القرآن ومعجزاته

> محمد حسين دباء:

> آخر رشفة من ينبوع (سمو حسن النظم) نحتسيها قال تعلى: “أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ” (سورة النحل، 1) فاستخدم القرآن فعل للدلالة على غير زمنه، فـ “أتى” فعل ماضي، وكلمة “تستعجلوه” تدل على المستقبل.. فما هو السر في ذلك؟
الجواب.. هو أن الزمن يحكمنا ولكنه لا يحكم الله، نحن لدينا ماضي وحاضر ومستقبل، أما الله فهو الذي خلق الزمان والمكان فلا يحكمه زمان ولا مكان، فالماضي والحاضر والمستقبل مكشوف عنده بالسواء فعندما يتحدث عن مستقبلنا فإنه بالنسبة إليه كأنه ماضي، لأنه أعلم به.
وقال تعالى: “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ” (سورة الأنعام، 151)، وقال تعالى: “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم” (سورة الإسراء، 31)، كلتا الآيتين تنهى عن قتل الولد من الفقر، وكلتاهما تشير إلى أن رزق الآباء والأبناء من الله، ولكن هناك اختلاف في نهاية الآيتين.. فالأولى “نرزقكم وإياهم” فقدم الآباء على الأبناء، أما الثانية “نرزقهم وإياكم” قدم الأبناء على الآباء.. فما هو سر الاختلاف؟.
فلنُزل أي تفكير يقودنا إلى أن هذا الشيء ترادف، لأن الآية الأولى تخاطب الفقراء وتنهاهم عن قتل الولد بسبب الفقر، فلأنه فقير وجب “نحن نرزقكم” أيها الآباء الفقراء “وإياهم”، بينما الآية الثانية تخاطب الأغنياء وتنهاهم عن قطع النسل خشية وقوع الأولاد في الفقر، فلما كان الحديث عن الأبناء الذي قد يعانون الفقر وجب “نحن نرزقهم وإياكم”.
وقال تعالى: “وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (سورة المائدة، 116، 118،117)، العزة والحكمة في آية تتحدث عن المغفرة.. ما هو إعجاز ذلك؟.
عيسى عليه السلام يقول لله تعالى إن عذبتهم فإنهم عبادك والأمر يعود إليك، وإن تغفر لهم فلن يسألك أحد يا رب لم غفرت, فأنت العزيز الحكيم.. فكأنه يقول اغفر يا رب ولن يسألك أحد لم غفرت، فأنت حكيم في قرارك عزيز لا تراجع.. هذا والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى