رجال في ذاكرة التاريخ ..محمد سالم بن شامخ مبعوث جمعة خان إلى حسين المحضار

> نجيب محمد يابلي:

> ** الولادة والنشأه **
الفنان محمد سالم بن شامخ من مواليد حي الحارة بمدينة المكلا، حاضرة السلطنة القعيطية في 14 أكتوبر 1943 في بيئة فنية، فوالده سالم بن شامخ أطرب الناس بجمال صوته وإجادته لألوان الشبواني ؟والعدة؟ وبعد هجرته إلى كينيا حل محله ولده محمد الذي لم يتجاوز حينئذ التاسعة من عمره وكان يردد تلك الألوان مع مطربين قدامى، وشق محمد سالم بن شامخ طريقه على خطى والده المهاجر (محمد حمود: نشرة (الموروث)- العدد الصفر يونيو وأكتوبر 2001 - صادرة عن (جمعية تنمية الموروث ورئيس تحريرها نجيب مقبل. الصفحات 33/29).
** حسين البار يقدم بن شامخ لجمعة خان **
الأديب والشاعر الكبير وصاحب مجلة (الرائد) حسين محمد البار (1918-1965م) قدم بن شامخ للفنان الكبير محمد جمعة خان الذي غنى للشاعر البار رائعتيه (يازهرة في الربيع) و (يامن على البعد أهواها وتهواني) وخضع بن شامخ لاختبار صعب في الضرب على الإيقاع وارتاح له الفنان الكبير محمد جمعة خان وحثه بعد ذلك على تعلم العزف على آلة العود وعلمه الفنان المعروف أبو بكر التوي (شقيق القامة الموسيقية المعروفة صالح التوي) وقال أبو بكر التوي لأبن شامخ: "أنت مع الأستاذ الكبير محمد جمعة خان وهو مدرسة بحد ذاته فانظر إلى أنامله وهو يعزف" وتبع بن شامخ نصيحة معلمه فأجاد العزف وصار يؤدي ببراعة أغاني الأستاذ عزف وغناء (محمد حمود أحمد، مرجع سابق).
** حسين البار مع بن شامخ ونزهة يونس **
لم يخطء الشاعر الأديب حسين محمد البار عندما قدم بن شامخ لمحمد جمعة خان الذي قرب بن شامخ إليه وأصبحت العلاقة بينهما حميمية وتوسم البار خيراً في هذا الشاب فقدم له كلمات قصيدة (حبيبي ورد في غصنه) وأبدع بن شامخ في تلحينها وأدائها وقدمها للفنانة المعروفة نزهة يونس التي تألقت في أدائها ومتعت الناظرين بتذوق الأغنية عبر التلفازات العربية، كما متعت السامعين للأغنية عبر الإسطوانات والإذاعات العربية.
** انطلاقة بن شامخ مع أبي بكر التوي وعبدالرب أدريس **
تقدم محمد سالم بن شامخ وأبو بكر التوي وعبدالرب ادريس إلى إذاعة عدن عبر مكتبها بالمكلا بتقديم أنفسهم كمطربين راغبين في تقديم مساهماتهم الغنائية للإذاعة، وأرسل المكتب تسجيلاتهم الصوتية إلى إذاعة عدن مرفقاً بها نصوصها لأغان رمضانية وجاءت رسالة الموافقة ممهورة بتوقيع الراحل الكبير حسين محمد الصافي وتم التسجيل فعلاً في إذاعة عدن في بداية العام 1960م.
** حفل غنائي في عدن أجريت بروفاته في منزل عبدالعزيز باوزير **
أثناء رحلة التسجيل في عدن جاءت مجموعة من أبناء جمعية حضرموت الخيرية الاجتماعية لزيارة الفنانين بن شامخ والتوي في مقر أقامتهما في (فندق الجزيرة) العريق وطلبوا منهما المشاركة في حفلات خاصة لجمعية حضرموت لصالح بناء دار للجمعية في عدن ورحب الفنان الكبير محمد مرشد ناجي في المشاركة التي جاءت لصالح ريع الحفل لما للمرشد من شعبية كبيرة، وأجريت البروفات الخاصة بالحفلات في منزل الشخصية الاجتماعية المعروفة ورجل الأعمال عبدالعزيز سالم باوزير في مدينة الشيخ عثمان وهو والد الشخصيتين المعروفتين الفقيد فيصل وجميل (راجع مداخلة الفنان والباحث نجيب سعيد ثابت في نشرة (تنمية الموروث الشعبي - الصفحات 25/16).
بن شامخ
بن شامخ
** بن شامخ مبعوث جمعة خان إلى حسين المحضار **
كان (بوسالم) محمد سالم بن شامخ من العناصر المقربة كثير للفنان الكبير محمد جمعة خان وأصبح موثوقاً به لدى الرجل الكبير، وفي بداية ستينيات القرن الماضي انتشرت شعبية أغاني المبدع الكبير حسين أبو بكر المحضار ومنها أغنية (يارسولي) و (سهم بكف الإشارة) تحرك بن شامخ إلى الشحر للقاء الرجل الكبير المحضار (2000/1930م) نقل رسالة الرجل الكبير الآخر محمد جمعة خان للسماح له بتلك الأغنيتين واستمع بن شامخ إثناء اللقاء إلى الفنان سعيد عبدالمعين إلى ثلاث أغاني: (يارسولي) و (بكف الإشارة) و (ماعلى العاشق) وهي التي وافق المحضار على أن يؤديها جمعة خان، وبعد سماع بن شامخ لسعيد عبدالمعين وهو يؤدي الأغنية الرابعة (عنب في غصونه) طلبها من المحضار وأجاز المحضار طلبه وسجلها (بوسالم) في إذاعة عدن وكان هو أول من سجلها وقد أكد هذه القصة الرجل الكبير حسين المحضار في مقابلة تلفزيونية مع الأخ صلاح بن جوهر في لقاء خاص بثته قناة عدن في نهاية التسعينات (نجيب سعيد ثابت - مرجع سابق - ص 24).
** بن شامخ في ذاكرة صالح التوي **
ذاكرة المبدع الكبير صالح عبدالله التوي عامرة بالذكريات التي سطرها في الصفحتين (46) و (47) من نشرة (تنمية الموروث الشعبي) (مرجع سابق) حيث أفاد بأن الله عز وجّل أسعدهما (هو وشقيقه المبدع المعروف أبو بكر التوي) بمصاهرة محمد سالم بن شامخ، حيث تزوجا من شقيقتيه وأصبحوا بفضل من الله أسرة واحدة.
وأفاد أن حفلاً غنائياً كبيراً أقيم في نادي التنس العدني في أوائل خمسينات القرن الماضي وشارك فيه الفنانون محمد مرشد ناجي، وأبو بكر التوي، ومحمد سالم بن شامخ لصالح الجمعية الحضرمية في عدن.
وفي إفادة أخرى كتب التوي بأنه تعرف على الأخ صالح علي العماري في عدن وهو من أبناء دوعن ومقيم في المملكة العربية السعودية وشجعه على عمل اتفاقية مع الفنانين بن شامخ وأبو بكر التوي لتسجيل عدد من الأغنيات في بيروت وتم ذلك فعلاًَ وغادر المذكوران بعد ذلك إلى مصر، ومنها إلى مقديشو في الصومال وقدما العديد من السمرات وعادا إلى أرض الوطن في أواخر عام 1964، وعزم بن شامخ السفر إلى عدن لإكمال زواجه الثاني من بنات إحدى الأسر في القلوعة (المعلا) وغادر بن شامخ المكلا إلى عدن بمعية الفنان صالح التوي.
ويفيد التوي بأن بن شامخ تلقى دعوات لأحياء سهرة فنية في حفل زواج (مخدرة) في شقرة وتوجها بعد ذلك إلى زنجبار، عاصمة السلطنة الفضلية وأصر عدد من أبناء أبين على إن يقدم بن شامخ سهرتين فنيتين في دار سينما زنجبار وشاركه الفنان الشاب عوض أحمد، أما الفنان سعيد الشعوي فقد شاركه في الأمسية الفنية في شقرة.
** بن شامخ في مسرح البالون مع كارم وشريفة وهدى سلطان **
أثناء تواجد بن شامخ في قاهرة المعز شارك في حفل في ساهر أقامه مسرح البالون في مصر وغنى أغنية (يابلادي) التي كتبها ولحنها هناك وكان من نجوم الحفل كارم محمود وشريفة فاضل (محمد حمود أحمد - مرجع سابق).
** بن شامخ يحط الرحال في عدن عام 1969 **
انتقل فناننا الكبير بن شامخ (أبو سالم) إلى عدن في العام 1969 ليستقر فيها بحكم عمله عازفاً في الفرقة الموسيقية للحرس الجمهوري وعمل فيها لمدة تسع سنوات وانتقل بعد ذلك إلى وزارة الثقافة وارتبط بعلاقات اجتماعية واسعة مع فنانين وأدباء وشعراء ومنتديات وكنت أراه يومياً يتردد على مقهى عبدالله صالح بجوار سوق اللحم في الشيخ عثمان والذي ضم إلى جانب مقهى الشجرة المجاور له أكبر تجمع للاعبين الكرويين والسلويين وألعاب الساحة ورفع الأثقال والملاكمة، إضافة إلى مشجعين، والأحاديث والنقاشات كلها ذو شجون، وأبو سالم يدلي بدلوه، وتحولت تلك اللقاءات إلى لقاءات إدمان التصق بها أبو سالم حتى يوم وفاته.
أما الشاعر والكاتب والشخصية الاجتماعية المعتبرة علي حيمد فقد أفاد في مداخلته (الصفحات 37/34) بأن بن شامخ قدم أجمل الألحان لفنانين كبار أمثال: عوض أحمد وعبدالكريم توفيق وعبدالرحمن الحداد وأنور مبارك وسعيد أحمد بن أحمد وعبدالله الصدح وفضل الكريدي وياسين علس وفايزة عبدالله وفاروق عبدالقادر، حيث غنى له عبدالكريم توفيق أغنية (إيش هذي الحلاوة، وإيش هذا الجمال) والتي غناها أيضاً الفنان الراحل ياسين علس وغنى له توفيق أيضا أغنية (العيون السهارى) وغنى له عبدالرحمن الحداد (من أجلكم عشنا) وغنى له أنور مبارك (الهوى وانت وانا والحبايب حولنا) وغنى له ياسين علس (عيني على الزين)، وغنى له فضل كريدي من كلماته وألحانه (العيش والملح) وغنت له فايزة عبدالله (من اليمن نازلين) وأخيراً غنت له الفنانة أروى ذات الأصل اليمني أغنية (بليل سحرني جماله) مع استبدال كلمة بليل بكلمة أسمر مع تغيير بسيط في اللحن.
** بن شامخ في ذاكرة الفنان والموسيقي نديم عوض **
الموسيقي المعروف نديم عوض قدم شهادته للتاريخ عن الفنان محمد سالم بن شامخ (مرجع سابق - ص 38 و 39) تحدث فيها عن زيارته للمكلا مرافقاً للفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم في العام 1965 ودعاهما بن شامخ إلى وجبة عشاء في منزله وكان بن شامخ من أشد المعجبين بالفنان أحمد قاسم.
يضيف نديم بأنه سافر مع الفنان بن شامخ إلى عدد من البلاد العربية والأجنبية منها ليبيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وقاما بتأدية العمرة في الأراضي المقدسة وعاشا فيها أكثر من ثلاثة أشهر كصديقين حميمين.
يختتم نديم شهادته بأنه كان في غاية الامتنان من (أبوسالم) عندما اختاره شخصا أولاً في رحلته الفنية إلى باريس وكان فيها موفقا في تعريف الأجانب والعرب هناك بالفن اليمني، وباللون الحضرمي في زيارته تلك، وكانت آخر مشاركاته مع بن شامخ في مهرجان الأغنية الحضرمية.
هل يتحقق طلب أحمد بو مهدي؟
في سياق مداخلة الشاعر والكاتب المعروف أحمد رحيم بو مهدي (مرجع سابق - الصفحات 13/11) قال: "وهناك مطلب خاص وهو على الأخوة الدارسين في علم الموسيقى أن يكتبوا عن محمد جمعة خان وعن الأستاذ محمد سالم بن شامخ حتى يتبين لنا مدى الشبه بين الأستاذ والتلميذ وهذه اشياء ملحة، ويجب أن تكون ويجب أن يهتم بها الدارسون ويكتبوا عنها ويكتبوا عن بن شامخ الشاعر".
** بن شامخ في موكب الخالدين **
انتقل فناننا الكبير محمد سالم بن شامخ إلى رحمته تعالى يوم 26 يناير 2003م وخلّف وراءه تراثاً لا يستهان به وأصدقاء ومحبين (لا حصر لهم) وأرملة وولدين (سالم ورياض) وأبنة زوجته التي عاشت في كنفه وتحت رعايته حتى وفاته -يرحمه الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى