كركر جمل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
هل الخوف من أي شيء نقمة أم نعمة؟.. هل هو صدمة من الحرب أم فزع وقهر وهروب من الظلم والاضطهاد؟ وهل الخوف هو الذي يدمر حياة الناس ويلقي بهم في الفراش ليناموا بعمق؟ أم الذي يجعلهم يهربون من بيوتهم إلى العراء ليتعذبوا من حر الصيف أو برد الشتاء؟.. ولكن لماذا الخوف؟ هل هو نتيجة للقتل والعنف والدم ورؤية الرؤوس التي تطير في الهواء والوجوه المشوهة والسيقان المبتورة والعيون المفقوءة، وصرخات الأطفال وبكاء الأرامل والشيوخ الأبرياء من ضحايا الحروب والقتال؟.
< وما هذا الذي يجري في العراق وسوريا وليبيا واليمن؟ هل هذا قدرنا؟ هل هو مصيرنا وأن يقتل الأخ أخاه، وأن نبكي ونتألم ولا نتكلم؟ ونتفرج على كل الذي يجري ولا نستطيع أن نفهم السبب وراء الذي يحدث، ولا نفلح في وصف الصورة الحقيقية للذي كان والذي سوف يكون؟.
< إننا نسمع ونرى كل هذه الأحداث الموجعة والمفجعة، ولكننا نعرف فقط كيف نتكلم ونكتب، ولا نعرف كيف نجعل لهذه الحروب نهاية.. حتى الجامعة العربية لا هي عرفت ولا منظمة التضامن الإسلامي أفلحت في وقف هذا النزيف من الدماء التي تسفك وتذهب هدراً على الأرض.
< ثم ما الذي يحدث عندنا في هذه الأيام.. الصحف تنشر كل يوم أخبار القتل والقتال والمعارك العنيفة في الجوف وعمران.. ونزوح آلاف الأسر من مناطق القتال، وأخبار القتلى في لحج والضالع وشبوة والاغتيالات المسلحة في حضرموت، والمسيرات والوقفات الاحتجاجية الغاضبة في عدن التي تطالب بسرعة القصاص من قتلة الطفلة البريئة شيماء، ومن حقنا أن نغضب ونندهش كثيراً عندما نقرأ هذه الأخبار المؤلمة.. ثم من يحارب من؟ ولماذا هذه الحروب؟ وهل هناك كلمة أخف وألطف من كلمة (حرب)؟ ولماذا ننظر من زاوية واحدة إلى هذه الحروب في كل مكان؟.. لماذا لا نحاول تدريب عيوننا على أن ترى أعمق وآذاننا أن تسمع أوضح.. لكي نعرف الأمور على حقيقتها؟.
< ثم لا بد أن نفتح عيوننا على الشمس لكي نراها ساطعة وواضحة.. وهذا يعني أننا يجب أن نرفض أن نجعل حاجباً أو حاجزاً بيننا وبين رؤية الشمس، وأن نكون مثل الفليسوف الإغريقي (ديوجين) الذي اختار أن يعيش ولو داخل برميل زبالة؛ لأن دنيانا كلها زبالة، وقد مارس ما تبقى من حريته في شكل البرميل، الذي يعيش فيه.. وعندما زاره الإسكندر الأكبر سأله: إن كان يريد شيئاً وهو ينظر إليه من فوهة البرميل فقال له الفليسوف: “فقط أن تبعد قليلاً لأنك تحجب عني الشمس”.. أي الحرية والحقيقة.
< هل انحسرت الدنيا عن الناس في بلادنا فلم يستطيعوا أن يروا الأشياء على حقيقتها؟ وهل الناس عاجزون عن فهم الحروب التي تجري في كل مكان وهي ماثلة أمام أعينهم؟ وما الذي سيطر على عقولهم ومداركهم؟ وهل انفصلوا عن الناس الذين حولهم وقطعوا كل وسائل الاتصالات فيما بينهم؟.. هل حدث انهيار دستوري في داخلهم فلا سلطة ولا إدارة ولا نظام ولا قانون ولا عرف ولا جدعنة ولا مروءة؟.
< إن الزمن الذي كان فيه الشعب يكتفي بأن يتفرج من بعيد ويصفق لن يعود ولن يرجع مرة أخرى ولو كره المارقون!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى