الطريق لصراع الدين والسياسة في مدينة تؤرّقها العديد من المشاكل.. من ينتقم من عدن؟! (2-2)

> تقرير/ ماجد الشعيبي

> صُنّف مقتل الشاب علي علوي المحضار 28 مارس الماضي –بائع قات - كأول حادثة قتل متعمد على خلفية طائفية في مدينة عُرف عنها التعايش الديني والعرقي على مدى سنوات طوال، ورد حينها نشطاء إن الحادثة هي محاولة لتفجير الوضع ونقل الصراع الدائر هناك إلى عدن.
وعُرف عن المحضار بكونه واحداً من مؤيدي حركة الحوثي وسبق أن علق صورة شخصية لزعيمها عبدالملك الحوثي على سطح منزله ، بيد أن آرائه بحسب أصدقاء له كانت مجرد أغاضة للطرف الآخر الذي يعادي الحوثي، وسبق أن دخل بمشادات كلامية مع الكثير من المتشددين في المدينة بخصوص الحرب التي دارت بين الإصلاح والحوثي.
وقيل بعد اغتيال المحضار إن آراءه وتصرفاته لم تستحسنها القوى المتطرفة التي تتهم بالتخلص منه؛ ليكون بحسب ما تقول عبرة لكل من يساند فكر الحوثي، وهو الفكر الذي يلقى معارضه شديدة من قبل حركات دينية تصفهم بالروافض.
وفي حينها نشر موقع انصار الله التابع لجماعة الحوثيين على الإنترنت قوله: " إن عناصر تكفيرية أقدمت على قتل المواطن علي علوي المحضار من أبناء محافظة عدن بزرع عبوة متفجرة في سيارته في مديرية كريتر على خلفية مذهبية وبسبب مواقفه المناهضة للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية " .
وذكر الموقع: " أن المحضار قد أبلغ عن تهديدات بالتصفية تلقاها عدة مرات على أيدي تكفيريين للأسباب ذاتها.
وإلى جوار أن علي بائع قات مشهور يعرفه كل مرتادي السوق، فهو يستخدم السياسة طريقة لجذب الناس لشراء القات، عبر مكبر صوت كان يحمله بيد ويستخدمه لمهمتين في آن واحد .
عبارات كان يسلطها المحضار على الفساد والسلطات الحاكمة، وكل من يتهم بالعبث بالمال العام، وميزت شعارات علي طابعها التعبير الشعبي التلقائي الملامس لأوضاع الناس، ومنذ أن قتل غاب صوته وبقيت صورته المعلقة صامته على غير العادة على مدخل السوق يتذكرها كل من كان يعرفه.
حمار يتجول وسط أسواق المدينة
حمار يتجول وسط أسواق المدينة
وأيام حرب دماج سجلت عدد من الحالات التي تعرض لاعتداءات نتيجة اختلاف وجهات النظر بين مؤيد للحوثي ومعارضة له، بيد أن حالة قتل المحضار هي الوحيد التي رُوج على أنها أول ضحية للصراع الطائفي الذي يدور في الشمال، وربما لن تكون الأخيرة، إذ أن مثل هذه الحوادث يرافقها سلسلة أحداث لا تنتهي بالتقادم بين الأطراف التي تدّعي أحقيتها في تمثل الدين .
عن انتشار الأسلحة والانفلات الأمني .
انفلات أمني كبير تشهده المدينة، في ظل أعمال تصفية تقع بحق المدنيين بين الحين والآخر وقد سجلت عدن مؤخراً وخلال شهر مقتل 20 شخص بين أعمال قتل واغتيالات بحسب إحصائيات رصدتها إحدى المؤسسات المدنية.
من أبشع الجرائم التي حصلت بين المدنيين الحادثة التي استهدفت عمال مستشفى باصهيب العسكري في وضح النهار بعد أن أقدم مسلحون مجهولون على إطلاق وابل من الرصاص على باص كان في طريقة من الشيخ عثمان إلى مديرية التواهي وسقط خلالها سته أشخاص وجرح أشخاص آخرون في حادثة لقيت استنكارا واسعا ، ولم تبذل السلطة أي جهد في كشف المتورطين في مثل هذه الحوادث، وتلتزم الصمت حيال عملية حمل السلاح بهذه الصورة المخيفة.
وسجلت محلات الصرافة والذهب خلال الفترة الماضية أيضاً حالات كثيرة يقوم بها مسلحون مجهولون يقدمون على مهاجمة محلات الصرافة والذهب يسقط خلالها ضحايا نتيجة تبادل إطلاق النار بين حراسة المحلات التجارية وبين العصابات التي تقتحم المحلات وتنجح غالباً في عملياتها.
أصوات الرصاص تسمع بكل حين، وتستخدم بشكل مفرط في الأعراس وغيرها وكل العادات والتقاليد التي عرفتها المدينة من قبل شوهت وأصبحت عدن اليوم لا تشبه عدن الأمس... إنها الكارثة!. هكذا يقول أحد الصحفيين الذي زار عدن مطلع الشهر الجاري وهو يعيش حالة من الحزن لما شاهده، حيث يضيف: " أن هناك انتقام يمارس ضد المدينة كونها كانت مشعلاً للمدنية وللعلم وللثقافة المدنية " .
في حين غدا إنكار وجود حركات مسلحة داخل المدينة تستعد للاقتتال -بأي لحظة- أمراً بعيداً عن الحقيقة. يتمنى غالبية من تحدثنا إليهم أن تعود عدن كما كانت.. مدينة يتعايش فيها الجميع، لتأخذ حقها من الاهتمام بمختلف الجوانب خاصة في جانب السياحة والثقافة التي يقول فنانون: " إن هناك تعمد واضح لإنهاء دور الثقافة والسياحة في عدن ،فالسنوات التي غابت فيها الثقافة والسياحة شكلت بيئة مناسبة للكثير من القوى التي تسعى للسيطرة على المدينة وتحويلها إلى مدينة يملؤها الرعب والتطرف.
ظاهرة انتشار السلاح لم تعد ظاهرة غريبة في عدن كما كان يقال سابقاً، بل أصبحت واحدة من الظواهر التي إلف الجميع التعايش معها وبشكل غير طبيعي ، فيما هناك ممن يتحدثون عن صفقات تمت خلال العام 2011 م وانتهت بتوزيع أسلحة كثيرة بين أوساط الشباب خدمة للصراع السياسي الذي عصف في المدينة، كما بات امتلاك الأسلحة لدى كثير من الحركات السياسية المتشددة في المدينة شيئا واضحاً ويهدف بحسب مواطنين إلى إغراق المدينة في حرب باتت أكثر القوى تستعد لها ووحدها عدن من ستدفع الثمن في المستقبل، إضافة إلى جملة من المشاكل تعاني مدينة عدن مشاكل حقيقة ستتفجر خلال الفترة القادمة، متمثله في فقدان الدولة سيطرتها على بعض الأحياء الشعبية الفقيرة أبرز تلك الأحياء هي مديرية البساتين التي يحيط بساكنيها الخطر من كل مكان فهي منطقة محرمة الدخول على الجهات الحكومة؛ نتيجة سيطرة جماعات مسلحة أغلبها تنتمي إلى اللاجئين الصومال.
مدرعات في شارع المعلا
مدرعات في شارع المعلا
لا يشعر غالبية المواطنين بمدينة عدن بالأمان بعد سلسلة أحداث غيرت حياتهم ، الساعة الحادية العاشرة ليلاً غالباً ما تجد الناس ووسائل المواصلات تعمل ، لكن عدن تحولت إلى مكان أشبه بقرية صغيرة، خصوصاً بعد أعوام من ثورة التغيير التي قلبت حياة الناس رأسا على عقب .
وسائل المواصلات التي كانت قد اختفت في السابق عادت مجدداً للظهور، فالحمير مثلاً والجمال التي تجر العربات من ورائها، عادت مجدداً للعمل وهناك مواطنون يعتمدون على تلك المواصلات البدائية في الحصول على قوت يومهم.
هناك أكثر من مكان ثقافي أُغلق، فالسينما والمسارح مثلاً أُغلقت عقب صيف 94 وما زالت حتى اليوم عازفة عن العودة ، فيما أهُملت المتنفسات البحرية التي تفتقد للكثير من الخدمات وأصبحت مكان للمضايقات أكثر مما هي للترفيه، فيما أغلب الأماكن السياحية مثل قلعة صيرة والصهاريج تعاني كثيرا من المشاكل أهمها: الإنارة التي بسببها تغلق أمام الزوار في تمام الساعة 6 مساءً وهو الأمر الذي أحدث موجة غضب من الزوار الذين يتم رفضهم؛ خصوصا ًوالكثير منهم يأتي من خارج المدينة .
وقعت عدن ضحية للتقاسم والمحاصصة الحزبية في صنعاء ، وتسوء الحياة اليومية لدى الناس هنا بشكل ملحوظ في ظل حاجة ماسة إلى إعادة ترتيب وتأهيل الحياة بشكلها الطبيعي المعهود ،وتوجيه الجهات المسؤولة لإعادة الاعتبار لهذه المدينة، التي شهدت خلال الأعوام الثلاثة الماضية حالة إهمال وتجاهل وحرمان من أهم الخدمات التي يفترض أن تقدمها الحكومة كحق يجب أن تحصل عليه أي مدينة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى