب وإخباره بأمور غيبية، واشتماله على أخلاق سامية فاضلة، وحقائق علمية، وشريعة عادلة كاملة صالحة لكل الناس في كل مكان وزمان، ويتميز القرآن بسلامته من التعارض والتناقض، مصداقًا لقوله تعالى: “أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82)” (النساء: 82)، فقد أخذنا في الحلقة السابقة لماذا يستخدم الله تبارك وتعالى كلمات مترادفات ومتقاربات في اللغة مثل (المطر والغيث، واللب والعقل ...إلخ)،وفي حلقة اليوم نأخذ زيادة (لا) عند قوله تعالى في قصة خلق سيدنا آدم عليه السلام في سورة الأعراف “قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلّاَ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلقَْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)”، ولكنه لم يُثبتها في سورة (ص) : “قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبرت أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ(75)”.
إن السؤال في سورة (ص) عن المانع لإبليس من السجود .. أي: لماذا لم تسجد؟ هل كنت متكبراً أم متعالياً؟ (ذكرت الآية الكريمة سببان قد يكونان مانعين للسجود: الاستكبار والاستعلاء)، أما السؤال في سورة الأعراف فإنه عن شيء آخر.. ويكون
معنى السؤال: ما الذي دعاك إلى ألا تسجد ؟، والدليل على ذلك وجود (لا) النافية في الآية التي تدل على وجود فعل محذوف تقديره: أَلجأك ، أحوَجَك.. فالسؤال هنا عن الدافع له لعدم السجود، وليس عن المانع له من السجود.
والجمع بينهما أن السؤال جاء على مرحليتين: الأولى: السبب المانع من السجود.. وامتناع إبليس عن السجود قاده إلى عدم السجود.. الثانية: السؤال عن السبب الحامل له على عدم السجود بعد أن أمره بذلك.
والحكمة من السؤال الثاني هو أنه من الممكن عقلا أن يكون هنالك سببان: سبب يمنع عن فعل شيء، وسبب يحمل على ترك شيء. فقولك لأحدهم: لماذا لم تفعل كذا ؟ يختلف عن سؤالك للآخر: ما الذي حملك على ترك كذا؟.. هذا والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى