القرآن ومعجزاته

> محمد حسين دباء:

> إن القرآن عجيب التأليف، متناهٍ في البلاغة إلى الحد الذي عجز عنه الخلق، لم ينظم على بحور الشعر ولا على طريق السجع، تصرفت وجوهه، وتباينت مذاهبــه، خارج عن المعهود من نظام جميع ما عرف العرب في القديم والحديث، له أسلوب خاص لا يشاركه به أحد في كل ما هو في بلاغة العرب في القديم والحديث.. ففي حلقة اليوم نستكمل مسألة (التعريف والتنكير) في القرآن الكريم حيث نكرت (سلام) على يحيى وعرفت (السلام) على عيسى عليهما الصلاة والسلام.
قال تعالى في سورة مريم: "يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا(15)".
أما سيدنا عيسى عليه السلام: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَليَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)".
وحكمة مجيء (سلام) نكرة في سياق قصة سيدنا يحيى عليه السلام: أن ذلك جاء في سياق تعداد نعم الله تعالى على سيدنا عيسى وإخبار من الله جل جلاله بأنه قد منح سيدنا يحيى (سلاما) كريما في مواطن ثلاثة: يوم ولادته، ويوم موته، ويوم بعثه حيا في الآخرة.
أما (السلام) في قصة سيدنا عيسى عليه السلام جاء معرفة لأن لفظ (السلام) هو كلام من سيدنا عيسى حيث دعا ربه أن يمنحه السلام في ثلاثة مواطن: يوم ولادته، ويوم موته، ويوم بعثه حيا في الآخرة.
فبما أن سيدنا عيسى هو الذي دعا، فمن المؤكد أنه سيُلح في الدعاء كما هي السُنة فيطلب المعالي، فلذلك عرّف السلام دلالة على أنه يريد السلام الكثير العام الشامل الغزير.
وهنا إشارة إلى أن السلام الذي حصل عليه سيدنا عيسى كان أخص من السلام الذي حصل عليه سيدنا يحيى، وأن سيدنا عيسى أفضل من سيدنا يحيى فهو من أولي العزم صلى الله عليهما وسلم. هذا والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى