صيدليات تنافس البقالات.. وصمت الجهات المختصة يخفي الكثير من التساؤلات..بعض الأدوية المهربة تدفن تحت رمال السواحل ومن ثم يتم نقلها للداخل

> تحقيق / الخضر عبدالله:

> الوضع الصحي في أسوأ حالاته، صيدليات متناثرة باتت تنافس اليوم عدد (البقالات)، وأدوية تصرف بالجملة دون روشتات طبيب، وبإمكانك تداولها دونما رقيب أو حسيب، وبعض القائمين عليها لا يملكون شهادة تخصص ولو من معهد أهلي بحسب مواطنين ومختصين؛ مما جعل ذلك ينذر بكارثة، بل كوارث جميعها غائبة عن الإعلام وبعضهم يردها إلى أنه مجرد قدر.
إنها واحدة من مفردات العمل الطبي وتجارتها المفتوحة، فتح بابها الراغبون في الاشتغال بها دون أي شرط، الأمر الذي جعل من كل شرائح المجتمع تنطلق إليه على قاعدة (الشاطر هو الذي يكسب) وبالنمط ذاته الذي نشاهده عندما يفتح شخص بقالة أو مركز اتصالات، وما أن تدب الحركة فيه حتى تتم المنافسة بفتح خمسة بجواره بين عشية وضحاها.
وهكذا كان الأمر ولا يزال مع تجارة الأدوية والمستلزمات الطبية ، وقد يكون ذلك حق مشروع في ممارسة العمل التجاري ، ولكن مثل هذه المواد ذات الارتباط بصحة الإنسان وحياته، لا نعتقد أنه ينبغي ممارستها عبر كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، كونها مادة يلتزم مستوردها بمواصفات ومقاييس محددة، تأتي عبر الرقابة لجهات الاختصاص، وليس عبر التهريب الذي يجري فيه نقل الأدوية عبر البحر إلى السواحل ودفنها فترة في الرمال، تجنباً للرقابة الساحلية، ومن ثم نقلها وتخزينها بطريقة غير سليمة.
محل لتخزين الأدوية
والعقاقير الطبية
محل لتخزين الأدوية والعقاقير الطبية
* أدوية معرضة لحرارة الشمس
هناك أدوية وعلاجات تحذر إرشاداتها وتعليماتها من تعريضها للحرارة، فكيف يمكن أن تكون نتائج تلك الأدوية على المريض عند تناولها أو حقنه بها؟.
وتعد تجارة الأدوية المهربة في اليمن من أكثر السلع خطورة على المجتمع ،حيث تدخل إلى البلاد بطرق مختلفة منها قيام تجار الأدوية بعقد صفقات مع الجهات المصنعة في الهند، وبعض بلدان شرق آسيا لوضع نسبة مبسطة من المواد المركبة لتلك الأدوية، وبالذات الحقن مما يقلل التكلفة على التاجر، ويساعده على اكتساب الأموال المضاعفة ، وبالطبع الضحية في ذلك هو المريض ، وهذه المشكلة أيضا قائمة في مواقع بيع الأدوية ، وهي الصيدليات التي تحرص أغلبها على شراء احتياجاتها من المهربين بأقل من السعر الذي يتم بها استيراده رسمياً، وهو كما يقولون بالنسبة لهم حق مهم في تحقيق الأرباح طالما والكل يبحث عن ذلك أمام نظر وسمع الجهات الرسمية المعنية بالأمر ، مما يدل على واقع الاتفاق المشترك بين أجهزة الدولة وهؤلاء التجار على حياتنا، وعلى استنزاف المواطن مادياً وصحياً، والعمل على تخفيف نسبة عدد السكان؛ كون المواطن لم يلتزم بتعليمات الحكومة وتوجيهات صندوق النقد الدولي لها بتحديد النسل، وهكذا سيظل مسلسل الموت قائماً ما لم يدرك كل من يعنيه ويرتبط به هذا الأمر أن القضية داء سيصيب المجتمع برمته ، ما يدعونا اليوم إلى تحمل المسؤولية الوطنية وبقوة الدستور والقوانين النافذة ، والكف عن ممارسة السلوك السلبي القائم على الصمت.
صيدليات
ومختبرات على
طول الشارع
صيدليات ومختبرات على طول الشارع
* صيدليات توازي حجم البقالات
يلفت انتباهك تلك الحركة والزحام نحو (البقالات) والصيدليات والتي باتت كأحد المراكز الصحية،إذ كل شيء له علاج، وأهم ما في الأمر أن تدفع قيمة العلاج.
أحد المرضى العازمين دخول إحدى الصيدليات وبفضول منّا سألناه عن حالته وعن دافعه للمجيء إلى تلك الصيدلية، ليتضح لنا أنه كان يعاني من مرض (الملاريا) التي بدأ موسمها ينتشر الآن في فصل الصيف.
يقول المريض: " إن صاحب تلك الصيدلية عنده علاج إبر للملاريا تجعله في غضون دقائق يشفى منها " معتقداً أن صاحب تلك الصيدلية أفضل بكثير من أولئك الأطباء الذين لا يفقهون شيئاً بحسب معتقده، متهماً إياهم بالتعامل مع أصحاب الصيدليات من خلال وصفهم لأدوية وروشتات دون أن تكون لها فائدة ما جعل البعض يفضل الصيدليين على الأطباء.
وبينما نحن نتحدث مع المريض الأول مرعلينا رجل مسن يبدو أنه في العقد السابع من العمر، حشر نفسه بالحديث معنا بطريقة فضولية ليقول لنا: "صحيح يا بني هؤلاء في إشارة منه إلى أصحاب الصيدليات هم أصحاب خبرة.. والخبرة أحياناً أحسن من التعليم"،
مضيفاً : " أما الدكاترة حق اليوم ما عاد (ينفعوش) ما عندهم أمانة، وصاحب الصيدلية التي أقصدها لديه إبرة تطير الملاريا، أما الدكاترة يجعلوا الواحد يصرف كثير كم من علاجات، وناهيك حق المعاينة والفحوصات وغيرها " .
هكذا تحدث إلينا هذا العجوز المسكين ببراءة ظناً أنه قد أقنعنا بحديثه الذي لا يخلو من المتعة والفكاهة من خلال طريقة حواره معنا.
صيدليات مكدسة
في شارع واحد
صيدليات مكدسة في شارع واحد
* صرف أدوية دون روشته طبية
ونحن نعد تقريرنا عن انتشار الصيدليات كنا نعتقد أن ضحايا الصيدليات هم من الأميين وكبار السن، ولم نكن نعتقد أن نسبة كبيرة من الشباب المتعلم والدارس، بل وبعض المدرسين هم ـ أيضاً ـ ضحايا لتلك الصيدليات.
يقول (ف/أ/م) وهو مدرس : "نأتي إلى الصيدليات لغرض العلاج بعدما جربنا كثيراً من الأطباء في معالجة بعض الأمراض الموسمية، كالملاريا مثلاً وأثبتوا فشلهم في علاج بعض الأمراض، بينما أصحاب الصيدليات على قدر خبرتهم كانوا الأفضل" ويعترف المواطن بأن ما يقوم به بعض أصحاب الصيدليات من صرفهم لأدوية دون روشتة طبيب من المسائل الخاطئة، لكنه يردف معللاً ذلك بالمثل الشائع (الضرورات تبيح المحظورات)، حسب ظنه.
* مراكز صحية عاجزة
أثناء جولتنا وجدنا الحال هو الحال نفسه على ما يبدو في جميع المحافظات، فهذا المواطن عارف عبيد من أكبر زبائن تلك الصيدليات، يشير في كلامه إلى أن " من أسباب لجوئه وتداويه هو وأطفاله عن طريق العاملين في مخازن بيع الأدوية يأتي نتيجة الدور العاجز الذي تقوم به المراكز الصحية والمستشفيات ".
ولا يبعد رأي المواطن نصر صلاح 42 عاماً، كثيراً عن ما طرحه عارف عن حجز المراكز الطبية، حيث يؤكد نصر من جانبه: " أن المستشفىات الحكومية وبمجرد انتهاء الدوام الرسمي تصبح مهجورة نتيجة خلوها السريع من الأطباء والعاملين الأساسيين " .
الهيئة العليا
للأدوية
الهيئة العليا للأدوية
* المتاجرة بالصحة وبتراخيص رسمية
الكثيرون من أصحاب مخازن الأدوية يجدون من مكاتب الصحة في إطار المديريات طريقة سهلة للحصول على التراخيص ولممارسة وسائلهم في ترويج أدويتهم التي تكاد تكون بعضها مهربة، وكل ذلك يتم دون رقيب أو حسيب من جهات مركزية عليا.
وبعض المستثمرين فتحوا صيدليات ومخازن تفتقر إلى أدنى المعايير الصحية والمواصفات المهنية بعد حصولهم على تراخيص ميسرة من مكاتب الصحة بالمديريات، وقاموا بتوظيف أشخاص لا تتوفر لديهم الخبرة الكافية في بيع الأدوية والعقاقير الطبية، وبعضهم لا يحمل مؤهلاً، وهكذا تحولت مهنة الصيدلة في الوقت الحاضر، إلى ما يشبه مهنة عمال (البقالات) ودكاكين العطارة والبهارات.
* صيدليات تجري عمليات صغرى
من الطريف جداً أن بعض محلات الأدوية لم تكتف بصرف أدوية فقط، بل بعضها تقوم بتقديم خدمات أخرى كقلع الأسنان وبحسب الطلب.
هذا المواطن خالد حميد 21عاماً طالب في إحدى المدارس، حين اشتد وجع ضرسه ولم يستطع النوم والذهاب إلى المدرسة ذهب إلى إحدى الصيدليات لشراء حبة مهدئة، لكن صاحب الصيدلية عرض عليه قلع ضرسه بعد حقنها بأبرة مخدرة، وفعلاً تم اقتلاع الضرس بنجاح، وهناك كثيرون أصبحوا ضحايا للكثير من الصيدليات والصيادلة الذين لا يقف في طريقهم أي مرض فهم يرون أنفسهم بأنهم قد أصبحوا قادرين على علاج الداء ومتفوقين حتى على الأطباء المختصين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى