أرض سبأ

> محمد بالفخر:

> بعد أن تتنفس الصعداء من وعثاء السفر وكآبة منظر موظفي الجمارك وسماسرتهم ونهابي الشرطة الواقفين على بوابة منفذ الوديعة وسوء العمل الإداري من الصغير والكبير وتمشي خطوات بسيطة في أرض حضرموت التاريخ حضرموت الخير حضرموت الثروة المنهوبة التي تصب في خزائن الجمهورية اليمنية، وأرصدة حمران العيون التي لا تمتلئ ولن تمتلئ، تفاجأ بلوحة إعلانية كبيرة لشركة (سبأ فون) على الطريق الإسفلتي ترحب بالقادمين وبالخط العريض وبطريقة استفزازية مثيرة (أهلا وسهلا بكم في أرض سبأ)!.
تتعجب وتصاب بالدهشة والاستغراب هل أنا في أرض سبأ؟ هل هذه أرض سبأ؟ أو هكذا يطمع صاحب الشركة، أم أنها أرض حضرموت؟ ولم هذه اللوحة وما هي مدلولات العبارة؟ وهل يحق لشركة تقدم خدمات الاتصالات أن تكون دعاياتها الإعلانية ذات مدلول وطابع سياسي بحت يجير التاريخ كيفما يشاء، ألا يكفي الضم والإلحاق وطمس الهوية الحضرمية على يد (قومجي) الاشتراكية العلمية وما لحقها بعد ذلك من وحدة نفق القلوعة إلى حرب الفيد والغنائم في 1994 م وما نتج عنها من حصاد مر.
إلا يكفيها كل ما حصل حتى يأتي أثرياء القبيلة ويطمسوا التاريخ كله، ولنعد للتاريخ، متى كانت حضرموت ومتى كانت سبأ؟، أم أن (شمر يهرعش) مازال (يصلق وينعش) مرسخا ثقافة النهب والفيد من خلال نقشه الشهير ليصل إلى أعماق التاريخ وتصبح أرض حضرموت أرضا لسبأ، بعد أن حولها الرفاق ذات يوم قبل أكثر من أربعين عاما إلى مجرد رقم من الأرقام يحمل رقم (5)، وقد قال أحد رموزهم ذات يوم في أحد المناسبات لولا نحن (القومجيون) لما كانت حضرموت يمنية.
وحاليا يتباكى أتباعهم عليها وهم من باعوها بثمن بخس لأنهم لم يعرفوا قيمتها لم يقدروا ثمن الجوهرة الثمينة التي وقعت في حين غفلة بين أيديهم فتلاعبت بها الأيدي الملطخة التي لم تدرك ما تقوم أو قامت به، فلهذا أصبحت لقمة سائغة تناهشها وحوش الغاب بكل أصنافهم وأشكالهم، فلا ضير أن تقوم شركة اتصالات تكسب الملايين من هذا الشعب بعمل مثل هذه العبارة أو غيرها، فلو فرغ القائمون عليها أنفسهم لإعادة تقييم مسارهم في الأسواق لتزداد مبيعاتهم وترتفع أرباحهم فيقومون بإنزال وبيع 50 % من قيمة أسهم الشركة للاكتتاب العام لفئات الشعب عامة ليصبح هذا الشعب شريكا بطريقة أو أخرى في رأس مال هذه الشركة التي هي في الأصل تستثمر هذا المواطن صغيرا وكبيرا، وقفزت أرباحها المهولة على مدى عقدين من الزمن إلى أرقام فلكية، ولو نظرنا إلى معظم شركات الاتصالات في البلدان المجاورة لوجدنا أن معظم الشركات أنزلت ما يقارب نصف الأسهم اكتتابا عاما لمن يريد ضمن ضوابط معروفة، حتى الشركات التي تمتلكها الدول سارت على نفس نهج الشركات الخاصة.
فمن هنا نأمل من صاحب شركة سبأ فون أن يبادر أولا بهذا العمل الذي يمكن أن يعطيه شعبية أكبر ويغير في سياسة منظومة الاحتكار السائدة، وفي نفس الوقت عليهم أن يبدلوا لوحتهم المثيرة للجدل والرفض من كل من شاهدها، فأرض حضرموت لن تتحول بجرة قلم لأرض سبأ، ولن تتغير معالم التاريخ مهما عبث به العابثون والمزورون.
فحضرموت تاريخية قبل الوحدة والقومية،فإن غفل بعض أهلها يوما ما، لكنهم حتما لم ولن ينسوها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى