جامع يجمع لا يفرق

> علي صالح الخلاقي:

> الجامع في اللغة : اسم فاعل من جمَعَ، والجامعُ: اسم من أسماء اللهِ الحُسْنى، ومعناه: الذي جمع الفضائل وحوى المكارم والمآثر.. جامع الخلق في موقف القيامة.. جامع أجزاء المخلوقات عند الحشر والنشر بعد تفرّقها، والكلامُ الجامعُ: ما قلَّت ألفاظُه وكثُرت معانيه، وأمرٌ جامعٌ: له خطرٌ يجتمع النَّاسُ لأجله.
والجامع: مسجد يُصَلِّي فيه المسلمون، ويُطلق بصفة خاصَّة على المسجد الذي تُصلّى فيه الجُمعة، وفي مسقط رأسي (خلاقة) كان يوجد جامع واحد، موحد يؤدي فيه الرجال والأطفال صلاة الجمعة، فكانت كل جمعة فيه جامعة للناس، هكذا كان الحال حتى حرب (.....و.....) الجنوب صيف 1994م، فظهر جامع آخر، وتفرق الناس بين هذا الجامع وذاك، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد يجتمع الناس كما كانوا من قبل في جامع واحد، ولا في أَذَان واحد أو خطبة جمعة واحدة، بل في جامعين اثنين، وفي فضاء البلدة تتداخل مع كل جمعة أصوات الخطيبين عبر مكبرات الصوت التي مُدت أسلاكها إلى أعلى قمة في البلدة القديمة (القفلة) بحيث يبث كل ميكرفون خطبة جامعة في اتجاه معاكس للآخر فتتداخل أصواتهما ويصعب على الأسر أن تتابع أي من الخطبتين.
وحين كثر الحديث عن المؤتمر الجنوبي الجامع، وتعددت المواقف بين مؤيد له ومعارض، ومتفائل بنجاحه ومشكك، تبادرت إلى ذهني هذه الحكاية ورغم أنني مع أي مؤتمر جنوبي جامع أو شامل، إن كان سيأخذ بالمعايير الوطنية ويجمع ممثلي المحافظات الجنوبية الست بمديرياتها، وكذا أطياف وقوى الثورة السلمية الرئيسية والفاعلة في الساحة على أسس القواسم المشتركة التي من شأنها تقريب انتصار قضية شعبنا الجنوبي، فنحن أحوج ما نكون لقيادة موحدة تتماهى مع زخم الشعب وتكون الحامل لقضيته في المحافل الإقليمية والدولية.
لكنني أخشى ما أخشاه أن يتحول هذا المؤتمر (الجامع) إلى (جوامع)عديدة، وربما جديدة؛ فيزيد من تشتيت المشتت وتمزيق الممزق.. فتتداخل المواقف والأصوات، ويزداد الضجيج والجعجعة دون أن نرى طحينا على ثِفال قضيتنا العادلة.
فلنتريث في استكمال مقومات النجاح لجامع يجمع، وشامل يلم الشمل، ولو بالحدود الدنيا، وإذا كان هناك من يعرقل هذه المساعي لأية أسباب ليس لها صلة بالهدف النبيل المُعلن والمؤمّل والمرتجى فينبغي تبيان وتوضيح الأمر وتسمية الأمور بمسمياتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى