رمضان في المكلا.. طقوس روحانية وتنافس على فعل الأعمال الخيرية

> استطلاع/ ناصر المشجري:

> ما إن يهل خير شهور الله.. شهر المحبة والكرم والمغفرة، حتى تبدأ تتجلى نكهته وطقوسه وروحانيته الخاصة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، حيث تكتظ فيها بيوت الله بالمتعبدين من مختلف الفئات العمرية شيوخاً وشبانا وأطفالاً، لتأدية صلاة التراويح في رحابها الطاهرة، امتثالا لأمر الله وسنة نبيه الكريم-صلى الله عليه وسلم- وطمعاً في مغفرة ربهم وكسب الفضائل والحسنات في لياليه البهية للفوز برضى الله ومغفرته.
* تنافس خيري
أثناء أيام الشهر الكريم يبدأ الميسورون كل عام من أهل المكلا وأبناء حضرموت عامة على اغتنام أيامه ولياليه تقربا لله تعالى، بالقيام ببعض الأعمال الخيرية وتنظيم قوافل الإغاثة للمناطق المحتاجة والفقراء وذوي الحاجة، إضافة إلى تدشين المبادرات الرمضانية كإفطار المسافرين من الصيام في الطرقات والوافدين في الشوارع والحارات، وآخرون يعملون على كفالة اليتامى والبائسين في صورة تتجلى فيها معاني التكافل الاجتماعي بكل صوره ومعانيه.
اقبال على البلح
اقبال على البلح
* مطبخ رمضان
ما يتميز به الناس في هذه المدينة، خاصة أثناء ليالي الشهر المبارك، هو اجتماع الأهالي على وجبة الإفطار في المساجد القريبة وتبادل موائد الافطار فيما بينهم، إذ تجد من يصطحب كل فرد منهم ما لذ وطاب من موائد الإفطار كـ (المطبقية والمهلبية والشوربة المحلية) وغيرها من وجبات الإفطار الخفيفة.
* المسحراتي يصدح بالأزقة
جرت العادة في المنطقة مع بداية غرة شهر الصوم أن يتعود السكان في المكلا على صوت المسحراتي، الذي يعرف بــ (الميقاتي)، حيث يتولى إيقاظ ربات البيوت لتجهيز وجبة السحور، ويقوم بقرع (طبله) والتجول بين الشوارع والأزقة لإيقاظ الناس للسحور.
والعجيب أن هذه العادة مازالت تُعمل ويعتمد عليها كثير من الأهالي في الوقت الذي يشهد فيه انتشاراً واسعاً للفضائيات والمؤقتات المختلفة، وهذه العادة تعتبرعادة دينية متأصلة لدى أهل حضرموت.
مواطنون حضارم يلبون احتياجات رمضان
مواطنون حضارم يلبون احتياجات رمضان
* الختائم المسجدية
معظم مساجد المكلا تقيم ما يعرف بالختم ويبدأ الختم في اليوم السابع من رمضان، وفي الختم أو الختائم يتجمع أهل الحي في المسجد المقيمين فيه ويقرأون القرآن حتى استكمال الختمة (المصحف الشريف) مصطحبين في ذلك أطفالهم معهم.
كما يؤدون كذلك عروضا فلكلورية تنبع من الموروث الشعبي القديم لتعريف الأجيال بقيم عادات وتقاليد الأجداد في سابق الزمان، وهذه العروض يبرع فيها الشباب الذين أدخلوا عليها ألوانا وطرقا وإضافات جديدة.
والختم حسب قول العارفين والأئمة المتصوفين، هو احتفال ديني يقام عند ختم القرآن، وهوعادة تتم في شهر رمضان كالتي تجري في مساجد حضرموت.
ويرتب القائمون في كل مسجد يوم معين من هذه الختائم، حيث يبدأ موسم الختاميات من الأسبوع الثاني من رمضان وبعد انتهاء الختم يخرج بعض المشاركين من الناس للتوجه إلى المقابر لزيارة موتاهم والدعاء لهم بالرحمة والغفران، كما جرت العادة أيضا أن يردد الأهالي في الأيام الأخيرة من الشهر عبارات التوديع للشهر الكريم بأبيات (يا راد ياعواد.. ياراد ياعواد) توديعا وتحسرا على انقضائه
أسواق تكتظ بالمتسوقين
أسواق تكتظ بالمتسوقين
* التمر والقهوة إفطار مفضّل
يحرص الصائمون في حضرموت على تناول (الرطب) مع قهوة البن وهي وجبة رئيسية ومفضلة لدى كل بيت وأسرة، إذ لا تخلو مائدة إفطار (مُكلاوية) من التمر الطازج المحلي للاقتداء بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضي الله عنهم، ولما عُرف كذلك من قيمة غذائية يحتويها التمر ومدى أهميته بالنسبة للصائم التي تغنّى بها كثير من الشعراء الحضارمة، والتي فيها تردد أروع ما قيل في التمر وارتباطه بالإنسان الحضرمي/ ومن القصائد التي قالها الشعراء عن تمرة الرطب:
ماشي كما التمر في الدار
يارب نسألك تحفظ لنا الربع والجار
ونزّل لنا الغيث مدرار
واسق الحماري مع الزّار
تسوّق ونزهة
كما جرت العادة في محافظة حضرموت أن يقضي الشباب والرجال والنساء والأطفال لياليه في الزيارات العائلية والتنزه والمسامرة، ويفضل بعضهم ممارسة ألعابهم وهواياتهم المفضلة، فمنهم من يلتقي بأصحابه تحت الأضواء الكاشفة والهواء الطلق للعب (الدمنة والورقة) وتجاذب الأحاديث في المقاهي الشعبية مع احتساء الشاي الطيب المذاق، أما النسوة فيذهبن لأسواق الحناء والعطور والعنبر والعنود ومحال الأكسسوارات والحلوى وللتبضع وشراء احتياجات ومتطلبات المنزل والعائلة.



> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى